من يريد لي ذراعنا؟
الجمعة 30 يناير 2015 - 13:54لن يكون بمقدور الإتحاد الإفريقي لكرة القدم إطالة مسلسل الإثارة والتسويف الذي أطلقه منذ قراره القاضي بمعاقبة المغرب على إمعانه في طلب تأجيل نهائيات النسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم، بترحيلها إلى غينيا الإستوائية، حيث تعاني المنتخبات المشاركة ما تعانيه من مثبطات هي من أصل فجائية القرار، عندما قال في حكمه النهائي أنه لا يقبل بالتأجيل تحت أي وازع حتى لو كان قوة قاهرة، وعندما سحب التنظيم من المغرب وتوعده بعقوبات منصوص عليها في النظام الأساسي لكأس إفريقيا للأمم في حال تملص أي بلد من التنظيم.
بعضنا برر هذا التأخر في إصدار العقوبات بشقيها الرياضي والمالي بوجود حالة من الإرتباك بل والإنقسام داخل اللجنة التنفيذية للكاف الموكول لها إتخاذ القرارات العقابية، بين مطالب بأن تكون العقوبات ثقيلة ثقل الأضرار المالية والرياضية التي ألحقها بالدورة نقلها من المغرب إلى غينيا الإستوائية، وبين من يقول بضرورة الأخذ بالإعتبارات الإنسانية التي ساقها المغرب لتبرير طلب التأجيل واستحضار ما كان المغرب وما يزال يقدمه للكرة الإفريقية، برغم أن الكل يجمع على خطإ مسطرة الإبلاغ عن طلب التأجيل.
وكان ممكنا الجزم بوجود حالة الإرتباك هاته، عندما لم تستطع اللجنة المنظمة لكأس إفريقيا للأمم كما هو مخول لها قانونا النطق بالحكم النهائي، فأحالت القضية بالكامل على اللجنة التنفيذية للإتحاد الإفريقي، التي فضلت بإيعاز من عيسى حياتو التريث كثيرا قبل القول أن يوم سادس فبراير سيكون موعدا للكشف عن طبيعة العقوبات المالية والرياضية التي ستقع على الجامعة والتي تأكد لنا جميعا أنها ستقتصر على المنتخب الأول وعلى مشاركاته في نسخ كأس إفريقيا للأمم بالعدد الذي نجهله.
ومن مبدإ التضامن مع الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، فإن المغرب من الممكن أن يقبل بسداد ما تنص عليه اللوائح لجبر ضرر مادي لحق بالكاف، إلا أنه من مبدإ الدفاع عن شرعية طلب التأجيل وعن العمق الإنساني الذي إنطوى عليه، فإنه بكل تأكيد سيرفض أي عقوبة رياضية من أي نوع كانت، حتى لو كانت الإستبعاد فقط من نسخة كأس إفريقيا للأمم 2017، لطالما أن القبول بهذه العقوبة هو ضرب صريح للمبدإ السيادي وللإعتبار الإنساني الذي قام عليه طلب المغرب إرجاء تنظيم النسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم إلى غاية سنة 2016، وهو هامش زمني معقول سيمكن تدريجيا من تخليص القارة الإفريقية من وباء «إيبولا».
لذلك سيكون المغرب بعد أسابيع من المراقبة لحركة الكواليس، مطالبا بأن يسمع صوته وموقفه الرافض لأي عقوبة رياضية عبر مسلكين، المسلك الأول اللجوء للإستئناف للتصدي للحكم، وإن لم يثمر ذلك تحول إلى المسلك الثاني، المتمثل في اللجوء للمحكمة الرياضية الدولية التي لها سلطة على كل الهيئات والمنظمات الرياضية.
بالقطع لم ولن تكون للمغرب وللجامعة تحديدا أية نية لفتح أي جبهة ضد الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، ولكن إن كان في قرار الكاف ما يصيب الفريق الوطني بضرر رياضي غير الضرر الذي لحقه باستبعاده من النسخة 30 التي جرى ترحيلها لغينيا الإستوائية، فإن صوت المغرب سيجلجل داخل الإتحاد الإفريقي لكرة القدم ليعلن الرفض المطلق لكل ما له طبيعة للتركيع.
........................................................
لم أر في المنتخبات 16 التي شاهدتها وقد لعبت ثاني مباراة لها في الدور النهائي الأول، ما يدفعني للتكهن بمن سيكون بطلا للنسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم، فقد بدأت الكأس الإفريقية منذ أمس الأحد في إسدال الستار على مرحلة أولى تعتبر معيارا للحكم على المستوى الفني ومعرفة من يحمل جنينيا في طبيعة العرض وتدرج الأداء بذرات الفريق البطل.
وأجدني وقد راهنت قبلا على أن المجموعة الثالثة التي يتواجد بها المنتخب الجزائري إلى جانب منتخبات غانا، جنوب إفريقيا والسينغال، هي التي تحضن البطل القادم لإفريقيا، مضطرا إلى الإعتراف بخطأ المقاربة لأن ما شاهدته وشاهدتموه معي من المنتخبات الأربعة وبخاصة من المنتخب الجزائري الذي دخل الكأس الإفريقية مرشحا بحكم إنجازاته قاريا ودوليا، يقول بأن الجزم بأن المرشح للتاج الإفريقي ينتمي فعلا لهذه المجموعة أمر فيه كثير من التهور.
وبرغم أنني لا أميل لإصدار أي حكم قيمة، إلا أنني أجد في الذي شاهدته من أغلب المباريات حتى لا أقول كلها، ما يقول بأننا بصدد مشاهدة واحدة من أصعب إن لم يكن من أسوإ الدورات الإفريقية ومن أكثرها تعقيدا، حيث تضيق مساحات الإبداع وحيث لا تأسرنا أسماء لاعبين يعينهم برغم وفرتهم في هذه الدورة، ما يهدد بحسب رأيي الترتيب الذي نضع فيه كأس إفريقيا للأمم من حيث الجاذبية ومن حيت الندية ومن حيث أحجام الإبداعات الفردية والجماعية، فما أكثر ما قلنا أن كأس إفريقيا تأتي من حيث هذه المقومات الفنية والجماهيرية ثالثة بعد كأس العالم وكأس أوروبا للأمم، والحال أن تزامن النسخة 30 للكان بغينيا الإستوائية مع النسخة 16 لكأس أسيا لكرة القدم بأستراليا، يكشف إلى أي حد ضاقت الفوارق الفنية بين إفريقيا وآسيا تحديدا.
قد نلتمس للاعبين الأفارقة بخاصة الذين نحشرهم في زمرة المبدعين لروعة ما يقدمونه في الدوريات الأوروبية، العذر الكامل فيما يقدمونه من أداء ركيك ومبتذل أحيانا، فالظروف التي تحيط بكأس إفريقيا للأمم هناك بغينيا الإستوائية، من ملاعب للتدريب إلى ما له علاقة بتصريف المجهود البدني بعد كل مباراة وإلى ما له علاقة بالحياة اليومية للاعبين يطلبون للعب بمستوى عال تصيب بالإحباط بل وبالقرف، إلا أن هذه الأشياء كلها لا يمكن أن يبرر بها التراجع الكبير للأداء الجماعي لمنتخبات أدهشتنا في المراحل الإقصائية، وإن كان الأمل كبيرا بأن تتغير الصورة تماما عندما نمر إلى الدور ربع النهائي وعندما يحكم على نصف المنتخبات المشاركة في النهائيات بالعودة إلى بيوتها.
من يدري؟