فاخر «سبيشل وان»
الجمعة 06 نونبر 2015 - 16:37الزمان الدوار والقدر الساخر أبيا إلا أن ينصفا هذه المرة جنرال المدربين المغاربة وكبير المتوجين وصائد الألقاب والبطولات محمد فاخر، بعد أن دار هذا الزمن حول نفسه دورة طويلة وكاملة ليقدم لهذا الإطار الوطني فرصة رد الإعتبار والإنتصار للكرامة بعد 10 سنوات بتمامها وكمالها على قرار «الحكرة» الشهير.
يناير 2016 سيكون فرصة سانحة كي يحقق فاخر ما عجز عنه يناير 2006، وبين الزمنين والتاريخين أكثر من مفارقة وقاسم مشارك ولو مع اختلاف السياق والرهان.
حالفني الحظ كواحد من شهود العصر أيام الزمن الجميل للكرة المغربية أن أكون شاهدا على مكالمة غير عادية تمت بين فاخر ومسؤول كروي كبير شهر دجنبر أواخر 2005، وهي فرصة لأعيد سرد الواقعة والرواية لمن فاته إدراكها.
يومها كان فاخر يصنع للجيش الملكي زخرفا وربيعا كرويا ومجدا أحيى به أمجاده السابقة، فقد توج في هذه السنة العساكر بلقب البطولة بعدما أجبروا جماهير الرجاء بقلب مركب محمد الخامس على حرق أعصابهم وبلع حبات الأسبرين ليهدأوا، حين حطم فاخر والفريق العسكري حلم تتويجهم بلقب البطولة بعقر الدار بهدفين لصفر.
عاد بعدها العساكر بشهور قليلة ليغرقوا دلافين نيجيريا في مستنقع ثلاثية رائعة بأقدام أجراوي والسراج وليتوج الفريق بكأس «الكاف»، وقبلها فقط بشهور قليلة أيضا كان الجيش قد هزم الوداد في نهائي مكرر لكأس العرش للمرة الثانية تواليا وأبقى الكأس الفضية في خزائنه.
لكل هذا الزخم من النتائج والإنجازات وللهيبة التي أطل بها العساكر محليا وقاريا والتي كانت من صنع فاخر، وهو الذي قدم للفريق ووجده مفصولا عن الألقاب لــ 13 سنة كاملة، إذ يعود آخر لقب لفترة الإيطالي أنجليلو أواخر ثمانينيات القرن المنصرم، ليتسلم فاخر مقود القيادة عن الفرنسي آلان جيريس والذي كان يومها العساكر معه يشبهون الفريق الحالي في تواضعه وإخفاقاته، وليعيد فاخر عجنه وصناعته بطريقته الخاصة.
خلال هذا اليوم كنت آخذ تصريحا من فاخر بعد هزمه لاتحاد تواركة بالبطولة لينهي البطولة في خريفها بطلا وهو في طريقه للقب آخر.
حمل له الحبيب العزيزي الكاتب العام للفريق آنذاك هاتفه النقال، وبغمزة يفهمها الإثنان فقط فهمت بدوري أن المتصل شخص غير عادي بالمرة.
استأذنني فاخر لدقائق واختلى بنفسه بعيدا وبعدها عاد ليقول لي» أكمل في تصريحك وليكن سبقا «سكوب» أنني قد لا أواصل مع الفريق العسكري لأني تلقيت أمرا لتدريب المنتخب الوطني المقبل على استحقاق كأس إفريقيا بمصر بعد فترة قليلة جدا من الآن».
يومها كان صديقنا الفرنسي تروسيي قد أخلى بنا الوعد وترك الأسود في عرض الشاطئ تتلاطمهم الأمواج، ليقرر الرحيل وبطريقة غير احترافية وهو الذي عوض الزاكي دون أن يدلي لنا ببيان الطلاق ولا لماذا بهذا التوقيت بالذات؟
رحل فاخر لمصر على رأس منتخب وطني مشتت، أقول مشتت لأن السيد تروسيي وهو يحل مكان الزاكي الذي كان قد ترك إرثا محترما عمد لاستدعاء 40 لاعبا بالتمام والكمال لمعسكر المعمورة وكأنه ينقب عن المواهب في برنامج هواة، ليخلط الحابل بالنابل وترتبك الأمور.
كان أمام فاخر خيار واحد لا ثاني له هو اعتماد نفس بطاريات الزاكي السابقة للإقلاع، لكن صادفه مشكل كبير لو تذكرون تمثل في كونه كان ملزما بإعادة شيبو ونيبت وكلاهما ابتعد عن الأسود في آخر فترات الزاكي لأسباب يعلمها الكل وانتداب الركراكي المبعد وضم لاعبين ببصمته الخاصة للفريق.
لا الوقت كان يسمح لفاخر بالقيام بعمله على أكمل وجه، ولا هو كان بموقع يسمح له بأن يرفض نداء الوطن بعد الهاتف القوي الذي تلفقاه ونحن بالمجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله، ولا حتى بعض الإعلام والجمهور ولاعبين محترفين انقلبوا عليه بتوجيهات محكمة من خلف الستارة، رحمه وتعامل معه بالإنصاف اللازم والواجب لشخصه.
رحل فاخر ليقبل على مجموعة وصفت بمجموعة الموت بالقاهرة أمام مصر المستضيفة و التي ستتوج لاحقا، بطلة بعد أن فازت في جميع مبارياته بالدورة إلا مباراتها مع الأسود (0ـ0) وكنا الأقرب للفوز في كثير من لحظاتها، ومع كوت ديفوار الوصيفة أيام قوة كوت ديفوار وشباب دروغبا وهدف من جزاء قاتل وتعادل آخر مع ليبيا في مباراة شكلية..
بعد هذا كان لزاما أن نصبر على فاخر أكثر ونمنحه فرصة إظهار علو كعبه، وبالفعل قاد الأسود في مسار صحيح ومثالي للتواجد في «الكان» الموالي بغانا ومن دون خطأ، وفي الوقت الذي ضبط أسوده على نحو جيد، أبى بعض الإنتهازيين والمنافقين الذين رصدوا أخطاء فاخر فلم يجدوها، وتسببوا في كوارث الكرة في هذا البلد إلا أن يحرموا الرجل من السفر لغانا وتعويضه بالفرنسي هنري ميشيل بغرابة شديدة..
لم ينتفض فاخر ولم يتمرد قبل القرار، ورحل ميشيل لـ «الكان» في وقت كان فاخر يعد بالمنافسة على لقب هذه الدورة بعدما اوجد تشكيلا رائعا، وعاد ميشيل أولا بعد أن «زار وخفف».
باختصار، برواندا وبعد مرور 10 سنوات سيحاول فاخر الفوز باللقب القاري ولو لفئة المحليين، سيبذل أقصى ما يستطيعه بعد أن ظلت غصة حرمانه من دورة غانا لعقد كامل بحلقه.
لو يفعلها فاخر ويضيف للمغرب هذا اللقب، يومها سيستحق مني دون شك لقب» السبيشل وان» بعد لقبي الجنرال والإمبراطور ..