لقجع وحصار الأسئلة
الإثنين 21 أبريل 2014 - 12:30لم يكن هناك ما يستدعي على الإطلاق أن يعيش فوزي لقجع شهر عسل إحتفاءا بانتصاره لحلم أن يصبح يوما رئيسا لأقوى الجامعات الرياضية وأكثرها تأثيرا في المشهد الرياضي الوطني، بل والأكثر إستئثارا باهتمام الرأي العام الوطني بكامل أطيافه، ما كان مخولا لفوزي لقجع أن يمضي سحابات الأيام الأولى له كرئيس للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في تلقي التهاني والتبريكات والدعاء الصادق بالصبر على ما تبطنه المسؤولية من مفاجآت وما يمكن وصفه بنوائب الدهر، لأن الخمسة أشهر التي قضتها الجامعة في عهدة مكتب فيدرالي قام بتصريف الأمور ليس إلا، فوتت قدرا ليس باليسير من الزمن في مباشرة الكثير من الأوراش الساخنة، فتعطل العمل في بعضها واستحال اتخاذ أي قرار بشأن بعضها الآخر وبخاصة ورش الفريق الوطني الذي يعيش إلى اليوم منفيا بلا ربان وبلا خارطة طريق هو من سيمثل أحلام شعب بكامله في كأس الأمم الإفريقية التي نستضيفها مطلع العام القادم.
أحالت الظرفية المثقلة بالأسئلة وبالإنتظارات أيضا الرئيس الجديد للجامعة مع فريق العمل على العمل فورا، فغداة الجمع العام الإنتخابي إلتأم لقجع علنا بمن سيرافقونه في رحلة البحث عن مكان تحث الشمس في مقر الجامعة وجرى توزيع التكليفات طبقا للمنصوص عليه في النظام الأساسي وانطلق القطار فعليا برغم أن لقجع وحوارييه إشتغلوا بشكل إستباقي على العديد من الأوراش، ومع الهندسة الأولية لتركيبة الجامعة وطبيعة المهام الموكولة للأعضاء التسعة الذين إنتخبهم الجمع العام للعمل إلى جانب فوزي لقجع، يصبح ممكنا أن ننجز قراءات أولية للمحتوى وللمضمون وأيضا لآليات الإشتغال المفترضة.
مؤكد أن فوزي لقجع أنصت جيدا للصدى المنبعث من كل الجحور ووقف بعقل من يحتكم أساسا لصوت العلم في تفسير الظواهر وخلص إلى ما يمكن أن يساعده أولا على اختراق نقص التجربة لديه ولدى كل مكونات المكتب المديري بتركيبته الحالية والذي يعالج في الغالب بالإحتكاك القوي مع الواقع وثانيا إلى ما يمكن أن يجعل فريق العمل صورة من طموحه وفكره وشغفه المعقلن، فحتما هناك مسافة فاصلة تزيد وتنقص بحسب طبيعة تكوين الأشخاص بين تسيير النادي وتسيير الجامعة، بين أن يكون العضو قد أمضى سنوات أساسا في خدمة ناديه وبين أن يصبح هذا العضو في خدمة كرة القدم الوطنية، فالعبور الفكري والرياضي يتطلب مجهودا خارقا هو ما عبر عنه فوزي لقجع بنكران الذات وبتغليب المصلحة الوطنية وبالإنتصار للقيم الجماعية في العمل، وكلها قيم سيمتحن فيها الرجال التسعة لفوزي لقجع عندما يضطلعون بالمهام المناطة بهم على مستوى اللجان، وعندما يخيطون لأنفسهم جلباب التواصل مع محيطهم الكبير قبل الصغير وعندما تقتضي منهم المراحل أن يشدوا أزر رئيسهم ولا ينفصلون تحث أي سبب إلا ما كان وجيها عن مركب العمل.
شخصيا لا أريد أن أصدر من الآن أحكام قيمة عن هؤلاء الذين إختارهم فوزي لقجع بقوة ما يفرضه القانون وبالإحالة على واقع المشهد الكروي الوطني المفتقد منذ زمان للقيادات الرياضية الوازنة، ليكونوا شركاء حلم وطريق، ولكنني أصر على الإنتباه جيدا إلى الإعاقات الوراثية التي يمكن أن تجعلنا ذات وقت نقول بأن حالة الترنح والفشل سببها أن هذا المكتب المديري خرج مائلا من جمع 13 أبريل، فالحاجة اليوم ماسة إلى أن نعرف جوابا لأسئلة كثيرة هي:
بأي سرعة قرر فوزي لقجع أن يسير في تدبيره اليوم لجامعة كرة القدم المصابة بأكثر من علة؟
هل السرعة التي إختارها إحتكاما لمقدراته الفكرية والعلمية ولسقف الطموح العالي لديه يستطيع كل من ركب قطار المسؤولية معه أن يتحملها؟
ما نوعية الخطاب الذي سيبعث به لقجع للمغاربة في صورة تعهدات مرقمة لا مجال فيها للعواطف، برغم أن جميعنا يعرف أن المشهد الكروي يبنى أساسا على كم كبير من الشغف والحماس؟
كيف سيرفع لقجع عنه وعن فريق عمله الحرج الذي تتسبب فيه المراهنة بشكل مطلق على ورش الفريق الوطني، مع أنه ليس سوى تحصيل طبيعي لنوعية العمل المنجز في كل الأوراش التي لها طبيعة هيكلية وقاعدية؟
ما هي الوثيرة التي سيسير بها لقجع ومن معه من أجل تنزيل العصبة الإحترافية وعصبة الهواة من دون نذوب ومن دون تشوهات بعيدا عن المحاباة وجبر الخواطر؟
إذا ما آمنا بأن اللجان القضائية والدائمة المنصوص عليها في النظام الأساسي هي ما يجسد هذه الثقافة التشاركية التي تحدث عنها لقجع وهي ما يضمن للجامعة إنخراطا كبيرا لكل مكونات عائلة كرة القدم، فما هي المعايير التي ستتحكم في اختيار من يرأس هذه اللجان؟ وهل جرى قبل هذا وذاك التداول في صلاحيات واختصاصات وفلسفة عمل هذه اللجان، ما دام أن هذه الثوابت هي التي يقوم عليها انتداب من يعمل بهذه اللجان بالإحتكام للأهلية وللنزاهة الفكرية ولروح الإختصاص؟
وسأنتهى إلى طرح السؤال الكبير الذي عليه يتوقف المستقبل القريب لهذه الجامعة..
كيف قرر فوزي لقجع أن يتواصل مع محيطه الصغير ومع المغاربة الذين يعنيهم اليوم بشكل كبير أمر جامعة كرة القدم؟
ليس مطلوبا من فوزي لقجع أن يكون سخيا في توزيع الحوارات على وسائل الإعلام الوطنية والدولية بمناسبة أو بغير مناسبة لنقول أنه رجل تواصل بامتياز، وأنتم مثلي تعرفون أن للرجل فصاحة هي من صميم تكوينه العلمي والفلسفي وسعة أفقه المعرفي ما يساعده على الإفصاح بشكل جيد ومفهوم للجميع عن خوالج فكره، ولكن ما هو مطلوب منه أن يهيئ من موقعه كقائد للجامعة إستراتيجية للتواصل لها طبيعة شمولية، إستراتيجية تحدد بدقة قواعد اللعبة إنتصارا لشيء واحد هو أن يكون المغاربة عن طريق قنوات الإتصال المتمتعة بكامل المصداقية على علم بما أنجز وما ينجز وبما تحدده الأولويات وبسقف الأهداف أيضا.
لقد وقع فوزي لقجع يوم الثالث عشر من أبريل بانتخابه رئيسا جديدا لجامعة كرة القدم عقدا معنويا ووطنيا مع المغاربة يفرض عليه أن يكون معهم أمينا في رسم الأهداف وفي العمل الصادق من بلوغ هذه الأهداف، لذلك هم يحتاجون منه أن يكون على تواصل معهم، يطلبون ممكنا ولا يطلبون مستحيلا.