تسويف الكاف ومونديال العامري
الأربعاء 31 دجنبر 2014 - 20:18لا أستطيع أن أجد للإبطاء الذي يمارسه الإتحاد الإفريقي لكرة القدم في الإفراج عن العقوبات التي توعد بها المغرب، وقد إعتبر إمعانه في طلب تأجيل كأس إفريقيا للأمم في نسختها الثلاثين، بمثابة إعلان صريح عن رغبة في عدم التنظيم.
لا أستطيع أن أجد لهذا التسويف غير دافعين الواحد منهما يختلف طبيعة وعمقا عن الثاني، فإما أن يكون المكتب التنفيذي للإتحاد الإفريقي لكرة القدم في حالة من التخبط الصريح بسبب أن لوائحه المنظمة لكأس إفريقيا للأمم والتي يكون في العادة اللجوء إليها للحسم في القرارات، إلتبس عليها الأمر لأن المغرب في حقيقة الأمر لم يقل صراحة بعدم تنظيمه لكأس إفريقيا للأمم ولم يقدم ما يمكن أن يقيمه الكاف دليلا على تنصله من التنظيم، وإما أن يكون الإتحاد الإفريقي برئيسه وبمكتبه التنفيذي متعمدا هذا التسويف لتعذيب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عقابا لها على ما أصابت به الكاف وكأس إفريقيا للأمم من أوجاع بسبب ورقة التأجيل التي أشهرت على حين غرة.
تذكرون أنه يوم إنتهى المكتب التنفيذي للإتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى قرار رفض طلب المغرب بتأجيل الكان، خرج عيسى حياتو متوعدا المغرب والجامعة تحديدا بعقوبات من روح القانون، وقال أن ذلك سيكون يوم سحب القرعة عندما تجتمع اللجنة المنظمة لكأس إفريقيا للأمم بمالابو، ويوم إجتمعت اللجنة إياها وتداولت القضية لم تبد حيالها أي موقف وأحالتها بالكامل على اللجنة التنفيذية التي إجتمعت بنفس المكان في وقت لاحق، وما تقرر بعد التداول هو إرجاء النطق بالأحكام إلى ما بعد كأس العالم للأندية، أي إلى يوم الإثنين الماضي الذي كان الإجتماع فيه على هامش سحب قرعة النسخة القادمة لعصبة الأبطال الإفريقية وكأس الكاف، مناسبة لكي يستمع سبعة فقط من أعضاء اللجنة التنفيذية لعرض قوي قدمه رئيس الجامعة فوزي لقجع إشتمل على كل الدفوعات التي تبرز أن طلب التأجيل كان سياديا وينبني على معطيات موضوعية، ولا مجال للحديث عن تراجع المغرب عن تنظيم بطولة قارية هو من سعى لتنظيمها للإستفادة من تداعياتها الرياضية واللوجستيكية، وهنا أيضا سيقرر الأعضاء التنفيذيون السبعة إرجاء العقوبات المالية والرياضية إلى حين إجتماع المكتب التنفيذي بكامل أعضائه، ما يعني أن الجامعة لن تتعرف على نوعية وطبيعة هذه العقوبات إلى بعد نهاية كأس إفريقيا للأمم بغينيا الإستوائية.
وقد يكون الجانب الصغير من الصورة الذي توضح لنا جميعا أن العقوبات الرياضية التي قيل أنها ستضرب المنتخبات والأندية الوطنية المشاركة في المنافسات القارية على حد سواء، ستقتصر على المنتخب الأول، والمؤكد أنها ستقتصر على مشاركاته في الكأس الأممية الإفريقية، وبالتالي لن تهدد مشاركته في تصفيات كأس العالم 2018 التي تقع بالكامل تحت مسؤولية الإتحاد الدولي لكرة القدم.
يستمر الوجع ويستمر الإنتظار، وتظل العقوبات معلقة ومعها مصير الفريق الوطني ومصير كرة القدم الوطنية إلى أن يتبين الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، أي ضرر يصيب به عضوا نشيطا داخل منظومته بسبب أنه رمى بسهم واحدا من حصونه المنيعة، كأس إفريقيا للأمم مورد الرزق ومصدر العيش.
......................................................
لم يجد من يتربص بهذا البلد، بجمال طبيعته وبسحره الذي يجذب الناس من كل مكان وبالرباط المقدس الذي يربط أبناء شعبه بملكهم، ما يفعلوه والمغرب يرخي الستارة بنجاح مطلق على النسخة 11 لكأس العالم للأندية السبت الماضي بمراكش، بعد نهائي تاريخي تشرف بحضور ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وأرخ لحدث تاريخي تمثل في تتويج الفريق الملكي ريال مدريد لسنته الخرافية باللقب المونديالي الذي كان غائبا عن خزانته.
يوم حولت أمطار الخير ومسببات سيكشف عنها التحقيق المباشر من قبل أجهزة الحكومة بتوجيهات ملكية، أرضية مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط إلى برك مائية خلال الدور ربع النهائي لكأس العالم للأندية، ما إستدعى اتخاذ قرار جريء بترحيل مباراة ريال مدريد وكروز أزول إلى ملعب مراكش الكبير، وجد الذين أعمى الحقد قلوبهم قبل عيونهم ضالتهم في الذي حدث، فجهزوا قنابل عنقودية مسيئة للمغرب تفجرت في كثير من مواقع التواصل الإجتماعي، ظنا منهم أن ذلك سيؤلب الرأي العام العالمي على مغرب يؤمن الكل على أنه يسير خطوات حثيثة على درب تطبيق مشروعه المجتمعي والحداثي، وأبدا لم يفطنوا إلى أن شعب المعجزات وشعب المسيرة الخضراء سيقفز فوق كل المثبطات ليقدم خاتمة ولا أروع لمونديال الأندية وقف عندها العالم مبهورا، ووقف عندها سيب بلاتير الرجل الحاكم لإمارة الفيفا مشيدا بجرأة اللجنة المنظمة المحلية التي نجحت في الخيار الصعب، ومهنئا المغرب على أنه قدم للعالم نسختين لكأس العالم للأندية هما الأجمل بين ما سبق.
عرف كل الحاقدين أن للمغرب ربا يحميه وملكا يحفزه على أن يمضي واثقا في طريق المجد وتاريخا عامرا بالنضالات والتحديات يلهم ويحفز ويطلق كل الطاقات من معاقلها.
جعلنا مونديال الأندية برغم الذي حدث بمجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط، نعتز بمغربيتنا ونعتز بكفاءاتنا ونصر على المضي قدما إلى طلب تنظيم كأس العالم للمنتخبات برغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين.
..........................................................
ما كنت قطعا أتمنى ولا أطيق أن تنتهي علاقة الإطار الوطني عزيز العامري بالمغرب التطواني بشكل غير الذي إنتهت به، التوافق والعناق.
لم يكن في تصور العامري ولا رجال المغرب التطواني أن تصل رحلة العمل المشترك إلى نهايتها بهذه السرعة، فما كان مخططا له أن يمضي العامري في طريق تنزيل المشروع المتوافق عليه، على الأقل إلى نهاية الموسم إيذانا بنهاية دورة زمنية مثالية، يكاد التاريخ الحديث لكرة القدم الوطنية يخلو منها، إلا أن مونديال الأندية بكل تداعياته عجل إذا بهذا الإنفصال الذي كان لا بد وأن يحفظ لكل طرف كرامته، فالمغرب التطواني يهنأ على أنه صمد أمام كل وسائل التعرية وحمى مدربه ومشروعه، وجنى تلقاء ذلك لقبين للبطولة ومشاركة تاريخية في كأس العالم للأندية، وعزيز العامري يهنأ على أنه قاد كإطار وطني ثورة نوعية عندما آمن بأسلوب وبفلسفة عمل هي نتيجة لاختمار دام سنوات، فكافأته كرة القدم بأجمل ما يكافأ به المبدعون، إعتراف وتقدير ومحبة الناس التي لا تقدر بثمن.