لوف: أعلم ما يمكننا تحقيقه
الأحد 08 يونيو 2014 - 12:38باتت لمسة يواكيم لوف واضحة منذ مدة طويلة على المنتخب الألماني الذي يبهر الجميع حول العالم بأسلوب لعبه الجديد الذي يتنفس إبداعاً وإثارة. لكن المدرب الوطني ابن الرابعة والخمسين ما زال لم يبلغ غايته بعد. فهو يتطلع خلال نهائيات كأس العالم البرازيل 2014 المرتقبة بشوق كبير إلى التتويج أخيراً مع بطل العالم ثلاث مرات بأول لقب بطولة دولية كبرى في مشواره، وبالتالي اعتلاء عرش كرة القدم العالمية.
خصص لوف حيزاً من وقته للحديث مع موقع FIFA.com عن فلسفته التدريبية ومشاعره وتطلعاته بخصوص العرس العالمي المقبل ولقائه المميز مع يورجن كلينسمان إلى جانب سعيه لخلق المزيج المثالي بين الإبداع والنشاط الكبير في الجري.
موقع FIFA.com: يُعرف عنك في جميع أنحاء العالم بأنك دائماً ما تقوم بإعداد فريقك بشكل دقيق. فالمرء ينبهر بقدرتك على جعل فرقك جاهزة في الوقت المناسب. إلى أي درجة يمكن التخطيط للنجاح في نظرك؟
يواكيم لوف: هناك بعض الأشياء التي يمكن التخطيط لها مثل معدلات اللياقة البدنية ومسارات الجري والسلوك التكتيكي. ويمكن التخطيط للنجاح حتى درجة معينة. بإمكاننا وضع الأسس لتحقيق النجاح وبذلك الرفع من احتمالية النجاح. وهذا ما عملنا عليه بشكل مكثف في المعسكر التدريبي الذي أقمناه في جنوب تيرول. وأنا راض جداً على أداء اللاعبين والطريقة التي تفاعلوا بها وبذلهم كل ما في وسعهم. كان المعسكر التدريبي جيد جداً من الناحية الرياضية، لكن حتى المعسكر التدريبي المثالي لا يمكن أن يقدم الضمان لتحقيق النجاح كما لا يمكن أن يضمن الفوز باللقب في كأس العالم.
أنت مقبل على خوض رابع بطولة دولية كبرى في مسيرتك كمدرب رئيسي. هل يصبح المرء أكثر هدوءاً مع مرور الوقت؟ وهل تسبب لك النهائيات العالمية رغم تجربتك الواسعة الكثير من التوتر والضغط على دكة الإحتياط؟
كلما اقترب موعد البطولة أصبحت هادئاً أكثر، وذلك لأنني أعرف وأثق أننا فكرنا في كل شيء. وحتى الآن يمكنني التعامل بشكل جيد جداً مع هذا النوع من حالات الضغط، حتى أنني أستمتع بها أحياناً. وأتطلع بكل فرح لكل المباريات التحضيرية والحصص التدريبية وكل ما ينتظرنا في البرازيل. إنه حدث عظيم أن يعيش اللاعب أو المدرب أو المتفرج أيضا أم البطولات في بلد الساحرة المستديرة.
يعود الفضل لك بنسبة كبيرة أن يتمكن المنتخب الألماني منذ دورة جنوب أفريقيا 2010 من إبهار العالم بأسلوب كروي جديد تطغى عليه النزعة الهجومية والفرجة والحيوية. إلى أي مدى يشعرك ذلك بالفخر؟
ليس الفخر بل بالأحرى الرضا والبهجة. تمكنا كفريق من الدفع بهذا التطور إلى الأمام. لكن كمدرب يكون المرء دائماً مرهوناً بنوعية اللاعبين الذين يملكهم. ونحن محظوظون لأن التطور الكروي في ألمانيا يسير في وتيرة إيجابية منذ عدة سنوات. ولهذا أدين بالشكر أيضاً لمجهودات الأندية ومراكز تكوين الناشئين التابعة لها. اللعب الجماعي يعمل بشكل نموذجي في كرة القدم الألمانية، وليس جرأة كبيرة مني القول إن الأسلوب الكروي الذي يلعب به المنتخب الوطني لا يُقدّم إلا في المنتخب الوطني.
إلى أي مدى يعتبر صعباً على المدرب اللعب بشكل هجومي وفي نفس الوقت اعتماد المواصفات "القديمة" مثل النشاط الكبير في الجري والقتالية؟
هذا الأمر ليس صعباً على الإطلاق. إن المواصفات القديمة تعتبر اليوم راهنة أكثر من أي وقت مضى. لم نقم أبداً بإهمال هذه المواصفات، لكننا نجحنا في جعل الإبداع والبساطة والمتعة في اللعب في الوقت نفسه مواصفات خاصة بالمنتخب الألماني. إذا أردنا تحقيق النجاح في البرازيل، يتعين علينا جمع كل هذه الخاصيات في أسلوب لعبنا. يعلم اللاعبون هذا الأمر، وسبق لمعظمهم خوض بعض المباريات والبطولات الكبرى، وهم يعلمون كيف ينبغي التصرف عندما يتعين التغلب على تحد كبير كهذا.
لم يُظهر المنتخب الألماني دائماً في الآونة الأخيرة سيطرة كبيرة في الجانب الدفاعي. أي جانب يلزم التركيز عليه خلال الإستعدادات لكأس العالم ؟ أين وصل فريقك حالياً في تحضيراته؟
قمنا بتحليل المباريات التي لعبناها في السنتين الأخيرتين بشكل دقيق. ففي الإنتقال من الدفاع إلى الهجوم تراجع إيقاعنا قليلاً. لكن من الأكيد أن التركيز خلال التحضيرات منصب على تصحيح هذا الخلل. لا يجب أن نغير أسلوب لعبنا، ففي المنتخب الوطني لدينا فلسفة كروية نؤمن بها كليا. وعلينا خلال التحضيرات مساعدة اللاعبين الجدد على استيعاب هذه الفلسفة. وبالطبع سنولي أهمية خاصة للعب الدفاعي، وهذا ينطبق على جميع جوانب الفريق، وليس الدفاع فقط.
في عام 2006 وبصفتك مساعداً للمدرب الوطني آنذاك يورجن كلينسمان كنت حاضراً لجانب المنتخب الألماني عندما خاض غمار البطولة على أرضه. ما هي الذكريات المميزة من البطولة التي ما زلت تحتفظ بها إلى غاية اليوم؟ وهل ستكون استضافة كأس العالم هذا العام عاملاً سلبياً بالنسبة للبرازيل نظرا للضغوط المتعلقة بما هو منتظر منهم أم ستكون عاملاً إيجابياً بسبب الحماسة الكبيرة؟
ليس لدي ذكرى خاصة حيث كانت الإنطباعات بهذا الخصوص كثيفة ومتنوعة. كانت البطولة بالنسبة للجميع تجربة مميزة وفترة مكثفة ورائعة وناجحة. وابتداءاً من المباراة الأولى في مدينة ميونيخ وصولاً إلى الذروة العاطفية مع مباراة تحديد المركز الثالث والأجواء في شتوتجارت والإستقبال في برلين. لقد كنا طوال البطولة محمولين على موجة من الحماسة. ولهذا فإن الوضع بالنسبة للبرازيل مختلف، لأن البرازيل تعتبر المرشحة الكبرى في نظر البرازيليين أيضاً. فنحن تمكنا في السابق من تقديم مفاجأة سارة للناس، وتمكنا من تجاوز ما هو متوقع منا. أما المنتخب البرازيلي فلا يمكنه سوى أن يكون في مستوى التوقعات.
أثّرت أنت وكلينسمان بكل تأكيد في مسيرة بعضكما البعض. سيكون هناك لقاء خاص للغاية بين شخصيتين مميزتين عندما تواجه ألمانيا المنتخب الأمريكي في 26 يونيو في مدينة ريسيفي. كيف هو شعورك أن يتحول فجأة إلى خصم لك؟
ليست هذه المرة الأولى، فلقد سبق أن عشت هذا الوضع في إطار الجولة الأمريكية التي قمنا بها في الصيف الماضي. لكن ومن الواضح أن الرهان أكبر بكثير هذه المرة. إنني أشعر بالسرور دائماً عندما ألتقي مع يورجن، علما أن التواصل ظل دائماً وثيقاً بيننا. فأنا أقدر رأيه، وبالنسبة لي من المهم دائماً أن أسمع لتصوره عن حالات وأوضاع معينة. ولا يتعلق ذلك دائماً بكرة القدم. يورجن هو مدرب قوي للغاية ويتمتع بقدرات عظيمة. إنه شخص إيجابي ومنفتح دائماً لكنه أيضاً مدرب يهتم بالتفاصيل ويبذل كل ما لديه لتحقيق النجاح. كان تعاوننا جيداً كفريق خلال الفترة التي عملنا فيها معاً، فقد كانت حافلة بالأحداث ومؤثرة. أعرف الأشياء التي أدين بها ليورجن.
هناك بعض الخبراء يتحدثون عن نهاية عهد التيكي تاكا. وآخرون يتكلمون عن عودة خط الدفاع الثلاثي. ما هي التوجهات التكتيكية الجديدة التي تتوقعها في البرازيل؟
لدينا منظومتنا الخاصة، ونحن مقتنعون بها. وأهم جزء في هذه المنظومة هو المرونة، وهي أيضاً النزعة التي أتوقعها في البرازيل. ويتعين على المنتخبات أكثر من أي وقت مضى أن تكون قادرة على تبني أنماط متنوعة على مستوى التوجه التكتيكي. فلم يعد كافياً في الوقت الحالي إتقان منظومة واحدة فقط.
قلت مؤخراً في حوار مع الموقع الإلكتروني لاتحاد كرة القدم الألماني وبكل وضوح "نريد أن نصبح أبطال العالم". ما الذي يمنحك الثقة في قدرة فريق هذا الجيل على التتويج باللقب العالمي في البرازيل، لأول مرة منذ عام 1990 وبعد الإكتفاء مرتين بالمركز الثالث في العرس العالمي؟
لاعبو فريقي هم من يمنحوني هذه الثقة. ولدي الثقة الكاملة في كل لاعب ومؤهلاته. أعلم ما يمكننا تحقيقه، وأعلم أنه لدينا فرصة لتحقيقه. لكنني لست نبياً، وليس هذا واجبي. حتى وإن وعدت باللقب، لا يعني ذلك أننا سنتوّج بكل تأكيد باللقب العالمي. ما ينبغي قوله هو أننا نريد أن نصبح أبطال العالم. وسنبذل كل ما في وسعنا، ونحن نرغب في اللعب بشغف وروح قتالية ونمنح البهجة لأنصار كرة القدم الألمانية. لكن لا يمكنني القول إننا سنصبح أبطال العالم.
كيف تتوقع أجواء نهائيات كأس العالم البرازيل 2014 ؟
سنشارك في كأس العالم ببلد تحمل فيه كرة القدم بُعداً مختلفاً. ولقد لمست حماسة عظيمة خلال كأس القارات التي أقيمت العام الماضي. ففي البرازيل تملك كرة القدم قوة أصيلة. ففي كأس القارات كانت الأجواء مبهرة، وستكون أفضل خلال العرس العالمي. وأتطلع بكل سرور لمشاهدة أفضل اللاعبين في العالم في منافسة مباشرة بينهم. أتوقع أن ترتقي كرة القدم في البرازيل إلى مستوى جديد. فاللعبة تواصل التطور كما يواصل اللاعبون والمنتخبات تطورهم. تجمع بطولة كأس العالم أفضل الفرق، والتنافس مع الأفضل يمثل فرحة عظيمة. وستكون البرازيل بشعبها الودود مستضيفة عظيمة للنهائيات العالمية.