مذبحة غزة وإبادة طفولة
الخميس 14 غشت 2014 - 14:49كيف لا يدمى القلب ولا تدمع العين من الذي يشاهده العالم من أقصاه إلى أقصاه منقولا من غزة الإباء والكرامة والصمود، من صور لأطفال عزل يغتالون في مقتبل العمر ولنساء يرملن مع إطلالة أولى ساعات الفجر ولشيوخ تقذفهم الصواريخ فتحيلهم إلى أشلاء، بلا أدنى وازع أخلاقي ولا إنساني ولبنايات تتهدم بأبشع صورة ليصبح المكان خرابا، كيف لا ينهض الضمير الإنساني من سباته ليتخطى في ردع هذا العمل الإجرامي الذي تأتي به إسرائيل في واضحة النهار، عبارت التنديد والشجب ودعوات ضبط النفس ويأتي بالموقف الذي يحمي الإنسانية من شرور الإبادة.
إن الطفولة التي يرتعب العالم بكل منظماته الإنسانية عندما يداس لها على طرف بل ويجرم كل من يذهب إلى ترويعها أو إلى التحرش بها، هذه الطفولة تذبح من الوريد إلى الوريد في فلسطين، تعاقب بأبشع صورة على ذنب لم ترتكبه وتغتال هكذا في واضحة النهار، والعالم أمامها واقف لا يرف له رمش ولا يهتز له خاطر ولا يتكدر له بال.
أشاعوا عن ليونيل ميسي ما أشاعوه، إلا أنه خرج مرعوبا من جحره ليؤدي الرسالة الموضوعة على أكتافه هو من نصب إلى جانب عشرات من نجوم الفن والرياضة سفيرا للنوايا الحسنة، ويطلق صوت التنديد والإستنكار من كل هذا الذي ينكل بأطفال فلسطين وهم في ذروة الحلم وفي قمة البراءة، فمنهم من يحرم من نعمة الحياة ومنهم من يكبد للأبد بعاهة مستدامة ومنهم من ييتم في الوالدين، فهل هناك حرب إبادة أكثر وأبشع من هذه؟ وهل هناك فعل إجرامي أكثر قذارة من هذا يرتكب في حق الأطفال العزل؟
أتمنى على الرياضة وعلى كرة القدم التي جعلت قبل أسابيع للعالم مائدة للفرجة حولها تجمع الأطفال الحالمون بالحياة، أن تبادر بالفعل إلى تحرير أصوات الشجب والتنديد من حبالها ومعاقلها وتواجه الغطرسة الإسرائيلية بما تقتضيه الأعراف الإنسانية ومواثيق الأمم المتحدة وبما يحمل به سفراء النوايا الحسنة من رسائل لوقف هذه الإبادة الأبشع في تاريخ الإنسانية الحديث.
...............................................................................................
حسنا فعل عبد العزيز برادة عندما إنتقل معارا من الجزيرة الإماراتي إلى أولمبيك مارسيليا الفرنسي، فما ينتظره منه المنتخب المغربي لكرة القدم هذا الموسم يستحق فعلا مثل هذه التضحيات.
ليس القصد أن أنضم لأولئك الذي يعاملون البطولات في الخليج العربي بنوع من الإزدراء والتنقيص من القيمة وهم أعرف الناس أن بعض هذه البطولات الخليجية تتفوق فنيا على بطولتنا الإحترافية، ولكن القصد أن عبد العزيز برادة الذي يمثل للفريق الوطني قيمة فنية كبيرة ومرتكزا من مرتكزاته البشرية بات بحاجة ماسة إلى مستوى تنافسي يربطه ربطا مباشرا بالإيقاعات المرتفعة، وأصبح أحوج ما يكون لتكتمل جاهزيته وتنافسيته إلى بطولة يكون فيها الإيقاع على درجة عالية جدا.
شخصيا ما كنت أفضل أبدا أن يعرج عبد العزيز برادة وهو في مقتبل العمر وفي سن تحتاج إلى الحضور باستمرار في المستويات العالية على البطولة الإماراتية برغم أنها كانت على الدوام قبلة لكبار نجوم العالم، فقد كان برادة الذي توسمنا فيه خيرا بعد الحضور القوي مع المنتخب الأولمبي في دورة لندن قبل سنتين مستأنسا بأجواء البطولة الإسبانية التي تتمتع بخاصية الإيقاعات المرتفعة، وكان بمقدوره لو إستمر لاعبا لخيطافي أن يطور بالليغا هامش إمكانياته أكثر مما حصل معه في الإمارات عندما إنضم للجزيرة، ولو أن هذا الذي حدث لم يكن برغبة ولا بإيعاز من برادة نفسه، فعندما تكون لاعبا تابعا لأي فريق فأنت سلعة يفترض أن يدفع بها لأي فريق آخر كلما دعت الضرورات المالية والإقتصادية لذلك.
وإذا كان اللعب لفريق بمرجعية وقيمة وخصوصية أولمبيك مارسيليا يمنح لعبد العزيز برادة فرصة التلاقح مجددا مع بطولة من المستوى الرفيع لتخصيب المخزون التنافسي وللوصول إلى درجة متقدمة من الجاهزية البدنية، ليوضع ذلك كله في خدمة الفريق الوطني المقبل بعد خمسة أشهر من الآن على كأس إفريقية للأمم بمثابة رهان وطني، فإن الإنتماء لفريق مثل أولمبيك مارسيليا بطبيعته المعقدة وبفسيفسائه وأيضا بنسب الضغط التي توضع على الأكتاف يفرض على عبد العزيز برادة أن يعود نفسه على الوصول لأقصى درجات الجهد، وهذا الأمر يستدعى حضورا دائما للبديهة وحرصا على التواجد دائما في المقدمة.
في نجاح عبد العزيز برادة مع نادي أولمبيك مارسيليا إفادة كبيرة للـمنتخب الوطني.
...................................................................................................................
بصرف النظر عن النتائج التي تفرزها المباريات الودية التي تخوضها الأندية الوطنية الأربعة التي قررت تحضير نفسها من خلال معسكرات خارجية بإسبانيا والبرتغال، والتي لا تمثل قيمة في ذاتها برغم من أهميتها النفسية، فإن الإستئناس بالمناخات الكروية الأوروبية والتواجد أحيانا إلى جانب أندية عريقة من شأنه أن يفتح عيون اللاعبين على ما نعنيه دائما بالسلوك والفكر الإحترافي الذي يجب أن يأتي به اللاعبون وقد إختاروا بحكم الموهبة أن تكون كرة القدم مهنة لهم، هناك حقائق كثيرة يقف عليها اللاعبون في تحضيراتهم الخارجية التي يهنأ مسؤولوهم على أنهم وفروها برغم ما يعيشونه من خصاص محرض على ربط الحزام.
من هذه الحقائق الوصول إلى ذروة المعاناة لتجهيز البدن والفكر لموسم كروي شاق، ومنها أيضا النفع العميم الذي تأتي به المرافق الحديثة من إمكانيات طبية لاستعادة الأنفاس بعد كل تدريب شاق، ومنها أيضا ما يجده اللاعبون المغاربة عند الإحتكاك بأندية أخرى من جدية وانضباط وقتالية من أجل فرض الذات، ففي الإحتراف الأوروبي لا وجود للمتخاذلين ولا وجود للمتكاسلين ولا وجود لمن يضمن رسميته سلفا من أجل سواد عيونه.
في النهاية المعسكرات الخارجية لا يمكن أبدا أن تكون ترفا أو إستقواء أو هدرا للمال، إنها مجال خصب للتعلم.