القراءات الأربع لفوزي لقجع
الإثنين 07 دجنبر 2015 - 19:19فتح الخروج الإعلامي الحصري لرئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم السيد فوزي لقجع على أعمدة «المنتخب» متحدثا عن المقاربات التي إعتمدها في التعاطي مع التأهل القيصري للفريق الوطني لدور المجموعات الأخير والحاسم عن التصفيات المونديالية، شهية الزملاء الإعلاميين كل من موقعه وكل من زاويته لقراءة ما كان ظاهرا في لغة الخطاب وما كان مضمرا، ما كان واضحا لا خلاف عليه وما هو محمول على التأويل.
بالقطع لا قبل لي بضرب ما جرى الإجتهاد بشأنه، ولا الفصل بين ما كان إجتهادا صحيحا وما لم يكن كذلك، إلا أنني أجد حاجة لأجتهد كغيري في قراءة ما ورد على لسان رئيس الجامعة، علنا نتبين جميعا النوايا والخلفيات وأيضا الأبعاد والتبعات.
كأي مسؤول مباشر عن الجامعة وتحديدا عن الفريق الوطني الذي يوجد تقليديا في طليعة الأولويات، يحتاج رئيس الجامعة بين الحين والآخر إلى مساءلة الإطار التقني وكل محيط الفريق الوطني عن عمل أنجز خلال فترة زمنية معينة، في صورة تقييم موضوعي هادف بالأساس إلى ضبط سرعة السير والتأكد فعليا من أن هذا الفريق الوطني بما يعطاه من إمكانيات يسير فعلا في الإتجاه الصحيح، ولما كانت مباراة باطا بغينيا الإستوائية قد أنهت قرابة سنة ونصف من عمل الناخب الوطني السيد الزاكي بادو ومثلت لنا جميعا العينة التي يمكن إفتحاصها مجهريا لمعرفة ما إذا كان هذا الفريق الوطني قد حقق الإنتظارات، فقد كانت تلك المباراة بكل تداعياتها فرصة لإنجاز هذه المكاشفة والتي يفترض أن تجمع رئيس الجامعة بوصفه المسؤول الأول عن الفريق الوطني والناخب الوطني باعتباره المسؤول الأول عن الشق التقني وعن كل ما يأتي من نتائج.
قد تكون مباراة باطا بندوبها وبهواجسها وبكم القلق الذي تركته لدى الجماهير هي ما عجل بهذه المكاشفة، إلا انه بمعزل عن كل هذه السياقات تبقى هذه المصارحة فعلا صحيا هو من لزوميات علاقة التكامل القائمة بين مكونات الفريق الوطني، فما أنتجته الأشهر الثمانية عشرة من ولاية الزاكي يحتاج إلى تقييم وتقويم ومساءلة، ليس الهدف منها التوبيخ والإذاية ولا تقليم الأظافر، ولكن الغاية منها تبين الحالة الراهنة واقتراح حلول لإشكالات لا خلاف على أن الفريق الوطني يعيشها إن تقنيا وإن إستراتيجيا.
ومع الإقتناع الكامل للسيد فوزي لقجع الوصي المباشر على الفريق الوطني بأهمية هذا التقييم المرحلي في ضبط مستقبل الفريق الوطني القريب، فإننا نتفهم جيدا حرص رئيس الجامعة على أن تكون القراءة التي تسبق المعالجة والإفتحاص مستوفية لكل شروط الموضوعية والنزاهة والإحاطة الكاملة بالمناخ التقني للفريق الوطني،
لذلك كان اللجوء لتنويع مصادر الفهم وتخصيب المعطيات والإنفتاح على أكبر قدر من الآراء لتكتمل الصورة ويصبح ممكنا عند الجلوس لطاولة المكاشفة أن تحضر الأسئلة البناءة التي ليس الهدف منها هو الإيقاع بالمدرب الوطني ولكن الهدف هو المساهمة في تطوير العمل.
نتفق على أن الناخب الوطني الزاكي بادو ما زال مستجيبا بالكامل للأهداف المتعاقد عليها مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فهو مؤهل لدور المجموعات الأخير الذي سيسمي المنتخبات الخمسة التي ستكون سفيرة للكرة الإفريقية في مونديال 2018 بروسيا، وهو أيضا متصدر لمجموعته المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017 بعد إنقضاء جولتين من الجولات الإقصائية الست، إذا لا مجال للحديث عن أن هناك خرقا لأي من الأهداف المتوافق عليها بات يستوجب قرارا مصيريا يرتبط بمن يدير الفريق الوطني تقنيا، إلا إذا كان قد تجمع لفوزي لقجع من المعطيات الأولترا رياضية والتي لا يمكننا الوصول إليها، ما يفرض الإنفصال عن الزاكي، ثم إن المكاشفة والمساءلة التي يعرض الزاكي عليها وأظنه يملك القدرة على الإذعان لها بالشكل الذي يدعم أطروحاته الرياضية والتكتيكية، لا يمكن أبدا وصفها على أنها إذلال أو تقليم للأظافر أو توبيخ، إنها سلوك وظيفي لا هو شاذ ولا هو غريب عن أي عمل وظيفي يقوم تدبيره على أساس فكر إحترافي.
إن بين فوزي لقجع رئيس الجامعة والزاكي بادو الناخب الوطني إحتراما أساسه إلتزام كل طرف بظاهر ومضمون العلاقة القائمة بينهما، فإن آمن لقجع بوجود خطوط حمراء يجب التوقف عندها لكي لا يكون هناك تعد على الإختصاصات، فإن الزاكي يؤمن أيضا على أنه معرض باستمرار للمساءلة وللمكاشفة التي لا تفسد للإحترافية وللتكامل أي قضية.
إن للسيد فوزي لقجع الذي يقر باحترافية الزاكي في تمثل كل الوظائف المناطة به، كما يقر الزاكي بمناخ الثقة الموجود والمفروض من قبل لقجع، لفوزي لقجع الحق الكامل في أن يبدي إسوة بكل المغاربة قلقا إزاء ما كان في مباراة باطا أمام غينيا الإستورائية، بل إن منصبه كرئيس للجامعة يلزمه بأن يطرح أسئلة المرحلة القلقة بمطلق الإيجابية ليحصل على أسئلة شافية من المدرب والناخب الوطني، بما لا ينال من علاقة الإحترام القائمة بين الرجلين وبما يخدم مصلحة الفريق الوطني الذي يحلم المغاربة باليوم الذي يتصالح فيه مع الزمن الجميل، زمن الإنجازات والنجاحات.
هكذا يجب فهم الاشياء والخلفيات والنوايا والله أعلم.