حملة ضد الزاكي
الإثنين 21 شتنبر 2015 - 12:12لو كانت المباريات تحسم بالأماني لما تمنى مناصر للمنتخب الوطني أكثر من 3 نقاط بساوطومي بغض النظر عن كرنفال واستعراض المردود، ودون أن يكون للأداء تأثير في ميزان التقييم، طالما أن النقاط تسبق ما سواها في معادلة العبور والتأهل للكان القادم بالغابون.
ولو كانت المتمنيات والآمال هي من تحسم مثل هذه الزيارات الملغومة والتي عادة ما تكون صوب المجهول، لما تعدى الطموح والطمع حدود المعقول ولقبل أكثرنا تنطعا بأن نسجل في مرمى المنافس 3 أهداف، ولاعتبرناها هدية من السماء، بعد سنوات الضياع التي عاشها المنتخب الوطني والأسود في تنقلاته ورحلاتهم الخارجية والتي ما عادوا يرعبون فيها ومن خلالها ولا هم يزأورون كما كانوا سابقا.
وبين اختلاف تعاطي الإعلام الأجنبي والصحف الفرنسية وحتى الإفريقية التي واكبت الفتح الكبير للأسود بساوطومي وهي تضع الثلاثية ضمن خانة النزهة، وفرض الإنتصار بالسهل الممتنع وبأقل منسوب عرق ومجهود ممكن بذلهما، وبين طريقة التعاطي محليا مع قيمة الإنتصار المسجل خارج الأرض و تبخيس قيمته والتقليل منه، كانت علامات الفرق التي طرحت أكثر من تساؤل.
للأسف هناك فئة عريضة منا ما زالت تكذب على نفسها وتصدق هذه الكذبة وتعيش على أطلال الماضي، ترفض تصديق حكاية الجليد الذي ذاب بيننا وبين المنتخبات التي كانت تسمى بالصغيرة داخل القارة السمراء.
هناك من يصر على العيش على أنقاض وأمجاد الأمس رافضا تصديق المعطيات التي تؤكد أن المنتخب المغربي إندحر على مستوى التصنيفين القاري والعالمي وصار اليوم محسوبا على القبعة الثالثة إفريقيا، وإلا لكنا بدورنا قد تجنبنا منتخب غينيا الإستوائية الذي هو أفضل منا على الزرق وبلغة الأرقام وبلغة آخر حضور رسمي قاريا.
الحقيقة التي يرفض علماء التحليل تصديقها ويروجون لعكسها هو كون المنتخب المغربي لم يتخط حاجز الدور الأول في آخر 6 نسخ لكأس إفريقيا للأمم، بل لم يشارك سنة 2010 وغاب عن ركب الحضور.
والحقيقة المؤلمة هي أننا كلما شاركنا كنا أول من «يزور ويخفف» ويعود أدراجه وهو يجر أذال خيبة الرجاء والأمل مقصيا وبأسوأ طريقة ممكنة.
والحقيقة المرة أيضا هو كون من لم يرقهم وتعجبهم الثلاثية التي انتصر بها الأسود بساوطومي، أغفلوا أن آخر الزيارات التي قادت المنتخب المغربي لخوض مباريات أمام منتخبات من نفس القامة والحجم انتهت بنتائج مخيبة، بتعادل أمام إفريقيا الوسطى وخسارة بالثلاثة أمام تنزانيا قبل سنتين فقط.
لذلك لا يجب أن يتحمل الزاكي ما لا يطيق وهو بهذه المرحلة الهامة والحاسمة التي تتطلب تعبئة كبيرة باقترابنا ودنو المنتخب الوطني من الموعد الأهم أمام غينيا الإستوائية، في التصفيات الأهم أيضا والمرتبطة بتقرير المصير بالعبور لدور المجموعات المونديالية.
مسار الزاكي بالأرقام يذكر بمرور سابق وبنفس النجاعة والتوفيق الذي حالفه وهو يعبر المتاريس والحواجز ليتواجد في نهائيات كأس إفريقيا بتونس، وكأن التاريخ يكرر نفسه مع هذا المدرب والذي كلما دخل غمار الأمور وصلب الموضوع إلا وتستل السيوف من أغمادها لتوجه ضده وتعيق عمله.
من سيحاكم عمل الزاكي الذي أدى فاتورة الإفلاس والخراب الذي ضرب بيت وعرين الأسود نتيجة لسوء التدبير الذي طبع المرحلة التي أعقبت ذهابه سنة 2005 وهو يترك جيلا يصلح لأكثر من 10 سنوات من التألق، هي نتيجة مباراة ليبيا بمصر شهر يونيو 2016 وليس رحلة ساوطومي وهو نزال في ظل مؤثرات لم يألفها المحترفون المغاربة فيما مضى.
الزاكي لم يكن مسؤولا عن الحظ الذي ظل بالبيت ولن يتبع العرابي للملعب وهو يهدر سلة أهداف، والحصيلة التي تتحدث عن تسجيل 4 أهداف وعدم استقبال أي هدف تلخص حكاية أن ما رافق رحلة ساوطومي وما تلوكه الألسن بعد أسبوعين من العودة هو أمر مثير فعلا للإرتياب والشك وقد لا يكون بريئا بالمرة.
ومن سيحاكم الزاكي الذي وجد أسودا تفتقر للمواعيد الرسمية لأكثر من سنة واكتفى بالتحضيرات الودية الباردة هو ما سيكون عليه الوضع بعد مباراة غينيا الإسوائية وليس قبلها.
من منا ينكر أنه نصب نفسه مدافعا عن عودة الزاكي المروعة لعرين الأسود بعد خروج لم يكن صائبا قبل أكثر من 10 سنوات وأنا واحد منهم؟
كان الزاكي وخيار الإعلام المغربي وخيار الشعب على حساب تعاقدات فاشلة مع أطر حلت سهلا ورحلت مهلا بلا إضافة ولا نتائج ولا حتى إرث تركوه خلف ظهورهم.
أن يستدعي الزاكي طنان أو متولي أو غيرهما تلك قناعة من قناعاته، وأن يربح الزاكي ساوطومي بالعرض أو بدونه فتلك ليست المشكلة، المشكلة وأكبر المشاكل هي أن يحاول البعض ردم سنة وأكثر من اشتغال الناخب الوطني في العمق، حتى أصبحنا اليوم نتعرف على هوية منتخب كان هناك من أتلفها وساهم في ضياعها قبل عودته.