كيف نعوض ما خسرناه؟
الثلاثاء 25 نونبر 2014 - 12:21فكر ولو للحظة كيف تكون، إن إقتلعوا قلبك من صدرك..
ما صدق المغاربة حتى اليوم أن تكون كأس إفريقيا للأمم التي فرحوا بها وأسسوا عليها صروحا من الأمل ونصبوا فوقها مآذن لتطلق مواويل العيد، كأس إفريقيا التي تعبأوا لأشهر من أجل تنظيمها وجعلها واحدة من أجمل النسخ، لا يصدقون أنها أدبرت وهرولت بعيدا عنهم وذهبت إلى غينيا الإستوائية.
في النهاية، هل نحن من رحل كأس إفريقيا عن المغرب، أم الكاف هو من أمر بذلك ليعاقبنا على تمرد هو أقرب إلى العصيان منه إلى شيء آخر؟
إلى اليوم ننشغل جميعا وقد قبلنا على مضض وبتحريض من مصلحة البلد المنزهة عن أي نقد بالإصرار على طلب التأجيل، إلى اليوم ننشغل بغيمة العقوبات التي سيرسلها الإتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى سماء الكرة المغربية، هل سترمينا بأحكام جزائية في صورة عواصف تقتلع كل ما نحن بصدد بنائه لإخراج كرة القدم الوطنية من زمنها الرديء؟ أم تراها ترأف بنا ولا ترسل لسمانا سوى عقوبات خفيفة لا تهد صرحنا الكروي الهش ولا تخدش كبرياء الكاف؟
ننشغل بعقوبات الكاف ونتخيل ما نتخيله، ويصرفنا ذلك كله عن تقدير حجم ما أضعناه والإتحاد الإفريقي لكرة القدم يقرر سحب تنظيم كأس إفريقيا منا لإمعاننا في طلب التأجيل المرادف للرفض وللإنسحاب، إننا نحتاج إلى لحظة للمصارحة وإلى مواجهة أنفسنا بالحقيقة المتعبة والقاسية، حقيقة هذا الذي ضاع على كرة القدم المغربية وعلى الفريق الوطني تحديدا من إرث كروي ومن إنفتاح على قارة أسسنا بشكل حداثي لعمق فكري ومجتمعي وإنساني معها، وتنظيمنا لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2015 أصبح في رمشة عين سرابا.
بالقطع لا نية لي لأن أعتزل الدفاع لدرجة الموت على مصلحة الوطن والتي إقتضت أن نمعن في طلب تأجيل «الكان» للإكراه المنطقي والموضوعي الذي لم يختلف عليه المغاربة، ولكنني أريد أن لا يغيب عنا سؤال الحاضر الذي هو بالتأكيد سؤال المستقبل، كيف للمغرب أن يخرج من هذه الورطة التي فرضت عليه لتقاطع المصالح، فلا يخسر كرويا لا قارته ولا إتحاده الإفريقي؟
كيف يمكن أن نحصل من وزارة الشباب والرياضة ومن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على ما يجبر الضرر الكروي، وعلى ما يلغي كل التبعات السلبية لهذا التضاد في التوجهات بيننا وبين الإتحاد الإفريقي لكرة القدم؟
هل هناك ما يستطيع أن يؤمن مستقبل العلاقة بين الجامعة وبين «الكاف»؟
هل تكون العقوبة المضمرة التي لا يفكر فيها أحد أن يمنع المغرب من تنظيم كأس إفريقيا للأمم لعشرين سنة القادمة؟
ما كان المغرب يراهن في إنفتاحه على المسابقات الدولية والقارية وما كان يراهن من حصوله على شرف تنظيم نسختين لكأس العالم للأندية 2013 و2014 والنسخة الثلاثين لكأس إفريقيا للأمم 2015، على شيء واحد هو أن يعطي للفريق الوطني فرصة القبض على اللقب القاري الثاني الذي تمنع منذ سنة 1976 وأن يمنح الأندية فرصة الدخول إلى العالمية، بل كان يراهن على تحديث بنياته التحتية وجذب الإستثمارات الرياضية والتأسيس لإرث رياضي تشتغل عليها الأجيال القادمة، وكان فوق هذا وذاك يراهن على أن يصدر للعالم صورة جديدة عنه، تعطيه الحق في أن يكون سنة 2026 أو سنة 2030 ثاني بلد إفريقي تأتي إليه كأس العالم لكرة القدم بعد جنوب إفريقيا.
هناك حاجة ماسة بعد أن تزول غمامة العقوبات، إلى تدبير عاقل وموضوعي لهذا الذي خسره المغرب وخسرته كرة القدم الوطنية بسحب تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2015 منا، التدبير الذي لا يزايد ولا ينتصر لأطروحات ضيقة ولكن يبحث عن التعويض بكافة أشكاله.