لقجع و لقاح إيبولا
الثلاثاء 16 دجنبر 2014 - 12:26لا أحد منا يتحدث اليوم عن «إيبولا» التي شكلت قهوة صباح البعض، وشريكة موائد آخرين على امتداد أكثر من شهر، حتى صار بيننا خبراء وفقهاء وحتى أطباء يفهمون في فترات الحضانة ويقدمون وصايا ووصفات العلاج ضد الحرارة ومحاذير الوقاية الني هي أفضل من ألف علاج.
من حسنات ملف الكان و «نزوة» القرار الذي إنتهينا معه عاطلون عن الركض واللعب، أنه عرى القناع عن كثير من النفاق الذي يغذي سلوكنا اليومي، وفضح أنانية آخرين جعلوا من «إيبولا» المسكينة شماعة لتحقيق الكثير من المآرب، وبمجرد ما انتهت الزوبعة، إختفت أخبار «إيبولا» من متابعات الصحافة الرياضية وحتى من تقارير نشرات الأخبار اليومية، وكأن الوباء كان كذبة ووهما وانتهى، أو أن خبراء الطب إهتدوا لوصفة القضاء عليها بمجرد ما أنهينا رفقة الكاف صداع البوليميك وراح كل واحد لحاله، ويا سبحان مغير الأحوال؟
اليوم أيضا تشرع فم العجوز الخرف كلود لوروا ليطعن في صدق طرح الحكومة المغربية، وقال بالفم المليان الذي يدخله «الدبان» أن إيبولا حق أريد به باطل، وتحول لكاهن وعراف يقرأ الفنجان، ليعلن للعالم إكتشافه العظيم والسبب الحقيقي لاعتذارنا عن احتضان «الكان»، وتبرئة» إيبولا» وباقي أمراض العصر من تهمة التحريض.
ومع كلود لوروا الذي استطاب الحضور للمغرب ليعود بـ «غراف إفريقيا» معه على نفس الطائرة بعدما فعلها ذات يوم قبل 26 سنة وهو يتوج باللقب رفقة فريق عيسى حياتو، خرج ابن جلدة رئيس الكاف روجي ميلا ليدحض قراءة وزير الشباب والرياضة الذي يفهم في الطب، ويؤكد أن خوف المغاربة كان من شيء أكبر من «إيبولا» وعليهم أن يكشفوا عنه.
من حق لوروا وميلا ويايا توري وبيير عيسى الجنوب إفريقي وبافوي وغيرهم من قدماء اللاعبين الأفارقة الذين ناصروا رئيس الكاف ظالما أو حاقدا، أن يستفزوا الوزير أوزين ليخرج من «الرونضة» ويدافع عن نفسه، وهو الذي ركب على «إيبولا» وهيج وجيش لها الفقهاء والخبراء لدرجة أنه تم تصوير الوباء وكأنه على أعتاب البلاد..
عليه أن يدافع عن نفسه، وأن يستعرض قراءته لآخر واقع أقرت به منظمة الصحة العالمية، وهو الكشف عن 98 بالمائة من القارة السمراء مناطق آمنة وخضراء، والنسبة القليلة المتبقية متحكم فيها وتهم بلدين لا غير وهما سيراليون التي لن تشارك وغينيا التي استضفنا منتخبها وهم يعيشون عز «إيبولا» وتلاقي الكثير من الفرق الوطنية فريقهم الأشهر «حوريا كوناكري» اليوم دون أن يغسل لاعبو هذه الفرق يدهم بعد مصافحة لاعبي حوريا بالماء و الصابون، ولا أحد منهم اشتكى بالحمى؟
على السيد أوزين الذي جنح للصمت المفروض عليه والذي إختاره كرها، أن لا يكتفي بفتح فمه اليوم تحت قبة البرلمان الذي يعطيه حصانة البوح كلما تعلق الأمر بموضوع إيبولا، بل عليه أن يعود لـ «تبوريداته» الإعلامية وفتوحاته التي جعلت الكثير من المتتبعين يقبلون بنهم وشغف على عالمه الإفتراضي، حيث اكتشفوا وشاحه الثاني، حيث يختفي عالم وخبير الطب الذي يفتي في الأوبئة ويحدد مخاطرها خلف جبة الوزير.
أرقام إيبولا التي كانت تتحرك كالزئبق حتى خلنا في فترة من الفترات، أن نصف من يعمر هذه الكرة الأرضية موبوء بهذا المرض اللعن، صارت اليوم جامدة لا تتحرك ولا أحد تجرأ ليحاكم عفريت الأنانية الذي يرقد داخله، ذلك العفريت والمارد الذي كان يهتم بإيبولا حين كان أمرها يعنيه، وحين انتهينا من اللعبة رمينا بأوراق المرض وجديده خلف الظهر، وهذا لا يمت بصلة للبعد الإنساني والأمن الصحي العالمي الذي ظل يلوكه الوزير.
الكرة اليوم في معترك وملعب آخر، وهو ليس ملعب الوزير وإنما ملعب رئيس الجامعة فوزي لقجع والذي شرب للأسف من الكأس التي شرب منها سلفه الفهري، حين سيطر وزير الحمامة يومها على الأخضر واليابس وجعله يكتفي بكثير من الأدوار الثانوية، وحين رحل بلخياط أصابه سهم أوزين ليغادر وفي حلقه غصة.
على لقجع أن يصلح ما أفسده العطارون، وعليه أن يستثمر تنقيط «حسن جدا» الذي منحه إياه حياتو، وهو يدخل جحره و«وجواه» فلا هو نطق بالعار ولا هو خرج من الغار.
على لقجع أن يستغل جيدا رسالة حياتو وتنفيذية الكاف والذين قرروا تأجيل تسليط العقوبات الكروية والمالية على المغرب لما بعد مونديال الأندية، دون أن نتساءل لماذا هذا التأجيل بالذات وما هي غاياته ومقاصده؟
ولأن فرضية التلاعب بالأعصاب لا تعجب البعض، فإن الحكمة من تأجيل قرار العقوبات واضحة وضوح الشمس، وهو كون حياتو يريد أن يمنح نفسه آخر هامش من التريث والتروي والتأني، قبل النطق بالقرار والذي سيؤسسه على ضوء ما سيقتنع به وهو يزور المغرب ويلاقي جماهيره ورئيس جامعته بالموندياليتو.
حياتو ذكي جدا، سيسمع نبض الشارع والصحافة والجماهير المغربية في الموندياليتو، سيحضر مباريات الدورة ويلمس تفاعل الشعب معها، سيقيس درجة حرارة الدورة وشغف جمهورها وبعدها سيبصم بالعشرة على القرار.
لو يفلح لقجع في احتواء حياتو تحت مظلته، ويعيد ترميم ما تهدم في علاقتنا برئيس الكاف، ويشرح له الواضحات والمفضحات، سيضرب إبن بركان بكل تأكيد سربا من الحمام بحجر واحد، فقد يكون هو صاحب لقاح «إيبولا» الذي يبحث عنه أوزين والوردي في مختبرات أخرى بالخارج؟