الحسين خرجة.. القائد العائد: رواية العودة للعرين بعد الخروج الحزين -الجزء الأول-
الجمعة 17 أبريل 2015 - 18:09لا تحكموا على أدائي أمام الأوروغواي بسرعة، الفترة القادمة ستشهد عودة أقوى وما زلت قادرا على تقديم الكثير للأسود
ليس لاعبا عاديا ولم تكن عودته عادية لذلك يستحق حوارا غير تقليدي وغير عادي..
علاقتي وعلاقتنا بهذا اللاعب الفذ ظلت دائما مطبوعة بكثير من التقدير والود المتبادل، لذلك لبى النداء وبأريحية ووفق ضوابط موزونة ودقيقة حين طلبناه لحوار من هذا النوع.
لا أحد راهن على خروج عميد الـمنتخب الوطني بتلك الطريقة بعدما كان أحد صناع العبور التاريخي لـ «كان» 2013 بجنوب إفريقيا أمام موزمبيق، ولا أحد توقع أن تكون عودته على السريع بمجرد تجديد النشاط.
في الحوار الإنفرادي التالي يكشف الحسين خرجة عن الكثير من الجوانب الخفية في قرار الإستبعاد وقرار العودة، يتحدث أحيانا بمرارة بسبب إنصرام أكثر من سنتين من مشوار قضاها عاطلا، باحثا عن الإنصاف تارة وتارة أخرى باحثا عن من يرد الصدى للوجع الكامن بين ضلوعه.
«الـمنتخب» حاصرت العميد العائد، واستفسرته عن كثير من حلقاته التي ظلت غامضة ومغيبة عن القارئ والمتتبع الكريم بسبب الـمنفى الإختياري الذي وضع اللاعب نفسه داخل جدرانه هربا من لهيب ظلم قسى عليه.
تابعوا الحوار واكتشفوا الكثير من تجليات العودة وأحلام ما بعد العودة برواية القائد الحسين خرجة..
الـمنتخب: قد تكون التهنئة بعودتك لصفوف الـمنتخب الـمغربي تأخرت بعض الشيء، لكننا في مطلق الأحوال ملزمون بتهنئتك الآن قبل أن نستهل هذا الحوار، أعتقد أنها عودت تستحق التهنئة أليس كذلك؟
ــ الحسين خرجة: بالفعل وبدوري ممتن لاهتمامكم داخل «الـمنتحب» ولحرصكم على مواكبة جديد كل المحترفين المغاربة بمختلف البطولات، وهذا أمر عهدته شخصيا داخل هذا المنبر الذي أكن له تقديرا خاصا.
الأمور التي رافقت علاقتي بالـمنتخب الوطني، وأقصد بالعلاقة تلك الرابطة التي ظلت تشدني كثيرا لهذا الـمنتخب ولألوان العلم الـمغربي و لترديد النشيد الوطني قبل كل المباريات والتفاعل معها بأحاسيس قوية وشعور مختلف لا يعرف حقيقته إلا من درب هذا الوضع، هو بالفعل أمر يستحق التهنئة خاصة للاعب مر من المحنة التي عشتها طوال كل تلك الفترة التي غبت فيها عن حضن الـمنتخب الوطني.
الـمنتخب: لقد تغيبت الحسين عن الـمنتخب الوطني لسنتين ونصف وهي مدة طويلة جدا أكيد أنه داخلها مرت أحداث كثيرة وتقاطعات يصعب إحتواؤها وحصرها في الحوار التالي، لكن من الواجب أن نغوص في بعضها، ماذا لو طلبت منك أن تحدد لنا أنت الـمستوى الذي من الـممكن أن نبدأ بالنبش فيه؟
ــ الحسين خرجة: انظر، سأوضح لك مسألة في غاية الأهمية وهو كوني شخص متسامح والأكثر من هذا صادق، لذلك تجد الأحداث الجميلة التي ترتبط بي تمسح الأحداث السوداء والسيئة تزيلها من الذاكرة.
لذلك أعتقد أن النشوة التي ما زلت أشعر بها وأحسها بعد حضوري مؤخرا رفقة الـمنتخب الـمغربي تجعلني أفصل البدء من هذه المحطة بالذات.
الـمنتخب: طيب، نود منك أن تخبرنا عن التفاصيل والـمـقدمات التي مهدت لعودتك لصفوف الـمنتخب الوطني، وتفاصيل لقائك بالزاكي بادو وخيط التواصل الذي ظل قائما بينكما؟
ــ الحسين خرجة: حين علمت قبل فترة من الآن أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم اختارت الزاكي بادو لقيادة الـمنتخب الوطني شعرت بارتياح بالغ وكبير، أيقنت خلالها وكان هذا منذ سنة تقريبا بحسب تقديري الخاص، أن الأمور ستتحسن والأوضاع ستصحح.
لقد وضعت الجامعة أمانة الـمنتخب الـمغربي بأيادي أمينة، لا أرمي هذا المدرب بالورود ولا أقدم شهادات مجروحة بحقه لأنه لا يحتاج مني هذا، بل لأنه بالفعل الـمدرب المحترف والقادر على ضبط الأمور كلها بقبضة قوية، و حين أتحدث عن قبضة قوية لا أعني الـمبالغة في استحضار جوانب الصرامة بقدر ما أتحدث عن مدرب لا يظلم في اختياراته ومدرب متمكن من الأجواء ومن زمام الأمور.
لم يكن ممكنا أن احضر قبل هذه الفترة لأني للأسف لم أكن أتوفر على فريق، ومع ذلك كان للزاكي إتصالات حاولت دائما الرفع من معنوياتي ومن تذكيري على أني ضمن المشروع وكل الأمور ستظل مشروطة بالتنافسية والجاهزية وهذان معياران لا يتساهل معهما الناخب الوطني كما يعرف الجميع.
الـمنتخب: (مقاطعا) كانت أخبار قد راجت عن كونك ترفض الحضور حتى لو تلقيت الدعوة ما صحة كل هذا؟
ــ الحسين خرجة: مستحيل وغير مقبول ومن روج لهذا لا يعرفني تمام المعرفة، أبدا لم أكن ولن أكون ذلك اللاعب الذي يتهاون في خدمة منتخب بلاده ولم يسجل التاريخ أني تهاونت يوما في تلبية دعوة أو نداء أو قصرت في واجب، فكيف يعقل أن أفعل هذا الآن ومن تحدث بهذا فقد روج للبهثان لا غير.
على العكس من ذلك تماما فقد كنت أحترق يوما بعد يوم وأنا أنتظر لحظة عودتي أو أن يكون هناك من يفكر في شخصي.
الـمنتخب: بعد وضع اللائحة أكيد أن الزاكي أخبرك والجامعة كذلك على أنك من الـمعنيين بمباراة الأوروغواي، حدثنا عن شعور هذه اللحظة بالذات؟
ــ الحسين خرجة: سـأكشف لك شيئا في غاية الأهمية أود أن يعرفه المتتبع، وهذه حقيقة لا يشك فيها من يمارس الكرة ومن يعرف قيمة تمثيل منتخب بلادك.
فأي لاعب مهما علا شأنه أو صغر على مستوى العالم تتفاعل داخله الكثير من المشاعر وهو يلبي دعوة بلاده لتمثيلها حتى ولو للحضور للمعسكرات دون أن يلعب أو يحضر المباريات، مثل هذه المبادرات لها أكثر من فائدة وانعكاس، إنها تقوي علاقتك بالوطن وبأبناء الوطن وبالجمهور والصحافة المغربية وتطرد عنك غمة الغربة ويساهم الأسبوع الذي يحضر فيه اللاعب لبلاده في شحن بطاريته من جديد.
لذلك لا يمكن وصف الشعور الذي غمرني لحظة توصلي بالدعوة لحضور مباراة الأوروغواي، لقد كان شعورا مختلفا تماما ولربما عادل شعور حضوري لأول مباراة لحمل القميص الوطني.
الـمنتخب: نلمس من كلامك أن الشوق قال كلمته في حالتك هاته، لذلك يجرني الحديث لنفض الغبار على واقعة خلافك مع الطوسي و هو الخلاف الذي كان سببا في إبعادك عن الـمنتخب الوطني ولربما هو من أثر في مشوارك الإحترافي، أليس كذلك؟
ــ الحسين خرجة: أنت هنا تخرجني من حالة لتدخلني لأخرى أصنفها ضمن أسوا الـمراحل التي مررت منها بمشواري الإحترافي على الإطلاق، إنها النقطة السوداء التي جاهدت وأجاهد حاليا لنسيانها أو محاولة فعل ذلك.
آثار هذه الفترة أحدثت إنقلابا كبيرا في حياتي كلها وليس في مساري الإحترافي وسأكشف كيف حدث ذلك إن أمكنني..
الـمنتخب: أمامك فرصة للتوضيح، لقد تم ربط قرار استبعادك بمواقف بدرت منك وتمثلت في رفضك الرد على اتصالات ومكالـمات الطوسي يومها؟
ــ الحسين خرجة: أحملك أمانة وأتمنى أن تنقلها للرأي العام الذي تم تغليطه يومها، أقسم بالله وبحياة أطفالي (هكذا أقسم) على أن كل هذا كان كذبا في كذب.
حين تولى الطوسي زمام الأمور التقنية داخل الـمنتخب الوطني أوفد للقائي بقطر مساعده وليد الركراكي الذي قال لي بالحرف: (الحسين أنا أعرفك تمام المعرفة وتعايشت معك لاعبا محترفا ومنضبطا، لذلك نعول عليك في الفترة القادمة أن تحضر وتؤطر المجموعة كما ينبغي هناك لاعبين جدد وبعضهم من دون خبرة ودورك سيكون كبيرا داخل وخارج الملعب.
أمامنا مباراة موزمبيق والإنتصار فيها سيقودنا لأمم إفريقيا و لا يوجد الكثير من الوقت فكن متعاونا معنا).
ودعت الركراكي وفعلا حضرت وقمت بما يمليه علي الواجب، والنهاية تعرفونها فزنا على الموزمبيق وتأهلنا وبعدها حدث ما حدث معي مع كثير من الحيرة التي قتلتني ساعة بساعة وأنا أتساءل عن الذي حدث.
الـمنتخب: تصر على أنك استبعدت لأسباب غير التي تم الترويج لها؟
ــ الحسين خرجة: هذا صحيح وأكرر قسمي على أنه لم يحدث وأن اتصل بي الطوسي يوما أو راسلني بــ «إيميل» كما راج يومها ولم أرد عليه.
كل هذا كذب في كذب، أنت حين أردت إجراء هذا الحوار معي اتصلت بي فلم أرد لأني كنت في التداريب وتركت لي رسالة عبر العلبة الصوتية للهاتف ورسالة نصية فقمت بالرد عليك وحددت معك توقيت الحوار وهو ما تم في نهاية المطاف والأمور واضحة..
الـمنتخب: في اعتقادك ما الذي قاد مدرب الـمنتخب الوطني لهذا التصرف يومها؟
ــ الحسين خرجة: لا أملك جوابا ولا أظن أن الكشف عنه اليوم سيفيد، بالعكس تماما أريد الإستمتاع بالفترة الحالية التي أمضيها مع الـمنتخب الوطني ولا أريد النبش في تلك التفاصيل المقرفة والمزعجة بالنسبة لي.
صفحتا الطوسي والعربي القطري الأسوأ بمساري، كلاهما ظلمني وأغرقاني في الأحزان وعطلا مشواري بلا سبب، واليوم أعيش أجمل إنصاف لذلك وضعت كل الذي حدث معي خلف الظهر ولم تعد تهمني معرفة الحقيقة في شيء.
حاوره: منعم بلمقدم