ماندوزا وتاريخ «الـماص»
الثلاثاء 17 نونبر 2015 - 13:39قد أكون متفقا مع العراب ماندوزا وهو يدافع باستماثة واستبسال ويلبس ثوب الـمحامين للترافع على أبناء وداديته والأطر الـمغربية ويحاول جاهدا أن يكفل لها غطاء الكرامة والعيش الذي يغنيهم عن السؤال بعد ترك الجلد المدور وصخب دكة احتياطه..
وقد أشاطره الرأي أن يخرج كل مرة بقفشاته الساخرة لاستحضار جوانب الإختلاف بين ما هو متاح لأجانب يغرفون من زاد رؤساء الفرق وأطر وطنية تعيش الكفاف والعفاف وترضى بما عافه السبع وتقتات من الحد الأدنى للأجر كما هو حال سمير يعيش بالقنيطرة..
لكن ما أختلف فيه وهو اختلاف الرحمة بطبيعة الحال مع السيد ماندوزا هو أن يبالغ في الترافع، فيأخذه الحماس والإنتصار لأشقائه ظالمين أو مظلومين أكثر من اللازم.
وما فعله ماندوزا مؤخرا وهو يستميث في طرح الدفاع عن الطوسي وينزهه عن الخطأ والزلات حتى كاد بعض من أنصتوا لـمداخلته بــ «راديو دوزيم» يصابون بالدوخة، ويتساءلون إن كان صديقنا الرائع رزق الله يتحدث عن الطوسي أو عن واحد من رجال الله وأوليائه الذين لا يأتيهم الباطل من أمامهم أو خلفه..
و أختلف أيضا أن ينصب ماندوزا نفسه طرفا مدنيا كل مرة يسقط فيها مدرب من مدربي القبيلة في أخطاء تقديرية أو تقريرية، فيسفه الفرق ويلعن المسؤولين ويصف حوارييه بالكمال ويقر بأخلاقهم الفاضلة فيقرض فيهم شعرا و نثرا..
لا يا ماندوزا، ليس الطوسي من صنع تاريخ «الـماص» وإن كان رضا الزعيم والذي لم يكن زعيما بمعنى الكلمة وحسرتي كبيرة أن ينصب فريق المغرب الفاسي من يتكلم باسم تاريخه العريق وهو فريق مدينة علم من لا يجيد الدفاع عنه.
حسرتي كانت على الزعيم الذي لقنه ماندوزا في نفس البرنامج الأثيري دروسا في محو الأمية و قال له بصريح العبارة «راك باقي صغير وفطريق النمو»، والمعروف أن من يكون في طريق النمو هو متخلف بطبيعة الحال و للأسف ظهر رضا بعلامات الرضا وجاءت مداخلته مشلولة وسقيمة وبلا إقناع.
أتفق مع ماندوزا على أن رجال «الـماص» أقروا برشيدهم العلمي على أن الطوسي رحل عن الفريق قبل شهر، وأتفق معه على أن رضا الزعيم نفسه خرج مرارا في تصريحات أثيرية ليؤكد مفاوضة مكتب «الـماص» لمدربين أجانب ومغاربة وتم استهلاك وترويج أسماء رنانة كانت مجرد مسكنات وحبات أسبرين لابتلاع غضب «الـماصاويين» الذين يراقبون سفينة فريقهم الذي كان هرما فتهاوى تغرق للموسم الثاني تواليا، في تقاطع مثير بين التقشف المبالغ فيه وسوء التدبير وكذب الوعود وحكاية الأكاديميات ومراكز التكوين والتعاقدات الكبيرة التي كذبتها الأيام.
لـ «الـماص» تاريخ مضيء يا ماندوزا لم يصنعه الطوسي ولا حتى من أتى قبل الطوسي، تاريخ يحفل بأسماء عملاقة يضيق المجال لحصرها وبإسهامات كبيرة يعرفها الصغير والكبير وخلالها كان الطوسي مجرد تلميذ ينهل من علم المدارس ولا رابط أو صلة له بعالم التدريب..
ولعل ماندوزا يعرف أكثر مني من يكون المغرب الفاسي ومن هم رجال المغرب الفاسي وكيف كان «الـماص» قبل مجيء الطوسي بسنوات، ومن أتاح للطوسي على زمن وعهد بناني أن يبني مجده وبأي طريقة تم ذلك.
من كان بنفس المداخلة هو الفقيه محمد النصيري والذي عايش حقبة ألقاب الطوسي وكان شاهد عصر على كواليس وطبخات الثلاثية السرية والمجهودات الكبيرة التي بذلت كي يعتلي المغرب الفاسي بوديوم القارة بلقبين ويتوج بكأس العرش.
وجدت السي النصيري محرجا، وأنا أتتبع 30 دقيقة من الفنطازيا التي مارسها ماندوزا في مبارزة غير متكافئة بالمرة مع الزعيم الذي بدا في تلك الوصلة وكأنه مستيقظ لتوه من النوم أو كمن تلقى ضربات موجعة على الخد، فعجز عجزا مزمنا عن الرد واكتفى بتذكيرنا بتاريخه وانتمائه لسلاسة «الـماص» ولم يدافع بالشكل المثالي والصحيح عن تاريخ «الـماص» وسلالتها الأصيلة التي تعلقت بالألقاب قبل مجيء الطوسي.
لست مؤهلا لإسداء النصح للرائع ماندوزا وهو المختمر التجربة والخبرة والعارف بأصول اللعبة وأسرار الحوارات والتي يديرها كلما حل ضيفا باقتدار ودهاء وأحيانا بسيطرة مطلقة على فصولها..
لكن وجدت وأنا الذي واكبت مرحلة دقيقة من تاريخ «الـماص» وهي تتزين بقلادة الثلاثية التاريخية أن أستحضر ما لقيصر في هذه الحقبة وكان بناني هو قيصر الفترة وبامتياز كبير مرفوقا بمكتب مسير صنديد وقوي ورجال أوفوا لـ «الـماص» حقها عكس بؤسها وسواد ليلها الحالي.
ختم ماندوزا مداخلته بــ «راديو دوزيم» وهو يطلب من معد الحلقة أغنية «أنت معلم» لكونه أحس بنشوة النصر وهو ينتصر لطرح الطوسي..
لو كان الزعيم في قمة لياقته لأتى بالرد اليقين والبيان والتبيان ولأكد لكبير الودادية أن «الـماص» أكبر من أن يصنعها مدرب أو رئيس حتى ولو كان اسمهما يتطابق في معنى واحد وهو رشيد..