الـميركاطو الصيفي بالـمغرب.. سلع كاسدة تنتعش بالـمضاربات
الأربعاء 15 يوليوز 2015 - 14:18تختلف الـمواسم والحال واحد، تنتهي نسخ البطولة لينطلق الـميركاطو ومعه يسقط القناع عن وجه الـممارسة التي تحمل شعار الإحترافية، وما تزال وقائعها تشهد على تشبعها بالهواية.
سوق إنتقالات اللاعبين الصيفي هو إمتداد لشقيقه الأصغر الخريفي، حيث السلع الراكدة تتنقل بين الفرق لتستهلك وعلى الرغم من ذلك تنفخ فيها الـمضاربات لتصل أرقاما مهولة مبالغ فيها لا تتطابق والقيمة الفنية للاعبين الـمعنيين بأمر الصفقات.
في الرصد التالي نضع ميركاطو البطولة تحت مجهر التحليل لنرصد من تحرك ومن انكمش ونربط واقع الإنتقالات بواقع الكرة الـمغربية الـمريض بسبب غياب فاعل أساسي اسمه «التكوين»
سلع مستهلكة وشاري بلا بوصلة
كل موسم يتكرر نفس الـمشهد وتستنسخ نفس الصورة، وكل موسم تتكرس ظاهرة الكساد الكبير الـمرافق للسوق وللهزال الذي ضربه بنذرة العرض وكثرة الطلب، وبالتالي مرور نفس اللاعبين من بعض الفرق بل أن أندية إضطرت في كثير من الـمرات لإستعادة لاعبين مروا من صفوفها وساهمت في تكوينهم وتنشئتهم وبمبالغ مرتفعة كما هو حال الرجاء مع (سعيد فتاح ومحسن ياجور).
يقولون عن الـميركاطو أن واجهة البطولات والمعرف بقيمتها التقنية وتموقعها بالساحة وكذا الثقل الذي تحظى بها قاريا وجهويا.
ميركاطو الـمغرب مثير وإثارته تكمن في العرض الهزيل أولا والذي لا يتوافق مع الـمبالغ الـمرصودة له، والتي تتم الـمبالغة فيها لإعتبارات وعوامل سنأتي لتشخيصها وذكرها لاحقا.
ليظل الـمشتري (الفرق) خاضعة لإرتجال كبير بغياب الأقطاب الـمخول لها الإشراف عليه (الـمانادجر جنرال والإدارة التقنية) وهو ما يجعلها بلا بوصلة بالسوق.
مضاربات تلهب السوق
في غياب آليات الرقابة وتخليق الـممارسة، ومع ترك الـمجال مفتوحا أمام مصراعي العشوائية وإخضاع السوق لـمنطقي العرض والطلب، عرفت أسعار اللاعبين إرتفاعا مهولا بالـمواسم الأخيرة، وكل لاعب يطالب بشروط مالية وتعاقدية أفضل من تلك التي إستفاد منها زميله.
الصراع الكبير بين مسؤولي بعض الفرق، والنزعة الذاتية الـمرتبطة أيضا بالكبرياء والرغبة في حسم صفقات لاعبين حتى وإن كانوا خارج الحاجة ويمثلون فائضا غير مرغوب فيه، مساهم أساسي أيضا في هذه العملية ولعل الصراع الأزلي الـمرافق لتحركات رؤساء الرجاء والوداد الـمتعاقبون عبر كل الـمواسم، واحدة من الصور التي ساهمت في تعزيز الـمضاربات وترسيخها حتى في ظل وجود تطبيع يكون غالبا للإستهلاك والتعويم وحتى تنويم الـمنافس.
منح خيالية تفوق ما هو معروض ببطولات قريبة منا وتضاهي ما تعرضه فرق خليجية وتقل عن الـمعروض من فرق أوروبية تشكو الأزمة، لا يتوافق وقسيمة الإضافة التقنية للاعبين الـمتعاقد معهم.
كارثة إسمها التكوين
ولأنها نفسها الأسماء التي تتكرر كل موسم متصدرة الأغلفة والـمواقع والجرائد، بتغيير الإنتماء والهوية، فإن هذا وحده يعكس معضلة كبيرة اسمها التكوين العملية الـمغيبة في معادلة الفرق الوطنية.
الجامعة التي خصصت غلافا ماليا للتكوين ورصدت منحا للفرق التي تنجح سنويا في تقديم وجوه واعدة وإلحاقها بالفريق الأول، دون أن تقدم لنا تقريرا وبيانات بهذا الخصوص كانت تروم إنعاش مراكز لم توت أكلها ولم تحقق الـمقصد من إنشائها وظلت بلا إمداد.
التكوين كان سيكون منقذا للعملية وكان سيقلل من الرواج السلبي السائد والهرج الـمرافق لكثرة التعاقدات، وكان سيقدم سنويا لاعبين بمعدل أعمار صغير للغاية يساهمون في تحقيق الإستمرارية الـمطلوبة بعقود إحترافية طويلة ومتوسطة الـمدى وسيساهمون في تجنيب الجامعة وغرفة نزاعاتها حرج الخلافات والصراعات الـموسمية لاستخلاص تعويضات ما بعد الخدمة.
الكبار يبتلعون والبوغاز مشتعل
كعادتها حضت الفرق الغليظة والحيتان الكبيرة لابتلاع البقية، الوداد والرجاء حاضران دوما لإلتقاط الـمحارات الغالية والتي يعجز الآخرون عن مجاراتها، ورصد مبالغ مالية كبيرة للغاية تساهم في إرهاق الـميزانية وإثقالها حتى ولو تسبب ذلك في عجز مزمن وبالغ.
بغض النظر عن سطوة الوداد والرجاء والهيمنة الـمتكررة، توارى الـمغرب الفاسي وغاب الفريق العسكري وانكمش الفتح بتعاقدات محدودة وأفل الفريق الفوسفاطي وكسف الكوكب.
ليحضر إتحاد طنجة وعلى عكس كل التوقعات بصفقات كثيرة، تقييم نجاعتها سيظل مرهونا بما سيقدمه كل لاعب الـموسم القادم، غير أن مسؤولي الفريق وهم يطيحون بهيكل فريق كامل ساهم في تحقيق الصعود وضم أسس جديدة لبناء آخر بدلا عنه، يكونون قد قدموا كشفا صريحا بالنوايا.
13 صفقة لإتحاد طنجة، تعكس الرغبة الجامحة لـمسؤولي هذا الفريق في التوقيع على موسم واعد ومثالي حتى وإن كانت العبرة في الـميركاطو بجودة النسل والكيف وليس الكم.
العساكر بأسوأ ميركاطو
ظل الفريق العسكري من العناوين البارزة لسوق التعاقدات وخلال عقد كامل، بضم أبرز اللاعبين ورصد مبالغ مالية محترمة وكثير من الـمرات كان مبالغ فيها لهذه الغاية.
وكأنه شعر بهول الصفعة والأخطاء الكارثية التي رافقت تحركاته بالسوق، تراجع العساكر للخلف واكتفوا خلال الصيف الحالي بصفقات مثيرة وغريبة بعض الشيء (ضم فكروش الـمخضرم وترك الزنيتي يرحل) وبنفس القيمة الـمالية وضم الحواصلي على حساب لكروني.
ثالث تعاقدات الفريق العسكري همت مدافعا (هشام العمراني) الذي رفض الوداد التمديد له، ولا أثر للاعب يشغل دور الوسط بعدما كرر مسؤولو الجيش نفس الخطأ الذي إرتكبوه سابقا مع الزايري وتبركانين على مستوى التأخر في ضمهما، ليلحق اللاعب خلوطة بفريق روماني بعدما فرض عليه الـمسؤولون الخضوع لفترة اختبار .
ميركاطو العساكر لا يبدو مثاليا وهو ما أغضب روماو الـموجود على حافة البركان لكون خطأ وفشل آخر بالبطولة يهني خروجه من بابها الضيق ورسميا.
منعم بلمقدم