نقد أم ضرب مبرح؟
الإثنين 23 نونبر 2015 - 13:54نبدي من الغضب ما يدل على حالة القهر النفسي التي أصابتنا والمنتخب الوطني يوقع على تلك المباراة الكارثية أمام منتخب غينيا الإستوائية بباطا ويمر بمحاذاة إقصاء كان سيكون ضربة قاصمة للظهر، فالأمر مستصاغ ولا اعتراض عليه.
وأن نمارس نقدا ذاتيا قاسيا وعنيفا على النفس وعلى المنتخب الوطني بكل مكوناته وبخاصة على الناخب الوطني، فهذا أمر مشروع لا خلاف عليه بل سيكون ضرورة ملحة لتصحيح ما كان من إختلالات وهفوات وتدارك ما كان من أخطاء.
ولكن أن يستغل هذا الجرح من يختفون وراء الستائر تحينا للحظات الوجع، ليزيدوا في غلغلة السكين إلى الحد الذي يفتح الجرح ولا يغلقه وليحطموا الصرح بالكامل فوق رؤوسنا باعتماد لغة هابطة أقرب إلى الردح منها لأي شيء آخر، فهذا ما لا يجب أن ينساق وراءه المغاربة لأنه في النهاية سيعدم كل الآمال وسيدوس على كل العمل الذي أنجز لأشهر بعد سنوات من الضياع.
هالني أن أسمع لهذا الحشد من الشكوى والصراخ والكلام البديئ في معالجة إشكال تقني وفني وكروي لا بد وأن يعالج بكل الحكمة من قبل ذوي الإختصاص من دون أن يشرع الباب في وجه من يفتقدون لكل أدوات التحليل الموضوعي ويستغلون إفتقار موائد التحليل عندنا إذاعيا وتلفزيا إلى قيم فكرية، لينهشوا العظم وليضعوا المغاربة أمام سلخانة لا تنزه فيها مصلحة الفريق الوطني ومصلحة كرة القدم الوطنية.
لو نحن جئنا بقوم آخرين وأسمعناهم هذا الذي يقال ويكتب عن الفريق الوطني من دون أن ندلهم على ما كان باعثا على هذا الردح، لقالوا أن هذا الفريق الذي يسمعون عنه ما لا تطيقه الأذن وما لا يقبل به العقل أقصي من كأس العالم بما تستحي الألسن من ذكره، مع أن المنتخب الوطني الذي يصوب نحوه السياط من كل جانب مؤهل لدور المجموعات وسيكون بين المنتخبات العشرين التي ستتنافس على خمس بطائق مؤهلة لنهائيات كأس العالم 2018 بروسيا.
هناك فارق كبير بين وطنية وموضوعية تتحكم في نقد أداء الفريق الوطني بغينيا الإستوائية، غرضها البناء وتصحيح الإختلالات والقفز على المثبطات وبين نرجسية وعدوانية تركب التحليل الفني لمباراة الأسود بباطا فتحيله لغاية الأسف إلى ساحة للإسفاف والتضليل، ويكون الضحية الأول فيها هو الرأي العام الرياضي الوطني.
مؤكد أننا لا نتفق مع هذا الذي أحدثه الزاكي داخل المنتخب الوطني بباطا مهما كانت له من مبررات تقنية وتكتيكية، لطالما أننا كنا على الدوام نتمنى أن يسير الفريق الوطني حثيثا في ترسيخ نواته الصلبة ونهجه التكتيكي وخلق مزيد من الترابطات الفنية للوصول إلى هوية اللعب التي إفتقدها الأسود منذ مدة طويلة، إلا أننا لا نتفق على تسفيه كل العمل الذي قام به الزاكي لمجرد أنه أخطأ القراءة والتقدير، ولا نتفق على أن نرمي لعرض البحر بكل الأشهر التي قضاها الزاكي في ترتيب أوراق هذا المنتخب.
ستسأل الجامعة كمستخدم وكوصي مباشر على الفريق الوطني المدرب الزاكي بادو عن هذا الذي حدث بباطا وهو يعيد نشر الشكوك حول الأسود، ولكن الحكمة التي تحضر اليوم في تدبير المنتخب الوطني لن تسمح بأي تهور ينادي به البعض، فالزاكي ماض في تحقيق الأهداف المنصوص عليها في عقده، فالفريق الوطني مؤهل اليوم لدور المجموعات المطل مباشرة على نهائيات كأس العالم 2018 ومتصدر لمجموعته مع الرأس الأخضر عن تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2017، وإن سئل الزاكي عن شيء فإنه سيسأل عن هذه السحب التقنية الداكنة التي إنتشرت فجأة في سماء المنتخب الوطني، وبالطبع فإن إذابة هذه السحب لن تكون مسؤولية الزاكي لوحده بل مسؤوليتنا جميعا، والله من وراء القصد.