عبد العاطي إيكدير: هذه خطتي لأستعيد للمغرب لقب 1500 متر بريو دي جانيرو
الأحد 27 شتنبر 2015 - 10:21راهنت على الذهب في بيكين ولم أكن أزايد في ذلك
هذا ما باعدني عن الـمركز الأول لسباق 1500 متر
رفضت التجنيس لأنني تربيت على حب البلد والـمدينة
لا أريد من الإعلام أن ينتبه فقط للحوادث الصغيرة
لم أكن على خلاف مع الجامعة فأنا رجل الحوار
حاوره: عبد الجبار والزهراء
إن الدواعي التي فرضت اللقاء بالبطل والعداء العالـمي عبد العاطي إيكدير فرضها تألقه في بطولة العالم لألعاب القوى بمدينة بيكين الصينية، حيث صارع عمالقة المسافات المتوسطة في شخص ممثلي كينيا وإثيوبيا وباقي العالم وأحرز ميدالية نحاسية ثمينة تزن ذهبا وأدخلت المسرة على الشعب المغربي الذي كان في أمس الحاجة إلى حقنة تذيب مغصا إسمه الحرمان من الصعود لـبوديوم بطولة العالم لثلاث دورات متتالية، وكم كنا بحاجة لهذا النجاح في الوقت الذي تعاني منه رياضة ألعاب القوى الوطنية من تقلص الإنجازات قياساً بالألقاب التي كانت بالأمس إختصاصا مغربيا إنطلاقا من سعيد عويطة ووصولاً إلى هشام الكروج.
إذن فالحوار هو مع بطل وطرف له إلمام بموضوع ألعاب القوى الوطنية ككل وهو في نفس الوقت تكريم واستحقاق للمستحق.
فإليكم من عطل الحركة ورسم أجمل نهاية لأجمل مسافة أي1500م التي ستبقى مغربية...
< الـمنتخب: فيما كان يفكر عبد العاطي إيكدير وهو يتسلم نحاسية بطولة العالم لمسافة 1500م؟
ـ إيكدير: أول ما فكرت فيه هي الراية الوطنية التي كنت مصمماً على رفعها وأنا في الفترة التسخينية قبل السباق النهائي، وذلك لأن هدفي كان هو الفوز بالذهب أو الفضة في أضعف الإيمان.
< الـمنتخب: على ماذا كان تخمينك ينبني؟
ـ إيكدير: كما تعلم فإن ألعاب القوى تخضع بنسبة كبيرة إلى الأرقام وبالتالي فإن التوقعات تتأكد بنسبة كبيرة، وهو ما عشته من خلال الإقصائيات حيث شعرت بقوة تدفعني لأن أصارع أقوى أبطتا العالم لهذه المسافة.
< الـمنتخب: كيف يتم التخطيط للإنتصار؟
ـ إيكدير: أهم شيء هو مراقبة كل مرشح للفوز وطريقته في الجري ومختلف الإيقاعات التي يفرضها على منافسيه، ثم هناك الأبطال الذين يجتازون التصفيات ويتأهلون للنهاية، هؤلاء يخضعون لافتحاص تقني مع المدرب لوضع خطة السباق التي قد تتغير مع مرور الأمتار، وهو ما حدث في سباقات أخرى من طرف العدائين الكينيين الذين تكمن قوتهم في تعدية المشاركة ووضع خطة للمرشحين للفوز النهائي وللعناصر التي تقوم بمناورات هادفة إلى الإيقاع بالـمنافسين، وهذا هو السر في عدم تحقيق الفوز الذي كنت أطمح إليه كما ذكرت في لقائي مع الصحافة الدولية.
< الـمنتخب: نعلم أن المشاركة في تظاهرة بهذا الحجم تتطلب الوقت والإمكانيات لتحقيق النتائج المتوخاة، هل تم الإستعداد في أحسن الظروف؟
ـ إيكدير: لقد إجتزت نفس الوضع في مختلف التظاهرات التي مرت وبغض النظر عن النتائج أعتبر أن الإعداد لبطولة العالم 2015 شكل إنفراد من حيث الإعداد وبرمجته والإمكانيات التي وضعتها الجامعة رهن إشارة كل العدائين وهذا شيء غير صورة التي عشناها في التظاهرات السابقة.
< الـمنتخب: ماذا ميز سباق 1500م لبطولة العالم 2015؟
ـ إيكدير: أولا هناك حجم المشاركة الذي كان قياسيا من حيث الأسماء التي تحتل قمة الهرم في مسافة 1500م، خاصة الحضور الكيني الذي عودنا الظهور بصورة قوية، ثم هناك فترة ما قبل انطلاق التباري، حيث لاحظنا أن هناك صراعاً قوياً بين الأبطال في الإختصاص، إذ سجلت أرقام تتمحور بين 3.26 و3.30 بالنسبة لثمانية عدائين وكنت من بينهم، لذا أعتبر السباق النهائي تاريخيا، وعليه أعتبر الفوز بالنحاسية إنجاز مهم وهذا يشكل حافز لتحقيق ما هو أفضل.
< الـمنتخب: ما هي الفترة الزمنية التي يتطلبها الإعداد لبطولة العالم؟
ـ إيكدير: أول شيء هو تحديد الهدف الذي يرمي العداء تحقيقه وكما تعلم فإن هدفي كان هو الفوز بالذهب.
أما المدة الزمنية التي يستغرقها الإعداد البدني والتقني والسيكولوجي وعلى مستوى الإحتكاك داخل منافسات القاعة ثم في الحلبة داخل الملتقيات فقد تدوم شهوراً، وأخيرا هناك شيء لا بد منه وهو تتبع تحركات الأبطال الذين ينافسون على الذهب أو تحسين الأرقام وربما تحطيم الرقم العالمي الذي هو في حوزة البطل المغربي هشام الكروج.
< الـمنتخب: لقد استفدت من دعم الجامعة وبلغت هدفا أثلج الصدور، هل لك ضمانات فيما يخص دورة ريو دي جاينرو 2016؟
ـ إيكدير: لقد إلتقيت بالسيد عبد السلام أحيزون رئيس الجامعة يوم حفل تكريم الأبطال الذين أحرزوا نتائج مشرفة، ووعدني بأن الجامعة ستساند البرنامج الذي وضعته للمشاركة في أكبر تظاهرة رياضية يعرفها التاريخ، والتي اغتنت دائما بحضور مغربي متميز خاصة ولقد برهنت على حبي للراية الوطنية وللشعب المغربي الرياضي.
< الـمنتخب: في السابق كنت صرحت بما يؤكد أن التيار يمر بصعوبة بين إيكدير والجامعة.. هل ما زالت العلاقة متشنجة؟
ـ إيكدير: لقد برهنت للجميع أنني لعبت كما تدعي بعض الجهات، خاصة الإعلامية بأنني أجري وراء الـمال ومشاركتي الأخيرة وإحرازي النحاس العالمي غير الكثير من التصورات، لقد فتحنا صفحة جديدة لإخراج ألعاب القوى من وضع يتطلب مشاركة الجميع وذوي النيات الحسنة.
< الـمنتخب: وماذا عن الـمستحقات التي شكلت عنصر الخلاف هل تبددت السحابة؟
ـ إيكدير: أظن أن التعامل إحترافياً هو الخلطة الملائمة لحضور التوافق.. وعندما نتعامل في هذا الإطار نبقى دائما في الصواب وفي ذلك فوائد للجميع.
< الـمنتخب: ذكرت الإعلام كطرف له وزنه في معادلة مساندة الأبطال، قلت أنك لم تستفد من دعم هذا الطرف باستثناء الصحافة الـمختصة.. وضح؟
ـ إيكدير: أنا لا أنكر أن الإعلام المغربي ساهم بالنتيجة التي آلت إليها مشاركتي في كأس العالم بالعناية بالتعليق والتشجيع وكذا الشأن بالنسبة لجريدة «الـمنتخب»، ما أريد الحديث عنه هي المواكبة المستمرة للأبطال طوال مسارهم على صعيد محلي بما في ذلك الناشئين في الملتقيات.. كما أن دور الإعلام هو في إغناء التحليل والنقد الـمقارن الذي من شأنه أن يقرب المهتم من هذه الرياضة التي أعطت الكثير للمغرب.
< الـمنتخب: النقد البناء شيء مهم لتحقيق الإنجازات.. أين يتبلور ذلك؟
ـ إيكدير: كنت أتمنى أن تتطرق الصحف والمحطات للمشكل الذي حال دون فوزي بالذهب ويتعلق الأمر بخروجي وتقدمي إلى الأمام في وقت مبكر أي 300م قبل خط النهاية، هذا خطأ أعترف به، وكنت أتمنى أن تتطرق الأجهزة المختصة لهذا الأمر.
< الـمنتخب: سباق 1500م له طابعه الإنفرادي، حيث كل عداء إلا ويحاول تنفيذ التعليمات المتفق عليها مع مدربه أين يمكن أن يتحقق العمل الجماعي؟
ـ إيكدير: سؤال ينم عن معرفة جيدة بالـموضوع، أما الـعمل الجماعي فله شروطه والنقطة الأساسية تكمن في تأهيل أكبر عدد من العدائين للسباق النهائى، وهذا غير وارد حاليا بالمغرب، وقتها يتم الإتفاق على خطة تحول الصراع الإنفرادي في بداية السباق إلى الجماعي وهو اختصاص كيني محض.
< الـمنتخب: منذ البداية كنت الطرف الوحيد الذي نراهن على صعوده إلى منصة التتويج.. كيف عشت ضغط السباق النهائى؟
ـ إيكدير: بالفعل فإن صعودي إلى النهاية شكل قضية كل العدائين والعداءات واتضح ذلك من خلال التشجيعات التي تلقيتها وكلها تصب في كون إيكدير يبقى الأمل الوحيد، لذا شكل دخولي النهاية هاجسا انطلق من المسؤولين وعلى رأسهم السيد عبد السلام أحيزون، رئيس الجامعة وانتهاء بالجمهور الصيني المتعاطف مع المغربي الوحيد وثاني عربي في هذه النهاية بعد الجزائري الـمخلوفي البطل الأولـمبي.
< الـمنتخب: هناك شخص يبقى في الظل ولا يذكر إلا ناذرا أو للإنتقاد هو الـمدرب.. ماذا تقول عن مدربكـ أيوب الـمنديلي؟
ـ إيكدير:هو جندي الخفاء لأنه يعمل في الظل ويخطط والجميع نوام.. شخصية أخصها بالتنويه لأن كل توجيهاته تنم عن معرفة جيدة بألعاب القوى وسنده يبقى مستمرا حتى بعد السباقات، فإذا كانت النتائج دون المستوى تكثر الإنتقادات وإذا حدث العكس تكون الإشارة إليه في إطار إخباري فقط.
< الـمنتخب: من أين جاء تفاؤلك بنتيجة سارة في بطولة العالـم؟
ـ إيكدير: كما تعلمون فإن ألعاب القوى هي الرياضة التي تصدق التخمينات بشأن نتائجها بنسبة كبيرة، وبالنظر إلى حصيلة الأرقام الـمسجلة شهراً قبل بطولة العالم حيث شاركت في ملتقى باريس (1500م)، ثم لوران في مسافة 5000م ورغم سقوطي أكملت السباق وحققت توقيتا مهما هو 13.25د، والمحطة الأخيرة كانت بموناكو حيث سجلت 13د 28 وهو توقيت يجعلني ضمن عمالقة هذه المسافة وعلى رأسهم البطل المغربي هشام الكروج صاحب الرقم العالمي، إذن دخولي المنافسة انطلاقا من الإقصائيات أعطاني ثقة كبيرة في إمكانياتي وحصل ما حصل.
< الـمنتخب: كيف تفسر الطريقة التي أكملت بها السباق حيث كنا نخشى عليك من أي مكروه؟
ـ إيكدير: الحركة التي قمت بها مألوفة في السباقات التي لها طابع السرعة، وحيث يبقى التنافس قائما إلى آخر رمق، أعترف أنني أخطأت التقدير عندما سقطت مكرها بفعل مضايقة العداء الجزائري، إلا أن تجربتي ساهمت في إحتلال الصف الثالث وإهداء ميدالية للمغرب، المفروض أنني كان علي أن أكسر قبل متر أو متر ونصف وليس خمسة.
< الـمنتخب: باختصار، كيف ستستعد للألعاب الأولمبية ريو دي جاينرو 2016؟
ـ إيكدير: أولا سأخضع للراحة وإعطاء أسرتي الصغيرة وقتا ولـمدة لا تقل عن الشهر الواحد، بعدها سأجتمع مع مدربي بالـمكتب الجامعي للتشاور بشأن أماكن التربصات والـمرجح أن الـمنطق سيكون من مدينة إيفران المغربية عوض السفر إلى إثيوبيا، حيث الـمرتفعات التي تلائم استرجاع اللياقة البدنية.
البرنامج يضم المشاركة في بطولة العالم داخل القاعة وكذلك حضور أهم الملتقيات التي من خلالها يمكن الوقوف على المستوى الذي وصلته ومستوى خصومي في الإختصاص.
< الـمـنتخب: ما هو تقييمك للوضع الذي تعيشه ألعاب القوى الوطنية بإعتبار أنك طرف في المعادلة؟
ـ إيكدير: يجب ألا نضخم الأمور، لأن التراجع وارد حتى بالنسبة للدول التي تفوقنا من حيث الإمكانات وللتاريخ، سمعنا قديما عن أبطال أستراليا والنرويج وتونس وفرنسا وإنجلترا، ورغم أن غياب هذه الدول طال، فإن العودة واردة لأن العمل البنائي وارد كذلك، لذا علينا أن نصحح المسار ونعمل في الإتجاه الصحيح والمنطلق هي السبقات الجهوية داخل المدارس التعليمية والرياضية، والأكيد أن معلـمة كمركز مدينة بنسليمان ستكون له الأثار الحميدة على رياضتنا المفضلة.
< الـمنتخب: ما هو تعليقك على هذه المجالات؟
ــ الرياضة والإسلام: أظن أن العبد الـملحاح هو رياضي قبل كل شيء لذا فالـمجالان متكاملان.
ــ الرياضة والثقافة: كنت سعيدا وأنا في المركز الوطني بالرباط عندما عينت الجامعة أساتذة لدعم العدائين ثقافيا وهو أكبر مكسب للرياضة عامة وألعاب القوى التي تتميز بانفتاح كبير على العالم الخارجي.
ــ الرياضة واللغات: في حديثي مع الزملاء ألح دائما على ضرورة تعلم اللغات، خاصة الإنجليزية التي لها طابعها الكوني.. وقد استفدت من مقامي ثلاث سنوات بألمانيا وكسبت الألمانية والإنجليزية، لأن الحوار شيء ينمي المعرفة وبدون لغة لا يكون التواصل.
ـــ الرياضة والأنترنت: شيء مهم دخل حياتنا لكن إستعماله يجب أن يكون في حدود التثقيف فقط.
ــ الرياضة والزواج: بالنسبة للرياضي فإن الزواج يمكن أن يساهم في توازن يخول للرياضي تنظيم حياته، فإذا كانت الزوجة ملمة بواجباتها وتهيء الجو الملائم للزوج البطل، فإن النتائج تصبح حقيقة والعكس صحيح.
ـــ الرياضة وإدارة الأعمال: أفضل أن يكون الإهتمام بهذا الـمجال بعد انتهاء فترة الممارسة.
ـــ الرياضي والتجنيس: من خلال معايشتي لعدد من الزملاء الذين عاشوا هذا الإختيار ورغم الدخل المادي، فهناك الندم الخطوة.. لقد اتصلت بي عدة دول عندما فزت ببطولة العالم للشبان وعرضت علي جنسياتها بمبالغ محترمة.. إلا أنني رفضت وتساءلت.. كيف سيكون موقف والدي داخل الأسرة الصغيرة والمدينة التي أنتمي إليها وأنا مفخرتهم، ثم هناك الجانب المالي والذي لا يهمني كثيرا ما دمت أوفر لعائلتي العيش الشريف.
ـــ الرياضة والسياسة: هما ضدان لا يجتمعان في نفس الفضاء بسبب المتناقضات.. ويمكن ولوج السياسة فور الإنتهاء من الرياضة، لأن إستخدام الرياضة للسياسة شيء غير مقبول.
ـــ الرياضة والمنشطات: لغة لا أفهمها ولا أستعملها، لأن الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن.