كلاسيكو مصاب بالإحتباس
الأربعاء 25 مارس 2015 - 19:22عندما سمي كلاسيكو الليغا الإسبانية بكلاسيكو الأرض، فإن ذلك رمز إلي الكونية وإلى الرستثنائية أيضا، فأبدا لا يمكن أن نجد بين كل دربيات وكلاسكيات العالم، مباراة تجتدب الملايين حول العالم ومباراة يقاس بها مدى التطور الذي تشهده شاكلات كرة القدم كما يفعل الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد، والذي تحول في آخر ست سنوات إلى معارك مفتوحة على أكثر من صعيد، معارك بين مجرات النجوم ومعارك بين الربابنة ومعارك بين فلسفات اللعب ومعارك من أجل مزيد من الإنتشار، هي إذن مباراة خارج كل التقسيمات، ومباراة استثنائية.
فهل يمكن القول أن كلاسيكو يوم الأحد الأخير بالكامب نو بين برشلونة والريال مدريد والذي آلت نتيجته ونقاطه الثلاث لفريق برشلونة عزف على ذات الوتر، وقدم ذات الصورة الهلامية وجاء بنفس التوابل التكتيكية والبدنية والتسويقية؟
ليس هناك من شك في أن كلاسيكو يوم الأحد احترم كل العادات والتقاليد وكان على نفس الدرجة من الجاذبية، إذ حقق كالعادة متابعة جماهيرية قياسية في قارات العالم الخمس برغم اختلاف التواقيت، إلا أن ما شاهدناه على مسرح العرض وما تقدمه لنا الإحصائيات الرقمية والبيانات الاستكشافية يقول بأن الكلاسيكو الإسباني زاغ هذه المرة عن سكته ولم يكن مخلصا لذات العادات والتقاليد التقنية والتكتيكية، بل إنه يستحيل أن يقاس عليه بالعودة إلى ما كان من كلاسيكيات في السنوات الست الأخيرة، فماذا تغير إذن في كلاسيكو يوم الأحد؟
ما تغير أن برشلونة فاز بنقاط المباراة وهو يقدم واحدا من أسوإ عروضه الكروية بشهادة ملهم التيكي تاكا والكرة الشاملة الفيلسوف يوهان كرويف الذي قال بالحرف: «لعبنا مباراة سيئة وفزنا بالنقاط الثلاث، لم يرضني الأداء ولكن أسعدني الفوز، هذا كل شيء». وما تغير أيضا أن ريال مدريد الذي كان متعبا وخارجا عن نص أدائه الخرافي من إطلالة سنة 2014 ربما يكون قدم بالكامب نو واحدة من أجل مبارياته، إلا أنه لم يظفر فيها بأي نقطة، بل إن الخسارة زادته إبتعادا عن برشلونة ولربما جعلت الفوز بلقب الليغا صعب المنال.
ما تغير هو أن الصحافة الموالية لريال مدريد قالت بمطلق الأسى: «الأداء كان جيدا والنتيجة كانت سيئة» فيما قالت الصحافة الموالية لبرشلونة: «سعداء للفوز بالكلاسيكو وبتعميق فارق النقاط عن الغريم ولكن هل أسعدنا ما شاهدناه في أداء برشلونة؟».
ما تغير على المستويات التكتيكية أن الفريقين تركا على غير العادة الكثير من المساحات الفارغة وأن وسطي الملعب لبرشلونة وريال مدريد لم يمارسا كالعادة الضغط الخانق على حامل الكرة، وما تغير أنه لأول مرة بالكامب نو يقتسم الفريقان نسبة الإستحواذ على الكرة، بل إن ريال مدريد تفوق على غريمه في نسبة التمريرات الناجحة في منطقة الخصم وهو أمر يؤكد على شيء أساسي هو أن لويس إنريكي ماض في إعمال ما كان قد وعد به سابقا من أنه سيضفي على شاكلة التيكي تاكا جرعات من الواقعية ليمنع عنها ذلك الإحتباس التكتيكي الذي قادها ذات مرات إلى غرفة الإنعاش.
لا يبدو أن للويس إنريكي وحتى لكارلو أنشيلوتي لخصوصيات فكرية وتوابث تقنية القدرة على أن يحققا للكلاسيكو تلك الفورة الجميلة وذاك الغليان المثير للإعجاب كما فعل قبلهما كل من الفيلسوف بيب غوارديولا والإستثنائي جوزي مورينيو.
نهاية يمكن الجزم بأننا عشنا يوم الأحد الأخير واحدة من أكثر النسخ تواضعا للكلاسيكو الإسباني وبأن سحبا داكنة انتشرت في سماء الكلاسيكو فاستحالت معها الرؤية واستحالت معها المتعة، ولكن لن نجزم بذات القدر على أن الكلاسيكو خسر نقاطا في بورصة القيم العالمية، فالصدام الكروي بين العملاقين كلما تجدد كلما جرت مياه في نهر المتعة.