ADVERTISEMENTS

شروع في القتل

الإثنين 17 نونبر 2014 - 12:34

ما جاء حياتو إلى المغرب وبرفقته بعض من حوارييه إلى المغرب طلبا للحكمة التي تجهض كل نوازع الفتنة وتحمي ما بقي من صبر على خلاف ضاقت معه المخارج، إنما جاء متوعدا بدليل أنه ما إن إنفضت الإجتماعات المسلوقة التي رددت على مسامعه أن طلب التأجيل سيادي ولا مجال للتنازل عنه ما دام الأساس الذي قام عليه لم ينتف، حتى أشهر بيانه الذي سارت به الركبان والذي قال أن تنفيذية الكاف أجمعت على عدم تأجيل كأس إفريقيا للأمم 2015 عن مواعيده الأصلية.
ما جاد به حياتو على المغرب أن أمهله خمسة أيام ليقول بعدها هل سيقبل بالتنازل عن طلب التأجيل وينظم الكان في موعده.. أم لا؟
غير ذلك لا أستطيع أن أصدق ما تمسك به البعض قشة أمل متهاوية في أن تغير الكاف لهجتها، من أن حياتو يحفظ الود للمغرب وأنه من فصيلة من يبادلون الوفاء وما إلى ذلك من النثريات الجميلة والمثالية التي ما عاد لها وجود في عالم ينتصر للمصالح أيا كانت الإعتبارات ويسحق ما دون ذلك.
قال الإتحاد الإفريقي لكرة القدم كلمته الفيصل والمغرب يجدد طلب التأجيل دفاعا عن صدقية الأسباب الإنسانية والأخلاقية التي قام عليها، إعتبر المغرب ممعنا في رفض تنظيم الكان، أقصى منتخبنا الوطني من النسخة الثلاثين لأنه كان حاملا لصفة المنتخب المستضيف للبطولة والذي يعفى تلقائيا من هوس التصفيات، وأحال الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على اللجنة المنظمة لكأس إفريقيا لتتخذ في حقها القرارات العقابية والتأديبية التي ينص عليها كل رفض أو تراجع عن تنظيم الكأس الإفريقية.
طبعا إنتظر الشيخ حياتو أن تنجح الكاف في إيجاد مخرج لما أسماه أزمة تنظيم الكان في موعده، إنتظر إلى حين تسليم الكأس الإفريقية وديعة بيد غينيا الإستوائية بعد أن رفضت عديد من الدول لعب دور المنقذ، ليخرج عن صمته المريب ويقول لنا ما قاله إجماع اللجنة التنفيذية عند إجتماعها بالجزائر يوم 2 نونبر الأخير على رفض مطلق وبلا أدنى تحفظ لأي تأجيل للنسخة الثلاثين لـ «الكاف»، إلا أن ما زاد عليه حياتو الذي إشتكى المسكين من السهاد والأرق منذ أن باغثه المغرب بطلب التأجيل، هو أنه أبرز لمن لم يكونوا يعرفونه أسنان الليث التي نظن خطئا أنه كان معها يبدو متبسما.
حياتو وهو يخاطب كعادته الأفارقة من منابر إعلام فرنسية بالتحديد، ربما لأنه يعتبر إعلامنا الإفريقي غير ذات مصداقية، قال ما يجب أن نضع تحته العديد من الخطوط الحمراء، قال أنه لا يسمح لأي كان بتدمير ما بناه الإتحاد الإفريقي لكرة القدم لمدة خمسين سنة وفي ذلك تصريح علني بأن طلب المغرب بتأجيل الكان هو شروع فعلي في «قتل البطولة» وإصرار على أن «الكاف» لن يسمح لأي قوة قاهرة بأن تؤجل «الكان» عن موعده حتى لو كانت هذه القوة القاهرة هي وباء «إيبولا» الذي يحصد العشرات من الأرواح كل يوم بإفريقيا.
وقال أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي واصلت رفض تنظيم البطولة في موعدها لا بد وأن تعاقب على فعلتها لتكون عبرة لما عداها من الجامعات، فالسيد حياتو يرفض أن يعفى المغرب من أي عقوبات حتى لا يمثل ذلك إستثناءا واستدل على ذلك بعقوبة التوقيف لأربع سنوات صدرت في حق نيجيريا سنة 1996 عندما قاطع منتخبها الوطني نهائيات «الكان» بجنوب إفريقيا بقرار رئاسي، وأظن أن السيد حياتو يضع كل من يريد العبث بـ «الكان» في سلة واحدة، المقاطعون والمنسحبون والرافضون للتنظيم أو المصرون على طلب التأجيل لوجود قوة مانعة.
يبدو مؤسفا للغاية أن تكون هذه الخرجات الإعلامية لحياتو متزامنة  مع إعلان جوزيف بلاتر رئيس الفيفا من الرياض، حيث حضر إفتتاح كأس الخليج في دورتها 22 عن إطلاق حملة أضلاعها الثلاثة، الفيفا ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي لمحاربة وباء «إيبولا» الذي يستهدف بالأساس قارتنا الإفريقية والذي رأى فيه المغرب قوة قاهرة تستوجب تأجيل كأس إفريقيا، وعندما نلمس هذا التقاطع الغريب بين قائدين لمؤسستين رياضيتين، يستفزنا حقيقة أن لا يكون حياتو في كل الذي قاله بنهاية أزمة «الكان» قد إستحضر في أي من جمله هذا الوباء الفتاك، بل إن ما أشارت إليه البيانات السابقة والتي ذيلها بتوقيعه من أن «الكاف» يتابع تطورات الوباء باتصال وثيق مع منظمة الصحة العالمية لا يصل إلى درجة إعتباره إلتزاما أخلاقيا من قبل مؤسسة رياضية كان حريا بها أن تكون صاحبة مبادرة في هذا الإتجاه.
وأجدني مثل الكثيرين مشفقا ومتفهما لهذا التصلب الذي يبديه المكتب التنفيذي لكرة القدم وعلى رأسه الشيخ حياتو بخصوص كأس إفريقيا للأمم، فمن يفهم حجم الإيرادات المالية ومن يصل إلى الأرباح المالية المتستر عليها والتي يجنيها «الكاف» من تنظيم كأس إفريقيا للأمم، يستطيع أن يستصيغ هذا التصلب الذي تبديه «الكاف» كلما تعلق الأمر بكأس إفريقيا للأمم، التصلب الذي يصل لحد رفض أي قوة قاهرة أو مانعة والذي يتعداه إلى ردع وتأديب كل من أراد بـ «الكان» سوءا.
لقد إقتحم المغرب بإمعانه في طلب التأجيل حصنا منيعا بل ومحظورا على الجميع، فمن يدرك أن «الكاف» جنى من كأس إفريقيا للأمم وحدها ما بين 2008 و2012 ما يناهز 500 مليون دولار، ومن يتوصل إلى سبر أغوار عقود الرعاية والإستشهار وحقوق البث التلفزي والتي يحجبها الكاف عن الرأي العام العالمي وتحديدا الإفريقي، إسوة بما تفرضه اليوم أعراف الشفافية والنزاهة المالية والتي إلتزم بها الإتحاد الدولي لكرة القدم والإتحاد الأوروبي لكرة القدم وهما يكشفان ما تذره من عائدات منافستا كأس العالم وبطولة أوروبا للأمم، من يتوصل إلى قيمة ما يجنيه «الكاف» من كأس إفريقيا للأمم، سيعرف لماذا يتصلب في قراره بتنظيم البطولة كل سنتين وليس كل أربع سنوات كما هو الحال مع كل الإتحادات القارية، وسيعرف لماذا أمعن في رفض طلب المغرب تأجيل «كان 2015»، إنه يعتبر ذلك ببساطة شديدة، شروعا في القتل.
يكون من الضروري إذا وقد نبهنا إلى أن «الكاف» بقوة ما يمثله كأس إفريقيا للأمم في منظومته المالية، لن يعامل أحدا بلغة الإستعطاف ولن يجامل المغرب بحجب العقوبات عنه، أن تتحرك الجامعة بشكل إستباقي للتأكيد بكل الأساليب القانونية المتاحة أن «الكاف» وهو يسحب من المغرب تنظيم «الكان» الذي كلفه التحضير له جهدا ومالا، أصابه بضرر مالي ورياضي بالغ، وأن أي عقوبة ستصدر عن «الكاف» لن تجد لها سندا قانونيا ما دام أن «الكاف» نفسه سمح لنفسه بتكييف خاطئ لقرار طلب التأجيل لوجود قوة مانعة.
أتصور أنها معركة يدعى إليها المغرب لينتصر لقيمه ولصدقية مؤسساته وليحمي مشروعه الرياضي من كل ضرر، وقد تكون هذا الذي يحدث هو الضارة التي ستنفع الأفارقة لإعادة طرح سؤال حاضر ومستقبل «الكاف»، المؤسسة التي تشرف على الرياضة الأكثر شعبية والأكثر إشاعة للفرح في البيوت الإفريقية والأكثر إنقاذا للإنسان الإفريقي من وباء الفقر. 

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS