نجوم فوق الملعب وأكاديميون بارزون
السبت 01 مارس 2014 - 13:04لا يرتبط عالم كرة القدم دائماً بنخبة النخبة في الأوساط الأكاديمية، حيث إن كثيراً من عشاق الساحرة المستديرة لا يتخيلون نجومهم المفضلين قادرين على تكريس بعض من وقتهم في سبيل التعلم بينما يستمتعون بتحقيق الإنجازات المذهلة على المستطيل الأخضر.
بيد أن التاريخ حافل بالأمثلة الشاهدة على بعض الحالات التي نجح فيها عدد من المشاهير في التوفيق بين نجاحهم الدراسي وتألقهم في سماء الرياضة الأكثر شعبية في العالم. فحتى اليوم، هناك العديد من النجوم الحاليين الذين تمكنوا من مواصلة تعليمهم جنباً إلى جنب مع مسيراتهم فوق الملاعب على الرغم من الأجور الفلكية التي يتقاضونها من ممارسة اللعبة بشكل يدعو للإعتقاد بأنهم لن يكونوا بحاجة إلى البحث عن أية مهنة أخرى بعد التقاعد.
وفيما يلي، يلقي موقع FIFA.com نظرة على بعض الأسماء اللامعة أكاديمياً وكروياً.
يزخر الدوري الانجليزي الممتاز بعدد هائل من المشاهير الذين أكملوا دراستهم خلال مشوارهم مع أنديتهم. فعندما وصل الحارس البلجيكي سيمون مينيولي إلى إنجلترا مثلاً، لم يكن الأجر أو السيارة أبرز المواضيع خلال المفاوضات التي سبقت انتقاله إلى سندرلاند، ولكنه أراد أن يعرف أين يمكنه إكمال دراسته للحصول على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية.
وفي تصريح لصحيفة ديلي ميل، قال مينيولي الذي يتحدث خمس لغات: "عندما بدأت اللعب، كان والدَيَّ يفضلان أن أذهب إلى الجامعة. نصحاني باتخاذ قراري بحكمة والبحث عن شيء يمكن التوفيق بينه وبين التدريب. كان علي أن أتعلم شيئاً أتسلح به في حال لم تسر الأمور على ما يرام."
وكان لزميله في ليفربول غلين جونسون تصور مماثل، حيث أوضح في عام 2012 أنه كان يمضي ساعتين في الدراسة يومياً للحصول على شهادة البكالوريوس في الرياضيات. أما لاعب مانشستر يونايتد الجديد خوان ماتا، المقيم بدوره في شمال غرب إنجلترا، فقد ذهب أبعد من جونسون، حيث عكف على التحضير لنيل درجتين أكاديميتين - واحدة في مجال التسويق والأخرى في العلوم الرياضية.
وعندما سأله موقع FIFA.com عن سر ذلك في حوار معه العام الماضي، قال ماتا "إنه صعب ولكنه ليس بالمستحيل. أنا أحب عالم التسويق والدعاية والتكنولوجيا الجديدة. وليس هناك من سبب يجعل ممارسة كرة القدم غير متوافقة مع القيام بأشياء أخرى."
أما جار يونايتد مانشستر سيتي، فيقوده "المهندس" مانويل بيليغريني الذي بنى في ظرف وجيز فريقاً قادراً على تحدي العمالقة والتنافس على درع بطولة الدوري الممتاز مرة أخرى. بيد أن هذا اللقب لا يُطلق عليه جزافاً، بل إن فيه إشارة إلى الشهادة الجامعية التي يحملها، وهو الذي أنهى دراسته في الهندسة المدنية بينما كان في عز مسيرته كلاعب محترف، علماً أنه عمل في هذا المجال خلال الفترة الممتدة بين إنهاء مشواره فوق الملاعب ودخوله عالم التدريب
وبدوره، حصل آرسين فينغر على البكالوريوس في الإقتصاد عندما كان يلعب في صفوف ميلوز الفرنسي، في حين أن الأسباني روبرتو مارتينيز تخرج من شعبة العلاج الطبيعي خلال فترة دفاعه عن قميص ريال سرقسطة، وقد شاءت الصدف أن يكون اليوم على رأس إدارة إيفرتون، الذي يُطلق عليه لقب "مدرسة العلوم".
ومن جهته، يدرس مواطنه أندريس إنييستا حالياً علم الأحياء في شعبة العلوم الرياضية، حيث يحرص الفائز بكأس العالم على تولي إدارة مصانع النبيذ التي تملكها عائلته في مسقط رأسه. كما يُعتبر لاعب سبورتنج كانساس سيتي أوريليان كولين من الوجوه الأكاديمية على ملاعب كرة القدم في العصر الحديث، حيث يدرس تصميم الأزياء على عبر الإنترنت، شأنه شأن الدولي الأرميني هنريخ مخيتاريان، الذي بدأ يدرس الاقتصاد بالتزامن مع مسيرته في شاختار دونيتسك، حيث قال في حديث لمجلة FourFourTwo: "أنا أدرس لأنني أشعر بأهمية الإستمرار في التعلم طوال الحياة."
ومن بين النجوم الراحلين، كان سقراطيس شديد الحرص على التعلم طوال حياته، حيث يُعتبر واحداً من الأكاديميين الأكثر شهرة في عالم كرة القدم. كيف لا وقد حاز مايسترو خط الوسط البرازيلي على شهادة الدكتوراه في الطب، حيث رفض احتراف كرة القدم حتى أكمل دراسته في سن 25، علماً أنه مارس مهنة الطب في بلدة ريبيراو بريتو البرازيلية عندما اعتزل في عام 1989.
وقال سقراطيس في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية خلال امتهان الطب: "التقيت أشخاصاً يعانون كثيراً وكذلك آخرين يقفون على الجانب الآخر من المجتمع، أولئك الذين يملكون كل شيء. كنت أرى طرفي المجتمع الذي نعيش فيه."
وقد عاش مدافع سيلتيك جيم كريغ قصة مماثلة، وهو الذي وصل إلى النادي بعقد هواية نظراً لتشبثه بدراسة طب الأسنان في جامعة غلاسكو. وبعد الإنتهاء من الدراسة، دخل عالم الإحتراف مع الفريق ليتمكن معه من رفع كأس الإتحاد الأوروبي في عام 1967.
وعلى غرار سقراطيس، هناك عدد من اللاعبين الذين لم يتخلوا عن دراستهم أثناء اللعب، ولا سيما في دول أمريكا اللاتينية، ولعل من أبرزهم كارلوس بيلاردو وراؤول ماديرو، اللذان كانا عنصرين أساسيين في فريق إستوديانتس ('الطلاب' باللغة الأسبانية) حيث فازا معه بلقب كأس ليبرتادوريس ثلاث مرات متالية في أواخر الستينات، قبل أن يمتهنا معاً عالم الطب.
وبينما واصل بيلاردو مسيرته في ملاعب الكرة ليصبح مدرباً لمنتخب الأرجنتين في نهائيات كأس العالم FIFA عامي 1986 و1990 (حيث قاد الفريق للفوز باللقب في المرة الأولى)، انضم ماديرو إلى أعضاء لجنة FIFA الطبية، بعد أن عمل إلى جانب زميله السابق بصفته طبيباً للفريق الأرجنتيني خلال تلك النسختين من العرس العالمي. وفي أسبانيا، تخرج نجما ريال مدريد السابقين، إيميليو بوتراغينيو و مانولو سانشيز من كلية الإقتصاد ليحصلا فيما بعد على درجة الماجستير، حيث نال الأول دبلوم الإدارة الرياضية بينما فضل الثاني إدارة الأعمال الدولية.
أما خوسي مارتينيز سانشيز، المعروف باسم بيري، الذي سبقهما إلى التألق بألوان الميرينيغي بفوزه عشر مرات بلقب الدوري مع الريال بين عامي 1964 و1980، فقد امتهن الطب بعد اعتزاله لينضم إلى الفريق الطبي للنادي الملكي في ثمانينات القرن الماضي.
وفي البرتغال، كان نادي أكاديميكا (الواقع في مدينة كويمبرا التي تحتضن واحدة من أقدم الجامعات في العالم، حيث تأسست عام 1290)، يضم في صفوفه فقط لاعبين من طلاب الجامعة المحلية، حيث استمر هذا التقليد حتى منتصف السبعينات، ولو أن الفريق ما زال يحتفظ بلقب "إستودانتيس" ('الطلاب') علماً أن طلاب جامعة كويمبرا ما زالوا يمثلون غالبية أنصاره إلى يومنا هذا.
بيد أن المزج ين التألق على الملاعب والتفوق الأكاديمي لا يقتصر على لعبة الرجال. ولا أدل على ذلك من مثال إنيولا ألوكو التي اجتازت امتحانات نهاية الفصل للحصول على الشهادة الجامعية في التاريخ صباح يوم مباراة انجلترا ضد الدنمارك ضمن نهائيات كأس الأمم الأوروبية للسيدات 2005، حيث بدأت المباراة على مقاعد البدلاء قبل أن تدخل في الشوط الثاني.
وفي حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية، قالت ألوكو البالغة من العمر 18 عاماً آنذاك: "لا يمكنني التخلي عن دراستي، لأن التعليم هو الأساس دائما بالنسبة لي. لكن كرة القدم هي شغفي، إنها خياري وسبيل حياتي."
بالفعل، تُعتبر كرة القدم سبيل حياة بالنسبة للكثيرين، ومن خلال مبادرات مثل جيل adidas التي تهدف إلى دعم الشباب ذوي المواهب الواعدة ومساعدتهم على مواصلة التعليم الجامعي في الولايات المتحدة الأمريكية تحسباً للإخفاق في المسيرة الرياضية، قد نرى في يوم من الأيام أجيال المستقبل يسيرون على خطى سقراطيس وماتا وبوتراغينيو.