ADVERTISEMENTS

لعنصر في الوقت الضائع

الجمعة 29 ماي 2015 - 13:52

بعد أسابيع قضاها السيد محند لعنصر في تصريف أعمال وزارة الشباب والرياضة التي أشعل مونديال الأندية بداخلها نار العزل، فكان الوزير محمد أوزين أول من سدد فاتورة المياه التي عامت على سطح مركب الأمير مولاي عبد الله في الرباط في عز منافسات كأس العالم للأندية، في مشهد رفعت درجات كارثيته مواقع التواصل الإجتماعي وهي تعبر بمختلف الصنوف عما لحق المغاربة من عار، بعد فترة الإشراف إعتبارا إلى أن حقيبة وزارة الشباب والرياضة كانت «حركية» في الخارطة السياسية الحالية، ها هو امحند لعنصر يصبح وزيرا للشباب والرياضة متخليا عن وزارة التعمير التي كان يقودها في التشكيل الحكومي الأخير.
بصرف النظر عن التربيطات والسجالات التي أشعلت الصالونات السياسة وحكومة بنكيران تواجه إكراه التعديل الحكومي لما كان فرض عين بعد موجة من الإقالات والإعفاءات، فإن إضطلاع امحند لعنصر بحقيبة وزارة الشباب والرياضة يطرح العديد من الأسئلة الساخنة.
سؤال الأهلية أولا إعتبارا للخصوصيات الكثيرة التي ينفرد بها قطاع رياضي وشبابي يتسم التعاطي معه للأسف بكثير من الفلكلورية بل وبكثير من الشعبوية أيضا، ضدا على حاجته الماسة إلى التعاطي الجاد والموضوعي والمترفع عن كل المزايدات التي يحفل بها في العادة الشارع السياسي، وسؤال الظرفية ثانيا الذي يرتبط بالسياقات الزمنية التي يأتي فيها لعنصر لوزارة الشباب والرياضة والمسافة الفاصلة عن خط نهاية المسير الحكومي، وسؤال الأوراش ثالثا التي يفترض أنها أطلقت باحترام كامل للجدوى، وحدثت بها الكثير من الإختناقات والتي تشعرنا اليوم بأننا أمام حركة رياضية وطنية معطوبة في قمتها وقاعدتها.
قطعا لا أشكك في ما راكمه السيد محند لعنصر من تجارب وهو يقود لسنوات قطاعات حكومية بالغة الأهمية بل وبالغة التعقيد، ولا نية لي لأن أجادله في هذا الشعور المعبر عنه بالولاء للوطن ولجلالة الملك، والذي يدفعه لأن لا يزايد في أي مسؤولية حكومية يقتضي الحال ويفرض الإكراه أيضا أن يتحملها في إدارة مرفق من مرافق الدولة، ولكنني حزين أن يكون هذا هو مآل الرياضة الوطنية، أن تعيش دوما على وقع الصدع وصدمات التغيير وليس بين أزمنتها الصعبة والمنهكة أي رابط، وكأنها في كل مرة تعاد إلى نقطة البداية لأنها تخطئ باستمرار الإنطلاقة الفعلية في سباق التصحيح والقطع مع كل العوارض والأوجاع.
مر منصف بلخياط بوزارة الشباب والرياضة وهو من تحمل مسؤولية تنزيل ما إنتهت إليه المناظرة الوطنية حول الرياضة والتي وضعت مرتكزاتها السيدة نوال المتوكل بمقاربات حداثية، مر كالقطار السريع، حاول أن يسابق الزمن لينجز في ظرف قياسي ما عجز أو إرتبك سابقوه في إنجازه، أخطأ من فرط الحماس الكثير من الإشارات فتكسرت العربة ومعها تكسرت تلك الرغبة الكامنة فينا جميعا بأن يستقيم المشهد الرياضي ويتخلص من كل جاذبيات الرداءة.
ولما تحمل الحركي محمد أوزين مسؤولية إدارة وزارة الشباب والرياضة، بشر برفع درجات البراغماتية في تنزيل إستراتيجية التقويم، وقال أنه لن يتردد في اقتحام الكهوف والمغاور التي يحتمي فيها من نصبوا أنفسهم أولياء على جامعات رياضات وطنية بعينها، ليس هذا فقط بل إنه في كل مرة كان يصاب بالشظايا المتطايرة جراء ما كان يحكم العمل التقويمي أحيانا من تهور، كان يقول أنه لن ينهزم أمام ما رمز إليه حينا بالطابور الخامس وحينا آخر بجيوب المقاومة التي تفرمل قطار الإصلاح وتسعى لإخراجه من سكته.
وتأكد لنا جميعا أن عدم الإحتكام إلى سياسة رياضة متوافق عليها ومحصنة التحصين الكامل من قبل الحكومة والمنزوعة من كل أسباب الدمار السياسي بحكم تحصن أحزاب سياسية بجامعات وأندية، لن يمكن الوزير أوزين برغم ما قد يعبر عنه من نوايا من علاج الصدمة الذي إقترحه، هو الذي قال أنه يملك أكبر وأقوى الإشارات بل والضمانات من أجل تخليق المشهد الرياضي الوطني وإصلاح الكثير من الأعطاب التي تظهر على سطحه وتسكن تجاويفه، فكان أن أصبحنا أمام مسرح رياضي يكثر فيه اللغط والوعيد والتلاسن، دلالة على صراعات ومزايدات بل ومشاحنات، إلى أن كانت كأس العالم للأندية التي سيتكسر خلالها ظهر محمد أوزين فينسحب من المشهد الحكومي تاركا وزارة الشباب والرياضة تحت إمرة رئيس حزبه امحند لعنصر.
فما الذي يستطيع فعله لعنصر في هذا التوقيت الصعب، لكي لا ترتبط أقوى أزمات الرياضة الوطنية بحزبه؟
هل بمقدوره أن يجمل بعض ما أصاب وجه الرياضة الوطنية من خدوش؟ 
وإن كان الأمر ممكنا، فمن أين يجب أن يبدأ وإلى أي نقطة يمكن أن يصل؟
يجب الإعتراف بأن محند لعنصر من دون الجزم بعدم قدرته على رفع التحدي، سيكون أمام ثلاثة أمور مستعصية وبالغة التعقيد، أولها أن يعيد ترتيب بيت الوزارة من الداخل، عله يجد أذرعا بشرية قوية ومكتملة الكفاءة يحتمي بها في مسيره الصعب، وهنا لا أظن أنه يملك خيارات كثيرة لسياسة التهجير التي مورست من قبل وزراء سابقين على أطر وازنة كانت تملك القدرة على إدارة وتدبير الملفات الكبرى، وثانيها أن لا يتنازل قيد أنملة عن خيار عقلنة ودمقرطة المشهد الرياضي الوطني، ولكن باعتماد مقاربة مختلفة لا تغرق في الفولكلوريات السياسية ولا تترك مكانا لأي إنسحاق تحت التيارات السياسية التي تتذرع عنوة بالرياضة للإنتصار لمصالحها، وثالثها أن يبعث من الرماد كثيرا من المنظومات الضامنة للنجاح دوليا، وأولها منظومة رياضة المستوى العالي التي تحتاج إلى تقنين وتحصين وشجاعة في التعاطي لإغاثة كثير من أحلام أبطال مغاربة يملكون حظوظا للمنافسة أولمبيا بعد أقل من 15 شهرا في دورة ري ودي جانيرو.
لن نسأل امحند لعنصر مستحيلا، فزمن المستحيلات ولى وذهب، ولكن سنسأله على الأقل أن يذهب رأسا إلى الملفات التي لها طبيعة إستعجالية والتي توقف بها العمل لسبب أو لآخرن فبيننا اليوم وبين نهاية الولاية الحالية لحكومة بنكيران، وقت أصلي قصير ووقت بدل ضائع مقدر في زمن الحكومة، يمكن أن تحدث فيه الكثير من المفاجآت كما الحال في المباريات الرياضية التي سيتعرف لعنصر سريعا على جنونها وعلى شغفها أيضا.  

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS