التحرش الكروي
الثلاثاء 12 ماي 2015 - 11:58أفهم أن يكون للنجاح أعداء يحاربون على كل الواجهات بقدر كبير من الوساخة ومن الدناءة ومن كل الذي يرمز فيهم للفشل أكثر من الغيرة والحسد، ولكن أن يكون لأندية تجاهد من أجل أن تحقق لساكنة بكاملها حلما طال إنتظاره، مشوشون يألبون الرأي العام الرياضي ويرهبون المدربين واللاعبين ويكيدون ليلا ما لا يعد ولا يحصى من المكائد، فهذا ما لا أفهمه ولا أستسيغه ولا أجد له تفسيرا منطقيا.
توحد محمد أمين بنهاشم وحسن أوغني وكلاهما حقق في موسم واحد لروعة وجمالية الصدف الصعود لناديين عريقين، من دونهما كنا نشعر وكأن خريطة صفوة كرة القدم الوطنية مبثورة، توحدا في أنهما أطلقا معا آهات وتنهدات، ليس فرحا بنهاية معاناة نفسية يستوجبها البحث عن طريق سالك للصعود من حفر القسم الثاني والهواة، ولكن شعورا منهما أنهما ربحا معركة أشرس وأعنف من معركة البحث عن النقاط في لعبة بالغة التعقيد تستمر لتسعة أشهر كاملة، معركة ضد المشوشين.
في مرات عديدة كان الشاب حسن أوغني الذي ما تسلح بشيء لاقتحام مهنة لا تأتي لصاحبها إلا بضغط الدم، سوى بالإرادة الفعلية في الإنتصار لشيء تعلق به، كان على وشك أن يرمي بالمنديل ويركب أول قطار سريع قادم للرباط ليرتاح وليريح من قصدوه بالتحرش ومن إستهدفوه بالتعنيف اللفظي لمجرد أنه جاء مثل آخرين يسعى لمصالحة المولودية مع تاريخها التليد.
لحسن الحظ أن بجيب وبقلب حسن أوغني كانت هناك أقراص مانعة للتهور وللسقوط في شرك المشوشين، فاستمر قائدا وربانا لمركب الحلم متحديا الجميع إلا أن نجح في تحقيق ما يئس منه ذات وقت أبناء مدينة وجدة.
لم يكن أوغني وحده من وقف صامدا أمام مدافع التشويش، كذلك فعل الشاب محمد أمين بنهاشم، الذي كنت أستغرب أن يكون محورا لقصف مجاني وغير مبرر من طرف من كانوا يأتونه نهارا جهارا ليشتموه وليقدحوه ولينالوا من عزيمته حتى قبل أن تبدأ مباريات فريقه، وهو الذي كان يقود المركب الطنجي بثبات ليمخر عباب الموج ويصل أخيرا إلى مرافئ البطولة الإحترافية.
لا بد إذا وأن نفهم أن هناك مسافة كبيرة بين من تستفزه نتائج الفريق ويرى أن حلم الصعود بدأ يتهاوى ويعبر عن القلق بقلب المحب قبل عقل الرياضي بطرق نتفق أو نختلف على شكلها، وبين من يسخر قصدا لضرب المشروع لا لشيء إلا لأن النجاح أصبح قريبا، فهناك من يسيئهم ولا يعجبهم أن يصنع التاريخ أشخاص آخرون غيرهم، ولو نحن جلنا بين الأندية الوطنية التي أصبح كثير منها أسيرا للفكر السياسوي بما يطغى عليه من ديماغوجية ومن إنتصار لفكر «أنا ومن بعدي الطوفان»، لوجدنا للأسف عشرات الأمثلة لهذا التحرش الرياضي البديء الذي ترفضه الرياضة بقيمها وأخلاقها.
وهي حالة لا يمكن إطلاقا أن نقف إزاءها موقف المتحير والمستنكر وحتى المندد، بل إنها تحتاج إلى معالجة عبر زوايا كثيرة للحيلولة دون مزيد من تهجير الكفاءات أكانت تسييرية أم تقنية، زاوية الصد القانوني بتفعيل قانون الشغب والعنف الرياضي وزاوية التحسيس والتوعية وحماية الإبداع الفكري وزاوية مراجعة النصوص القانونية للأندية بتسريع وثيرة الدخول في نظام تفويت فروع كرة القدم للشركات الرياضية.