زلزال في خنيفرة
الأربعاء 26 مارس 2014 - 11:45دعونا من شعر النقائض الذي يحط اليوم في ساحة الوداد بين الرئيس الفعلي القابض بيد من حديد على رئاسة ناد مرجعي وبين إدريس الشرايبي الذي يتزعم ما يسميه باللجنة التصحيحية ويثير غبارا من الإستغراب والشك في سلامة النوايا، وتعالوا نقرأ بإمعان ما طالعنا به مساء يوم السبت الماضي وشباب خنيفرة يتخلص بأعجوبة من فريق الإتحاد الإسلامي الوجدي ويحقق الفوز الذي أبقاه وحيدا في المركز الثاني بفارق أربع نقاط عن المتصدر إتحاد الخميسات وبفارق ست نقاط عن إتحاد طنجة المحتل للمركز الثالث.
كان متوقعا أن نشهد فاصلا من إحتفالات خنيفرة التي يقترب شبابها من تحقيق ما يمكن وصفه بالإعجاز، أي الوصول لأول مرة في تاريخها إلى القسم الوطني الأول، لولا أن المدرب الشاب هشام الإدريسي طلب إمهاله قليلا قبل التوقيع على ردة الفعل، بما ينبئ بوجود قنبلة موقوتة ستنفجر لتتطاير شظاياها فتصيب بالعمى.
بعد دقيقتين عاد هشام الإدريسي، وعوض أن يثني على لاعبيه الذين استبسلوا في المباراة ليحصلوا على نقاطها الثلاث وعوض أن يهنئ محيط شباب أطلس خنيفرة بكتابة صفحة جديدة في الملحمة التاريخية أفرغ بلكنة غريبة كما هائلا من المعاناة وترك الشريان ينزف فأراق دما غزيرا يدل على تقيح الجرح، فقد شهدت المباراة بكل هوامشها جناية من النوع الذي تعاقب عليه كل شرائع الغيرة على المدينة.
لا تظنوني مغاليا ولا تتصوروا بأنني بصدد كتابة ملهاة متخيلة، إنها الحقيقة الغاضبة التي تصيب بالصدمة والتي يمكن أن نجملها في المؤامرة وفي تحرش صريح من أعداء النجاح، بل إن الأمر يفوق ذلك بكثير لأنه يعدم بلا وجه حق آمالا صممها لاعبو شباب خنيفرة ومدربهم ومسيريهم بالعرق وبالكفاح وبنكران ذات أيضا.
كان لاعبو شباب خنيفرة في لحظة الإحماء التي تسبق المباراة عندما انتفضت فئة من الجماهير الخنيفرية في أوجههم ورمتهم بما لا يحتمل من العبارات الجارحة والكلمات الساقطة والتهم الرخيصة التي ينتفض لها الكبيرياء.
ولولا أن هشام الإدريسي كانت له على اللاعبين سلطة أدبية أقرب للأبوية بحمولاتها العاطفية لكانوا أمعنوا في قرارهم بمقاطعة المباراة لأن ما سمعوه أكبر من أن يطاق ويسكت عليه، وكان هشام الإدريسي نفسه يظن أن الأمر ليس سوى نزوة عابرة لا يقاس عليها، وأن من رموا بتلك الكلمات النابية لا علاقة لهم بالجماهير الخنيفرية التي إمتدحها هشام ذات وقت واعتبرها الوقود المحرك للإرادات، لولا أن الأمر افتضح بالكامل والمباراة تقترب من نهاية شوطها الأول والفريق الخنيفري يجد صعوبة كبيرة في تحطيم جدارات الإتحاد الإسلامي الوجدي الدفاعية، فقد عاود الجمهور بشكل مثير للإستغراب رمي اللاعبين بتهم كثيرة بين بيع المباريات وبين التقصير في أداء الواجب وكل هذا يصدر إلى أسماع اللاعبين بتطريزات كلامية من معجم لغوي ساقط.
ولأن أي مدرب خبر جيدا لغة الملاعب سيوجه لاعبيه إلى إخراج كل ما في جعبتهم من أجل إخراس المشككين وإسكات أصوات الشر والرد المفحم على السفهاء، فإن هشام الإدريسي زرع الجنون في لاعبيه فأنجزوا المهمة بأن صمموا جولة ثانية سجلوا فيها هدف الفوز وكسبوا نقاط المباراة وتركوا المدينة بكاملها تغلى كالمرجل بعد أن جهر المدرب هشام الإدريسي بقرار الإستقالة، وهو القرار الذي دعمه رئيس شباب خنيفرة عندما تجاوب مع ردة الفعل وقال: «كلنا راحلون وليأت من شجعوا على هذه الفتنة ليهدموا ما بنيناه لسنوات بالعرق والإيمان والشغف أيضا».
لا يستطيع أن يقنعني أحد بأن هذا الإنقلاب الفجائي سببه أن جماهير شباب خنيفرة شعرت ببداية نهاية حلم الصعود للبطولة الإحترافية والفريق يستعصي عليه الفوز مع بداية مرحلة الإياب، فمن له ذرة عقل سيعترف مع نفسه أن شباب خنيفرة الصاعد لتوه من بطولة الهواة يحقق ما هو من قبيل الإعجاز عندما يقف اليوم ونحن على بعد 10 دورات من نهاية الموسم في طليعة الأندية المرشحة للصعود إلى حظيرة الكبار.
لذلك أقول أن ما عاشته خنيفرة يوم السبت وقد أصبح محرضا على قرارات إحترازية وعقابية لا يمكن أن يكون بريئا، فهناك للأسف نواة شريرة نبتت في محيط فارس زيان تريد أن تفسد الزرع وتجهز على كل الأحلام، نواة يحرض عليها أعداء النجاح.
على خنيفرة أن تعرف جيدا كيف تخلص نفسها من شباك المؤامرة وكيف تحمي شبابها من أعراض الفتنة وكيف تنأى بأحلامها عن أعداء النجاح وتبقى كما عرفناها في نقاء وعنفوان الأطلس.