وطنية زياش !
الثلاثاء 06 أكتوبر 2015 - 11:24راقني كثيرا ما أفاض المهاجم المغربي حكيم زياش من حسه الغالي اتجاه وطنه المغرب في سابقة من نوعها عندما غيّر قميص هولندا نحو حمل القميص الوطني بأغلى التضحيات المطروحة اليوم في سياق الجدل الذي خلقه الدولي المغربي القادم بهولندا وما وضع مسؤولي الجامعة الهولندية بما فيهم الناخب الوطني داني بليند أمام حيرة انقلاب خيار حكيم نحو بلده الأصلي. وراقني السعار الهولندي اليومي سواء بالخبر أو الإتصال اليومي باللاعب المغربي لحثه على تغيير موقفه ومحاباته بكل الطرق التحفيزية حتى يعود إلى صوابه. إلا أن اللاعب استشاط لغضبه السابق عندما كان ضمن لائحة منتخب هولندا شهر ماي الماضي ولكنه غادر المعسكر بداعي الإصابة التي منعته من حضور اللقاء الودي أمام منتخب الولايات المتحدة الأمريكية واللقاء التأهيلي أمام لاتفيا كما تخلف عن مباراتي إيسلاندا وتركيا. ويظهر هذا الإنقلاب الجدي للاعب على موقعه الدولي بهولندا نحو المغرب موقفا حازما من اللاعب ذاته ومن محيطه الأسري كتعبير صادق للأسر المغربية التي تؤمن بأصولها وتربية أبنائها على الموطن الأصلي وثقافته ودينه وعرقه، وهو موقف شجاع قلما شاهدناه بمثل ما نسج اليوم أمام هذه القصة الرائعة للاعب دولي ناشئ غير موقفه من اللون البرتقالي إلى اللون الأحمر والأخضر. ويمكن أن يكون لهذا التغيير المفاجئ قراءة جوهرية للرحلة التي قادت الناخب الوطني بادو الزاكي نحو هولندا في وقت سابق واجتمع باللاعب وأسرته في جو حميمي وصادق تاركا المسؤولية ملقاة على العائلة واللاعب لحسم موقفه النهائي من دون أن يكون لموقف الزاكي صرامة ولا ديكتاتورية في قرار اللاعب، بل ترك الكل أمام واقع الخيار في إشارة واضحة إلى أن ما قاد الزاكي لإصدار قراره القاضي بعدم توجيه الدعوة لمن يغير موقفه الإيجابي إلى السلبي مثل حالة سفيان بوفال الذي شكل ضربة موجعة لموقفه الغريب بين قبول حمل القميص الوطني في البداية قبل أن يلغي تصوره تحت غطاء انتظارات المنتخب الفرنسي. ولعل موقف حكيم زياش الشجاع يغني عن السؤال لأن الزاكي لعب دوره الأساسي في عملية التواصل العاقل وترك القرار بيد جميع من يرى فيهم إيمانا صادقا بالوطن الذي لا يعلى عليه إطلاقا كورقة إيجابية يمكن أن نسجلها بافتخار على الزاكي الكارزمي في الوطنية الصادقة وربح الطاقات التي تريد اللعب للمغرب أصلا وليس للتهاون واللعب بمشاعر المغاربة.
طيب، إلى حين ما نكتبه الآن، لا يمكن أن نتنبأ بما يخفيه قريب الأيام المقبلة حول مستقبل حكيم زياش مع الـمنتخب الـمغربي ولو نؤكد جديا أن الزاكي يعشق هذا المايسترو والجوهرة الصاعدة التي تغيب أصلا عن الـمنتخب الوطني من صناع قراره، ويموت في الإنقضاض عليه لأنه مؤمن بقدرات هذا الموهوب مهاريا وتكتيكيا وممولا وهدافا. كما لا يمكن أن نثق كليا رغم أننا سررنا جزئيا لقناعة اللاعب بتحوله المفاجئ، والحياة علمتنا التريث والحكمة الرزينة من دون تسرع في إصدار الأفراح، والفرحة الكبرى عندي هي أن يكون أصلا موثقا في اللائحة الرسمية لمباراة غينيا الإستيوائية وليس لوديتي غينيا والكوت ديفوار، وليس معنى أن يحمل القميص الوطني وديا أنه اختار المغرب ولكن عندما يؤكد رغبته المطلقة في المباراة الرسمية، وقتها يكون الأمر منتهيا وسنرحب به أيما ترحيب للاعب محترف نجح وغير موقفه الحقيقي في أول سابقة أعتبرها جدية حتى ولو قيل أن دوليين سابقين غيروا موقفهم من الإنتماء لمنتخب فرنسا نحو المغرب رغم أنهم لم يلعبوا لفرنسا ولكن كانت النية موجهة لضمهم إلى ذات المنتخب. وهذه هي الحقيقة التي نرمي إليها في اكتشاف النوايا الحسنة وليس النوايا السيئة التي أبعدت بعض الأسماء من المغرب نحو هولندا وغيرها من البلدان.
وإن كان حكيم حكيما وصائبا في قراره النهائي، سيكون من دون شك ظاهرة وطنية مرحب بها بكل شيء ولن يبخل عنه الجمهور المغربي الذواق للمواهب الناذرة بتشجيعه وتحميسه، وسيشعر وقتها أن المغاربة صادقون في حب المحترفين الذين يموتون في حب وطنهم وسيتأكد لديهم معنى الاستقبال الحار بكل ورود المحبة، وسيتأكد لبعض من غير موقفه أنه تهور وتسرع بأشكال ضغط مغلوب على أمره من العائلة والأندية، ولو أنني أنساق مع الكلام الرائع لمصطفى حجي أن المحترفين المغاربة عادة لا يقبلون حمل القميص الوطني من تأثير عائلاتهم بحثا عن المال والشهرة وتأمين الوضعية الإجتماعية.