بودريقة لعنة أرنب
الإثنين 22 يونيو 2015 - 14:52لم تتحقق نبوءة الشيخ بودريقة، والصيف الذي خمنه للإحتفال حرق جلده لينتهي مغادرا وهذه الـمرة ليس فيسبوكيا فحسب بل أثيريا ورسميا لقلعة الرجاء.
لم يخرج شعب الخضراء للكورنيش للإحتفال باللقب كما تنبأ صاحب الكتاب الأخضر، بل خرجوا عبر مختلف الـمواقع ليشنوا حربهم الشعواء والضروس على الرئيس ويناشدونه الرحيل بنفس «باسطا» التي حملته ذات يوم من الـمكانة للوزايس رئيسا وحاكما لهذه الإمارة.
كثيرون لم يصدقوا ولن يصدقوا تفعيل إستقالة بودريقة ما لم يحضر يوم الجمع العام ليقرر في مصير الفريق ويعلن الرئيس القادم ويروا ذلك بأم العين، بعدما كثرت إستقالات رئيسهم والتي تمحوها شمس النهار بعد أن تعلن منتصف الليل.
ما باح به الرجل وهو يعلن قرار التنحي والترجل عن صهوة الفريق، كشف جوانب قهر كبيرة جثمت على صدره طوال الفترة السابقة وأظهرت أنه ما عاد بالصدر مكان وبالطاقة متسع لـمزيد تحمل.
ما عاشه الرجاء في موسمه الكسيح الـمنتهي كان غريبا في الشكل والـمضمون، وقد تنبأت بهذا الـمآل الحزين مباشرة بعد وصافة مونديالية نفخت كثيرا في لاعبي هذا الفريق، وحذرت من إنعكاس كل هذا الإطراء الـمبالغ فيه.
بودريقة أكل ليس يوم أكل الثور الأبيض، بل يوم نصحه مقربون منه بالتخلي عن فاخر، لا لشيء سوى لكون فاخر وضع خطوطا حمراء بين هؤلاء الـمقربين وبين لاعبي الرجاء والتعاقدات وسيج التداريب بسياج صاعق لا يقترب منه من هب ودب فجعل للمران قدسية والـملعب حرمة.
أول خطا دشنه بودريقة يوم استهل أخطائه كان قرارا يعني مدربا وهو إقالة فاخر الذي قاده في سنة واحدة للقبي البطولة والكأس، وخسر نهائي ثاني على التوالي للكأس من الجديدة بالضربات الترجيحية وتأهله لعصبة الأبطال ومونديال الأندية، فكيف يقبل العقل معاملة الـمعروف بغير الـمعروف، وإقالة مدرب مغربي وهو ابن للفريق أسبوعان فقط قبل مونديال الأندية ومنح هذا الشرف لـمدرب تونسي خرف ومتجاوز.
لذلك ما جنى على بودريقة اليوم، ليس الـمرتبة التي احتلها الرجاء بالبطولة ولا خروجه الصاغر من (الكاف) والعصبة، وإنما هي لعنة الأرنب، ليس الوداد لأن الأخير لم يكن أرنبا وإنما التونسي البنزرتي الذي أساء لتاريخ الرجاء ومرجعيته وأهانه إهانة شديدة، بأن حول البنزرتي الرجاء بكل هذا الهيلمان لأرنب سباق خدم مصالحه.
البنزرتي ضرب بودريقة في مقتل، فقد سحب إثنين من مستشاريه لتونس ووقع معهما عقدا مبدئيا ونال مقدم الصداق وتنقل بعدها نجله للمغرب ونوم بودريقة في العسل.
يومها كان وضع البنزرتي صعبا للغاية داخل النجم الساحل التونسي، وهو نفس وضعه السابق بالـمنستير قبل أن تنفض عليه الرجاء رطوبة الغبن وتبعثه من الرماد بمونديال الأندية لترفع أسهمه وتعلي كوطته.
بعد هذا خرج وكيل أعمال البنزرتي الـمسمى عاشور والذي شكك في نفس الفترة من السنة الـماضية في نزاهة البطولة الإحترافية، وهاجم بعض لاعبي الرجاء علانية وقال أنهم تواطأوا ضد فريقهم بآسفي، ليزايد بالرجاء ليعلي قيمة موكله ونجح في ذلك بشكل كبير.
أشهر البنزرتي ووكيله عقد الرجاء وفاوضوا به الترجي والأهلي الـمصري وبطبيعة الحال مارسوا الشانطاج مع جنيح رئيس نجم الساحل، لينجح في نهاية الـمطاف في مسعاه بعدما خدمه القدر الساخر بمواجهة الرجاء وإقصائها بالطريقة الـممسوخة الـمعلومة بسوسة.
بهذا الشكل لم يكن الوداد هو الأرنب الذي خمنه بودريقة، وإنما الرجاء من تحول لأرنب للبنزرتي خدم مصالحه فضمن بقاءه بنجم الساحل وضاعف راتبه ومنحه وترك بودريقة يأكل العشب ويشرب الـمقلب.
بين «البايع والشاري يفتح الله» والغفلة الـمفترضة بين الإثنين خدمت البنزرتي وحرقت بودريقة، فكان لا بد أن يشعر الأخير بالـمهانة ليعلن قرارا سيكون الجمع العام القادم هو الـمتحكم فيه.
شخصيا لا أصدق أن بودريقة سيرحل، لأن هناك جبل ديون بالرجاء ولا وجود لـمسير مغامر أظهر رغبة لتحمل مسؤولية السداد، ولأن هناك عقودا غليظة وسميكة وقعت مع لاعبين لا أحد من الـمرشحين لخلافة الرجل سيقبل بأداء مستحقاتها.
قد يكون بودريقة أخطأ بالفعل على مستوى إتخاذ قرارات انفعالية طبعها التسرع، لكن في نهاية الـمطاف سينكر ما قدمه الرجل لهذا الفريق وللثورة الكبيرة التي أحدثها وللمجد الذي بلغه ولو أنه كان مبثورا من الكأس المجيدة.
أكبر أخطاء بودريقة أنه لم يطهر البيت بمنظف فعال، ودلل لاعبيه بشكل مبالغ فيه ووثق في الحاشية والبطانة أكثر من اللازم، لذلك انتهى به الـمطاف هكذا كما ينتهي بكل طائر يطير ويرتفع إلا كما طار وقع..