ADVERTISEMENTS

ما بعد الإنصاف الـمصالحة

الخميس 09 أبريل 2015 - 21:21

أتعبتنا كل هذه الأيام المقفرة في البحث عن قشة أمل نتمسك بها، عن خيط ضوء يعبر بنا ما بقي من نفق أدخلنا فيه الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، منذ أن بدا له أن في إصرارنا على طلب تأجيل النسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم عن موعدها الأصلي عصيانا، فعاقبنا أولا بأن جردنا من هذه الكأس الإفريقية التي كنا نبدع لها شكلا يخلدها في الذاكرة الإفريقية، ثم زاد على ذلك شيئا ثانيا بأن أقصى فريقنا الوطني من نسختي 2017 و2019، وعلى هواه خاط العقوبات المالية التي فيها ما هو تغريم على الإنسحاب من التنظيم وفيها ما هو جبر للضرر المالي الناجم عن نقل البطولة إلى غينيا الإستوائية.
طريق طويل مشاها المغرب صابرا ومحتسبا ومؤمنا بأن تعاطي «الكاف» مع طلبه بتأجيل «الكان» فيه كثير من الغلو بل فيه كثير من الفجور وفيه كثير من الهدم المباشر للأساس القانوني والمؤسساتي الذي قام عليه طلب التأجيل، وكان ضروريا أن نبحث فينا عن اليقين الذي يرفع قليلا هذه الغمة التي رمانا بها الإتحاد الإفريقي لكرة القدم منذ أن عرض علينا قائمة العقوبات في السادس من فبراير الماضي، كان ضروريا أن أقنع نفسي قبل الأخرين بأن الأمور لن تزداد سوء عندما أكرهنا الإتحاد الإفريقي لكرة القدم بعد العقوبات التي أصدرها ولا تقبل عنده الإستئناف، على اللجوء إلى التحكيم الرياضي الدولي للطعن في كل هذه الأحكام التي قصدت بالفعل إعدام جيل كروي بكامله عندما فصلته بأفظع صورة عن قارته وهي تقصيه من ثلاث بطولات إفريقية.
وعلى ثقتي الكاملة بأن الخطوة التي أقدم عليها المغرب لرفع ضرر رياضي ومالي وقع عليه، منطلقها حق مكفول باسم المواثيق العالمية، لطالما أن هناك دائما جهة أخيرة يمكن أن يلجأ إليها أي فريق أو أي جامعة متضررة للتقاضي أمامها والإحتكام إليها لاستئناف حكم لا يقبل النقض داخل الجهة التي أصدرتها، إلا أنني كنت كما المغاربة خائفا من أن تؤيد المحكمة الرياضية الدولية عقوبات الكاف ونكون حيال ذلك أمام حالة من الدمار الكروي الشامل.
نحمد الله أن قضاة المحكمة الرياضة بعد الإستماع إلى طرفي النزاع وبعد تعميق النظر في الدفوعات وفي الأساسات القانونية التي قامت عليها العقوبات الرياضية والمالية بالرجوع إلى النظام الأساسي لكأس إفريقيا للأمم، قضوا ببطلان العقوبات تأسيسا على ما كنا قد ذهبنا إليه في متابعتنا لكل فصول القضية، فلا يوجد مثلا أي نص قانوني في النظام الأساسي لكأس إفريقيا للأمم يبيح إصدار عقوبة الإبعاد عن نسختين لكأس إفريقيا للأمم عند التراجع عن تنظيم كأس إفريقيا للأمم كما تبين ذلك حالة الـمغرب، كما لم يكن مثبتا في نظام العقوبات لحظة سحب التنظيم من المغرب ما يشير إلى أن الغرامة المالية المفروضة على بلد تراجع أو انسحب من التنظيم قبل ستة أشهر من تنظيمها هي مليون دولار، فقرار المرور من غرامة 50 ألف دولار إلى مليون دولار الذي صادقت عليه الجمعية العمومية لم يصبح ساري المفعول سوى في الفاتح من سنة 2015، كما أن الثمانية ملايين أورو التي قدرها الإتحاد الإفريقي لكرة القدم كخسائر ناجمة عن نقل البطولة قسرا من المغرب إلى غينيا الإستوائية، تحتاج إلى خبرة دولية، فلا يحق قانونا بحسب ما تقضي به المواثيق التجارية الدولية وبحسب ما ينص عليه العقد المبرم بين الجامعة الملكية والإتحاد الإفريقي لكرة القدم، أن تحدد الكاف حجم الخسائر المالية من دون اللجوء إلى هيئة تجارية ومالية مستقلة.
قطعا هذا الذي كان يوم الخميس الماضي والمحكمة الرياضية الدولية تقضي ببطلان كل أو جل الأحكام التي أوقعها الإتحاد الإفريقي بالمغرب برغم أنها لم تعتبر وباء «غيبولا» قوة قاهرة، هو نهاية لمعاناة وإزاحة لغمة وهو انتصار لقرار سيادي ومؤسساتي لم يكن المغرب فيه يزايد بإفريقيته، ولم يكن يعني كما صور بعض الحاقدين على أنه تملص ونقض للعهود، وهو أيضا إنقاذ لحلم جيل كروي بكامله، إلا أن هذا القرار ليس إنتصارا على الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، فالمغرب عندما لجأ للتحكيم الدولي إنما كان يريد إسترداد حق أخذ منه على نحو باطل، وأبدا لم تكن له نية في كسر شوكة الإتحاد الإفريقي لكرة القدم أو ضرب كبريائه وتمريغ شرفه في التراب، أبدا لم يكن المغرب في معركة مع «الكاف»، حتى نقول اليوم وقد حصلنا على البراءة التي تحللنا من وزر العقوبات بأن هذه ضربة موجعة وجهها المغرب لحياتو ولمكتبه التنفيذي الذي نطق بإجماع غير مسبوق بالأحكام وبالعقوبات.
لا أنكر أنني قلت تحت تأثير الصدمة وقد أصدرت الكاف عقوباتها الثقيلة جدا، أن هذا التجني يوجب ردة فعل قوية من المغرب، ولما لا إعلان العصيان عليه وإشهار معركة تنتهي بإسقاط كل رؤوس مكتبه التنفيذي، إلا أنني اليوم وقد زال عني كما كل المغاربة الروع وإيمانا أيضا بالحكمة التي تدبر بها المغرب هذا الخلاف وبمؤسسية القرار أقول بعد الإنصاف الذي جاء من المحكمة الرياضية الدولية، يجب أن نمر إلى المصالحة، فما إختصمنا عليه وما لجأ المغرب حياله إلى المحكمة الرياضية الدولية لا يجب أن تكون له تداعيات أخرى، غير إصرار الجامعة الملكية لكرة القدم على أن تكون لها مع الإتحاد الإفريقي جلسة مصارحة ومكاشفة تبقي على هذا الود التاريخي الذي يحفظه المغرب مع الكاف، ود يجب أن يتعزز في القادم من الأيام تأسيسا على فلسفة العمق الإفريقي التي أبدعها صاحب الجلالة الملك محمد السادس رعاه الله.
ولا بد من أن نعترف ونحن نمد جسور الحوار لرأب الصدع والحيلولة دون المزيد من الإحتقان الذي يشجع عليه المتربصون والعودة إلى مرحلة الصفاء الكامل مع «الكاف» أن نعترف بأننا إرتكبنا خطأ إستراتيجيا عند تمرير طلب التأجيل إلى الإتحاد الإفريقي ما أورث حالة التقاطع التي أفضت إلى ما أفضت إليه، ولربما نبهنا كل هذا إلى ضرورة استحضار الحكمة في الدفاع عن قرارات سيادية تأسست على الحكمة أولا وقبل كل شيء.
لذلك أجد في المقاربة التي كشف عنها السيد فوزي لقجع رئيس الجامعة وهو يعلق على قرار المحكمة الرياضية الدولية، والتي تقضي باعتبار الإتحاد الإفريقي لكرة القدم شريكا لا خصما أو منافسا، ما يشجع على أن تذهب الجامعة في اتجاه تخصيب وتفعيل الدور المغربي داخل هذه الهيئة الكروية القارية دفاعا عن المصالح ودرءا لكل المفاسد التي يأتي بها البعض للتشويش على الصورة وفضح كل من يحلو له الإصطياد في المياه العكرة.

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS