لعنة فاخر
الإثنين 01 دجنبر 2014 - 17:15لا الجنرال الجزائري نفع ولا الثعلب البرتغالي أفلح، فما أفسده الدهر و «الحياحة» داخل الرجاء لن يصلحه العطارة مهما اختلفت وصفاتهم التي يحاول البعض أن يغذوها بتوابل النفاق.
اللعنة التي تطارد اليوم رجاء بودريقة هي نفسها التي طاردت بالأمس رجاء حنات حين جار وتجنى على المدرب محمد فاخر، ليفرض عليه خروجا من النافذة وهو الذي دخل الفريق من الباب الكبير ليتوجه باللقب.
وهي نفسها اللعنة التي أصابت الفريق في نفس الفترة من السنة المنصرمة حين أقبل بصدر مفتوح على مونديال الأندية، بعدما تم تجييش «الحياحة» ليهاجموا فاخر في الجديدة لا لشيء، سوى لأنه قاد الرجاء يومها لنهائي كأس العرش وكان يحتل الصف الثاني خلف المغرب التطواني بفارق ضئيل من النقاط وهو من وضع قطار الفريق على سكة عصبة الأبطال وكأس العالم للأندية بعدما منحه في أول سنة لقبين واحد للبطولة والثاني للكأس.
قدر فاخر أن نار الرجاء تأكله، ومن يصنع مجدهم يكونون أول المتنكرين له، غير أن بركة الرجل كانت كل مرة تتحدث عن لعنة ستطارد كل من أساء له وظلمه.
جربها عبد السلام حنات في عمق الأدغال الإفريقية حين خسر من فريق مغمور إسمه شيلسي بغانا بخماسية، فودعه بعد وداع فاخر دوري الأبطال والبطولة وخرج من كأس الكاف وخسر في دور مبكر كأس العرش أمام أيت ملول.
التاريخ نفسه الذي أرخه السي عبد السلام يحاكيه اليوم بودريقة، ومنذ الطلاق الشهير مع فاخر، لم يفز الرجاء بغير شرف مراتب الوصافة، حيث يكون في صف المصفقين للفريق البطل.
فقد حصد الثعلب التونسي الذي انتشله الرجاء من «غمولية» ورطوبة المنستير بعدما فشل في التعاقد مع معلم المصريين شحاتة، ما زرعه فاخر في مونديال الأندية، وبعدها إنتهى «بونيس» الحظ ليفرط الرجاء في كل الألقاب التي لعب عليها، خسر البطولة لصالح المغرب التطواني وعاد ليتذكر عادة الخروج المبكر من أدوار الكأس بعدما كشف الفريق العسكري عورات جنرال الكرة الجزائرية بن شيخة الذي ضحك على الرجاويين بمعسكر فضيحة بإسبانيا، حيث تحول الرجاء من فريق كرة محترف لفريق سياحي يحمل علامة «رج - تور»، فقضى في بعض الفترات 16 ساعة عبر الحافلة من أجل مباراة ودية مع فرق إسبانية صف ثاني، فكان ذلك أول الخروج المائل من الخيمة.
في إقالة كل مدربي الرجاء على عهد الحاج بودريقة مصادفة غريبة بعض الشيء، أقيل فاخر وهو يحتل الصف الثاني خلف الحمامة البيضاء وأقيل البنزرتي بعدما جاء ثانيا أيضا بعد نفس الفريق، وإلتحق بهما بن شيخة وهو يحتل الصف الثاني خلف الكوكب.
فاخر الذي تعبأ الموالون للسيد الرئيس وحاشيته للإطاحة به بعد أن سد في وجههم كل المنافذ والمعابر ليحصن لاعبيه ومجموعته من كل جلسات النميمة، هو من قاد الرجاء للقب البطولة برقم قياسي على مستوى النقاط وبرقم أكبر منه على مستوى حصيلة الأهداف وبرقم قياسي على مستوى خط الدفاع وعدد الإنتصارات وهو الذي توج بطلا منذ اللحظة التي أمسك فيها الصدارة ولم يتنازل عليها لغاية ضربة الختام.
ما حدث بعدها كان أقرب للإنصاف الإلاهي منه لشيء آخر، فقد تم توشيح فاخر بقلادة الفخر المولوية في أكبر تكريم للرجل اعترافا بخدماته التي رفض أصحاب البيت الإعتراف بها، ولم تطل عطالة فاخر ليلتحق بقيادة المنتخب الرديف التي ما كان ليبلغها لو بقي على ذمة الرجاء، لأن التاريخ يذكر ويعترف لهذا المدرب بأنه الوحيد الذي اعتذر لجامعة الفهري قبل 3 سنوات على الخضوع للإمتحان الشفوي الذي قبل به يومها الزاكي والطوسي والعامري لخلافة غيرتس، لا لشيء سوى لكونه كان صاحب مشروع وآثر احترام تعاقده مع شعب الخضراء.
اليوم تبدو الرجاء بلا هوية، تبدو صحراؤها مفتوحة على الفوضى ولاعبوها بلا لجام ولا بوصلة، وما كان يتفنن فيه جنرال الكرة المغربية وهو يكبح جماح لاعبين كان يراقب حركاتهم ويحصي أنفاسهم، لا يقدر عليه غيره اليوم وهم يتركون الحبل على الغارب في مشهد فوضوي لا يليق بسمعة العالمي ولا انتظارات جماهيره.
على عهده كان فاخر يحمي لاعبيه فلا يقدمهم لمحرقة الجمهور ولفرن الحياحة الذين يشوون جلود بعض اللاعبين اليوم، بعد أن تم تقديمهم قرابين وأكباش فداء لخسارة أكادير المدوية.
اليوم أيضا عاد البرتغالي روماو ليتعلم «الحسانة» في رأس الجيل الجديد من الكرة المغربية وعيبنا دائما أننا نتذكر مزايا الأجنبي ونستحضر خصاله التي قادته ذات يوم وعبر ضربة حظ لملامسة الألقاب كما فعلها روماو مع الرجاء والوداد، وننسى أن روماو هذا انقطع عن البطولة الوطنية لسنوات طويلة وشتان بين اليوم والبارحة.
جماهير الرجاء أدرى بنسورها من غيرها، لذلك قالت بصريح العبارة أنهم يعيشون حالة إشباع كبيرة وتخمة تمنع عنه هوس الإنتصارات التي ما عادت تحضر لا بالدارالبيضاء ولا خارجها.
صوت الشعب الذي انتهى به الحال ذات يوم ليرفع «باسطا» في وجه الإنكسارات والخيبات، يدرك اليوم أنه لا حياة لمن تنادي من جيل لاعبين يفتقدون لراعي وقائد من طينة فاخر، لذلك وجهوا رسالتهم للأب جيكو «ماكاينش معامن»؟