يتوقف المستقبل القريب لكرة القدم المغربية، على نجاعة ودقة منظومة العمل التي سيرسي دعائمها الويلزي روبيرت أوسيان المعين حديثا كمدير تقني وطني جديد، والذي قال فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن التعاقد معه يعتبر إنجازا كبيرا لكرة القدم، لأن من يأتي اليوم للإشراف على مؤسسة الإدارة التقنية رجل خبير وله معرفة عميقة بمجال التأطير التقني، بل إنه يعتبر واحدا من أحسن المكونين على مستوى الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، والجامعة جد محظوظة لأنها نجحت في استقطابه للعمل بورش ضخم ومصيري.
الورش الأول: فريق العمل
يأتي أوشيان روبيرت لتقلد مهام مدير تقني وطني، والإرث الذي خلفه سلفه ناصر لاركيط بعد خمس سنوات من العمل، ليس قويا ولا غنيا، ذلك أن الإخفاقات فيه فاقت بكثير النجاحات، ودليل ذلك ما انتهى إليه الإفتحاص الذي قام به مكتب دولي للدراسات، من خلاصات سلبية عن طرق التدبير وعن محصلة المنتخبات الوطنية السنية.
وتأسيسا على نتائج هذا الإفتحاص أفرغت الجامعة، الإدارة التقنية الوطنية من كل الأطر التي اشتغلت بها على عهد ناصر لاركيط، مكونين ومؤطرين تقنيين.
ما يعني أن أول ورش سيشتغل عليه المدير التقني الجديد هو تحديد فريق العمل الذي سيشتغل معه بالتطابق مع نوعية المشروع التقني الذي توافق بشأنه مع الجامعة.
والمؤكد أن تعيين فريق العمل ومن بعده تعيين المدربين الذين سيقودون المنتخبات الوطنية السنية، سيبرز إلى أي حد سيكون المدير التقني متطابقا مع رصيده المهني الغني، وقدر الإحترافية التي سيكون عليها لتجاوز الإملاءات والتأثيرات العاطفية، بخاصة وأن عهد لاركيط شهد صنوفا من هذه التجاوزات والإختلالات التي أفرزت تعاقدات مزاجية مع أطر لم تقدم جديدا.
الورش الثاني: المنتخبات الوطنية
وبعد الإنتهاء من تحديد فريق العمل وتعيين الأطر التقنية التي ستشرف على المنتخبات الوطنية السنية، سيدخل أوشيان روبيرت الورش الصعب والمصيري، ورش المنتخبات الوطنية السنية التي يتطلع جميعنا إلى أن تكون المرحلة القادمة مختلفة عما سلف، عن مرحلة اجتاحتها الإقصاءات نتيجة ما هو موجود أصلا من عيوب في منظومة التكوين.
والحقيقة أن الجامعة تعول كثيرا على مهنية وتراكمات روبيرت أوسيان، لتجاوز كل مظاهر الخلل في منظومة التكوين، بل إنها تنتظر منه إرساء دعائم منهجية جديدة للتكوين تمكن اللاعب المغربي من تثمين مهاراته الفنية المكتسبة ووضعها في قالب من الأداء الجماعي الذي يمكن هذه المهارات من التفوق في محيطها القاري.
ووضع هذه الهوية التقنية، مشروط أولا بوضع استراتيجية متكاملة لتأطير المدربين مختلفة عن تلك التي سادت المرحلة السابقة وشابتها الكثير من العيوب، ومشروط ثانيا بتفعيل الأكاديميات ومراكز التكوين للإرتفاع بمنظومة التكوين إلى المستويات العالمية.
الورش الثالث: منظومة التكوين
وغير المنتخبات الوطنية السنية التي ننتظر منها عبر المقاربة التقنية التي سيرسيها المدير التقني الوطني الجديد، أن ترفع في السنوات الأربع القادمة الكثير من التحديات لكسب رهان المنافسة وتفادي إدمان الخروج من الأدوار الإقصائية الأولى، فإن عهد روبيرت أوسيان سيكون موشوما برهان أكبر، هو إرساء دعامة تكوين أكاديمي من المستوى العالي، يستطيع في فترة زمنية قياسية، أن يمنح كرة القدم المغربية مؤطرين ومكونين حصلوا على تكوينات من المستوى الرفيع بتطابق كامل مع ما هو سائد في أوروبا التي تتقدم على ما عداها من القارات في التأطير التقني.
إن الأمر مرتبط بحجم وكثافة وعمق مضامين هذه التكوينات الرياضية والعلمية، لذلك سيكون على المدير التقني الوطني وضع منظومة متكاملة للتكوين، لطالما أن أي إقلاع كروي في شموليته لن يتحقق إلا بوجود نظام تكوين عصري وحديث ليس فيه أي نوع من المجاملة أو المحاباة، ولكن فيه التزام صارم بالمعايير العلمية التي حققت النجاح لمنظومات تكوين بأوروبا وكان أوشيان روبيرت نفسه، إحدى إفرازاتها..
تلك إذن هي الأوراش المستعجلة والمصيرية التي تنتظر أوشيان روبيرت، بعد فترة المعاينة والإستقراء التي دامت شهرا ونصف الشهر.