أكثر من إحتفال
الإثنين 30 مارس 2015 - 22:00يلزمنا المحك الودي الثقيل والإستراتيجي الذي يدعى إليه الفريق الوطني هذا السبت بأكادير، عندما يلاقي منتخب الأوروغواي الذي يمثل لكرة القدم العالمية وكرة القدم بجنوب أمريكا مدرسة قائمة بذاتها، بطرح أكثر من سؤال، سؤال الغاية من منازلة منتخب مصنف اليوم في المركز التاسع عالميا وسؤال الإنتظارات التكتيكية وسؤال السياقات الزمنية ثم سؤال الإستفادة التي ستتحقق لأسود الأطلس من نزال يضع الفريق الوطني في محاكاة أسلوب كروي لاتيني.
لا بد من الجزم بأن منتخب الأوروغواي كان خيارا ثالثا للجامعة بعد أن إستحال توضيب لقاء بمنتخب البرازيل وبعده بمنتخب الأرجنتين، ولا بد من الإقرار على أن تصميم الجامعة على الإنفتاح على المدرسة اللاتينية التي لها جاذبية رائعة في المشهد الكروي العالمي، هو تنزيل لما قطعته الجامعة وقطعه الناخب الوطني الزاكي بادو على نفسيهما من أن هذه الفترة تحديدا ستشهد لقاء وديا يجمع الفريق الوطني بمنتخب بمقاس الأورغواي، جلبا للإحتفالية حجبها عن الجماهير المغربية قرار الإتحاد الإفريقي لكرة القدم بترحيل النسخة الثلاثين لكأس إفريقيا للأمم 2015 من المغرب إلى غينيا الإستوائية، وعودة لملاقاة منتخبات بمستويات كبيرة بعد أن حكم إنشغال كبريات المنتخبات الإفريقية بالتصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا للأمم 2015 على الفريق الوطني بمواجهة منتخبات إفريقية من المستويين الثالث والرابع، ما استحال معه إصدار حكم تقريبي عن الهيئة الفنية والتكتيكية التي أصبح عليها الفريق الوطني منذ أن عاد الزاكي للإشراف على عارضته التقنية.
هو إذا لقاء إحتفالي، ولكن ما من شيء يقول أنه لقاء إستعراضي وفرجوي لا يقبل أبدا بالضغوط النفسية التي هي ملح النزالات أكانت ودية أم رسمية، وعندما يقول الزاكي أنه ما أصر على اللعب مع واحد من المنتخبات الكبيرة التي لها مرجعية وتاريخ وصيت عالمي، إلا ليعوض الجماهير المغربية عن تبخر حلم كأس إفريقيا للأمم، فإنه في مقابل ذلك يقول أنه حريص هذه المرة تحديدا على تحقيق الفوز لما له من دلالات نفسية وتقنية، ولما له من تأثير على محيط العمل برمته، فقد كانت عادة الناخبين الوطنيين والزاكي أحدهم، أن تحصل الإستفادة الكاملة من أي محك ودي بمعزل كامل عن النتيجة أكانت فوزا أو خسارة، إلا أنه في السياقات الزمنية التي يعيشها الفريق الوطني وهي سياقات متوثرة، يكون الفوز على منتخب بقيمة الأوروغواي هو تاسع المنتخبات العالمية في تصنيف الفيفا دالا بالفعل على أن منظومة العمل التقني التي بدأت بوثيرة متسارعة قبل أن يبطئها قرار الكاف، تسير في اتجاه خلق فريق وطني يرتفع قليلا عن الرداءات التي سقط فيها منذ ما لا يقل عن 10 سنوات.
وقطعا عندما يضع الزاكي لاعبيه في مجاراة تكتيكية لمنتخب لاتيني يجزم الكل بأنه يمثل حالة خاصة بأسلوب لعبه القائم على الصرامة التكتيكية في التوظيف المهاري للاعبين عند البناء التكتيكي وعند النزالات الفردية، فإنه ينتظر ردة الفعل وينتظر نوعية المقارعة التكتيكية التي سيفرزها الأسود عن طريق أدائهم الجماعي، وإذا ما أجابت المباراة الودية عن سؤال نوعية الردود التي سيأتي بها أسود الأطلس، فإنها ستجيب أيضا عن سؤال التطور الذي سجله الأداء الجماعي والمستوى الذي بلغه الزاكي في بناء شخصية فريق وطني يقطع مع الخيبات والإقصاءات ومع السقوط المتواثر في الرداءة وفي عدم مطابقة الذات وإصابة الجماهير بالإحباط.
وإن لم يقنعنا ما ذهب إليه الزاكي في اكتفائه بودية واحدة وغيرنا من المنتخبات سيجري نزالين وديين في الفترة الدولية، فإنه يقنعنا أن يكون الزاكي قد أخلص للنواة الصلبة التي إجتهد في وضعها على مدار الأشهر التي قضاها على رأس الفريق الوطني، برغم كل الجديد الذي رصده وجاء به لتقوية البدائل ولتوسيع قاعدة الإختيار، فمن كان يظن أن استبعاد الفريق الوطني من نسختي كأس إفريقيا للأمم 2017 و2019 سيدفع الزاكي للتضحية بالنواة الصلبة لطالما أن المراهنة على هدف بعيد هو بلوغ نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا يقتضي تشبيب التركيبة البشرية، أجابه الزاكي بدعوة العميد السابق للأسود الحسين خرجة، الذي ما وضع على ظهره قميص الفريق الوطني وما تأبط العمادة منذ مباراة الموزمبيق التي فتحت للفريق الوطني أبواب كأس إفريقيا للأمم 2013 يوم 13 أكتوبر 2012، فالوصول إلى نهائيات كأس العالم يحتاج إلى كوماندو مقاتل وعارف بحرارة ولدغات الأدغال، ولا أحد يمكن أن يدعي أن الحسين خرجة ليس من هذا العيار، فإذا كانت تنافسية خرجة والشماخ وغيرهما من الطاعنين في السن تسمح بوجودهم في قلب الرهانات الإفريقية الصعبة، فلماذا التردد إذا؟
يكون ضروريا إذا أن نعرف بالإحتكام للمباراة الودية أمام الأوروغواي هذا السبت، ما الذي سيقنعنا به الزاكي والفريق الوطني في رحلة البحث عن الذات وفي رحلة استكمال الشخصية وفي رحلة الإصطدام بالكبار بعد أن أدمنا في وقت سابق ملاقاة منتخبات بعيارات تكتيكية خفيفة، لا يمثل الفوز فيها بأي حصة مقياسا للحكم على النوايا وعلى طبيعة السير.