سنوات التسونامي
الإثنين 04 يناير 2016 - 15:06لو لم أكن شاهدا على هذه الرداءة التي تعمر بيننا، لما صدقت أن هذا الذي يقع للرياضة عالـميا ووطنيا هو من صنع أيدينا، ولقلت أنها مجرد هلوسة أن يأتي الحديث عند رصد أحداث سنة 2014 الرياضية، عن ملعب رصدته كاميرات العالم وقد غمرته المياه من دون أن يجد لها تصريفا، فاستعان أصحاب الشأن بالكراطة وقطع الإسفنج المتورمة لسحب مياه الأمطار المتكومة فسحبتهم غضبة الشعب إلى دكة البدلاء ليعلنوا إعتزالهم تدبير الوزارة بحقيبة وزير.
وأن يختص الحديث ونحن نرحل اليوم سنة 2015 بالكامل للذاكرة لتصبح بأيامها وشهورها مجرد عناوين، عن إعصار بمقاسات مختلفة ربما هي أكثر شراسة وفداحة مما سبق، فجوزيف بلاتر الذي حرر للمغرب رسالة تنويه وعرفان وقد نظم باقتدار النسخة 11 لكأس العالم للأندية متحديا غضبة الطبيعة ومطر العار الذي غمر أرضية مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، يجد نفسه بعد عام بالتمام والكمال قد أحيل كرها على التقاعد وقد ضربه زلزال الفساد فأجتاه على ركبتيه وسحب منه رئاسة الفيفا التي نال معركتها في كونغرس مطبوخ، بل وأصدرت في حقه لجنة القيم التابعة للفيفا التي كان الحاكم والآمر والناهي فيها، عقوبة الإيقاف لثمان سنوات.
أما عاد هناك من شيء نؤرخ به سنواتنا الرياضية غير هذه الرداءات؟
أما عاد ممكنا أن ننتقي للسنوات الرياضية غير هذه الفضائح وبراكين الفساد المتفجرة هنا وهناك لتكون لها عنوانا ومؤشرا؟
كيف لسلطة التأريخ التي نملكها كنقاد أن تغض الطرف عن كل الإنجازات الرياضية التي تتحقق للأبطال وبعضها يأتي في صورة إعجازات، ولا تتعلق إلا بهذه الفضائح التي تنزف بها المؤسسات الرياضية الكبرى؟
الجواب على هذه الأسئلة بسيط ولا يحتاج لطول تفكير، فما يحدث اليوم على مسمع من الكل من سقوط لصروح رياضية تمنعت وعلت على سلطو القانون والضمير، هو إشهار لجريمة أبدا لم يطلها الضمير العالمي، جريمة إرتكبها أولئك الذين وصلوا لسدة الحكم الرياضي وأقاموا متاريس قانونية تحجب عنهم كل عاديات الزمن، وبعد أن تحصنوا في مواقعهم أصبحوا يتاجرون في عرق النجوم وفي القيم الرياضية وفي كل الخوارق الرياضية التي يبدعها رياضيون خارقون.
كان أجمل ما عشناه كمغاربة سنة 2015 تلك الميدالية الذهبية التي أحرزها البطل المغربي محمد ربيعي إبن حي البرنوصي ببطولة العالم للملاكمة بقطر، كتعبير صريح على أن الرياضة الوطنية بمقدورها أن تلد لنا أبطالا حتى وإن جفت المنابع وحتى إن أدركنا حقيقة التهميش الذي نمارسه على رياضة المستوى العالي في زمن أصبح فيه الأبطال يصنعون في المختبرات، وفي مقابل ذلك كان من أتعس لحظات السنة، تلك التي علمنا فيها بالحقيقة الصادمة التي خرجت من جراب الفيفا السري بحكم ما كان من استنطاقات للضالعين في قضايا الفساد، حقيقة أن المغرب تعرض لمؤامرة دنيئة إنتزعت منه حق تنظيم كأس العالم 2010 ومنحته بطرق ملتوية لجنوب إفريقيا، ليكون التاريخ قد أنصفنا جميعا لما قلنا وقتها بأن المغرب ذهب ضحية مؤامرة دنيئة وواجهنا وقتها البعض بالقول أننا نوهم الناس ونغطي على الفشل بذرائع شفافة وواهية.
تحتاج الرياضة وطنية كانت أم دولية إلى قدر عال من الحكامة الجيدة لعقلنة تدبير المؤسسات، وتحتاج إلى إرادة معبر عنها لإعادة هذه الرياضات لصناعها بعد أن أكل المتاجرون بالقيم اللحم ولم يتركوا إلا العظم.