كيف يحلها الرجاء؟
الخميس 30 أكتوبر 2014 - 14:59بالطبع نسعد كثيرا أن تنهي مباريات البطولة الإحترافية الجفاف التهديفي الذي ينفر من المشاهدة ويحرض على العزوف، بكل ما يرمز له ذلك من ضعف على مستوى التكوين ومن تقلص لمساحات الإبداع عند المهاجمين، ونقف بالطبع جميعا مشدوهين أمام السيناريو الجميل والمثير الذي إنتهت إليه مباراة حسنية أكادير والرجاء البيضاوي، فنحن بكل تأكيد أمام حالة تكاد تكون معزولة في تضاريس البطولة الوطنية، وعلى نفس الدرجة من الإعجاب نسجل لعبد الهادي السكيتيوي هذا الفكر الإبتكاري الذي يعكسه من خلال أداء لاعبي حسنية أكادير الذين توصلوا حتى الدورة السادسة إلى توقيع ثلاثة عشر هدفا في ست مباريات، خمسة منها في مرمى فريق مثل الرجاء.
ولكن مباراة أكادير لن تعفينا من طرح السؤال:
هل الرجاء بصدد نسف كل المناعات التي إكتسبها في السنتين الأخيرتين، بما يظهره اليوم من هشاشة في منظومته الدفاعية، ما جعله إلى حدود الدورة السادسة من أضعف دفاعات البطولة الإحترافية؟
هل بكم الأخطاء المرتكبة في بناء العمق الدفاعي يمكن أن نتصور بأن هناك هدما ذاتيا معلنا للشخصية وللتوازنات التي يجب أن يقوم عليها أداء أي فريق مثل الرجاء، محكوم عليه أن ينافس على الألقاب وأن يرتكب حدا أدنى من الأخطاء؟
هل مع كل هذه الإنهيارات المتواثرة يمكن القول أن هناك بداية لتصدع داخلي يتطلب نقدا صريحا للذات؟
ليس كل هزيمة يمكن أن نصفها بأنها وصمة عار نذهب على السريع لوأدها في التراب بأن نقدم لها رؤوس المدربين قربانا، فثقافة تدبير الإخفاقات الهشة عند فريق بمرجعية الرجاء، تذهب دائما بنوع من الذعر والفزع إلى الحلول السهلة، إلى تغيير المدرب، فالرجاء غامر كثيرا الموسم الماضي بالإنفصال عن امحمد فاخر الرجل الذي ألبس مشروع العالمية جلبابه الأول، في توقيت صعب وحساس والفريق يستعد لدخول كأس العالم للأندية التي كانت من أكبر رهاناته، وكان الرجاء محظوظا في ذلك لأن البنزرتي كان نسبيا من نفس فصيلة فاخر التكتيكية، فجاءت الملحمة المونديالية رائعة وموجبة للفخر بسبب أن البنزرتي كان غاية في الذكاء فلم يعمد إلا إلى تحويرات تكتيكية وأبقى على هيكل الفريق، وبسبب أن اللاعبين تحفزوا تلقائيا أمام تاريخية وروعة الرهان المونديالي، وأبدا لم تكن خاتمة الموسم جميلة فالرجاء تخلى للمغرب التطواني عن لقب البطولة، ما ترتب عنه الإنفصال عن البنزرتي واللجوء لعبد الحق بن شيخة، ظنا من مسئولي الرجاء أن الرجل قادر على أن يجسد على أرض الملعب منظومة تكتيكية تظهر الفريق بذات الشخصية التي كان عليها مع فاخر وخلال مونديال الأندية.
ولأن البناء بمفهوم ثوري تطابقا مع فلسفة المدرب كان يتطلب وقتا طويلا ويتطلب كثيرا من الصبر والتحمل، فإن عدم سعة صدر مسؤولي الرجاء ستكرههم على أبغض شيء في التدبير الإحترافي ألا وهو الإنفصال عن المدرب بن شيخة، والإستعاضة عنه بالبرتغالي جوزي روماو الذي قدم على أنه عارف بخبايا الدار، والواقع أن روماو الذي رحل لوقت طويل عن الدار البيضاء هو من قاد الرجاء والوداد يحتاج إلى بعض الوقت ليعيد قراءة المحيط الداخلي، ما دام أن كل الإرث التقني الذي يحمله معه لن يساعده بالكامل في معرفة تضاريس الرجاء التقنية.
هي إذا حالة من التخبط في تدبير المرفق التقني والذي يتهم بالمباشر بأنه المسؤول الأول عن كل الإخفاقات، بينما الحقيقة أن هذا المرفق يدار بطريقة تغلب عليها المزاجية القريبة من التهور، وكثيرا ما نحمله ما لا يستطيع تحمله، وعندما نستمع إلى روماو متحدثا بعد السقطة القوية أمام حسنية أكادير، حيث إستقبلت مرمى الرجاء خمسة أهداف كاملة، نجده يضع الكثير من النقاط على الحروف الساخنة، فهو يتحدث عن أخطاء ساذجة ترتكب على فترات في بناء العمق الدفاعي ويتحدث عن وجود تباعد كبير في الخامات الفنية ويقول بأنه بحاجة إلى مزيد من الوقت لتصحيح عديد من الإختلالات التي كانت ظاهرة للعيان وتتخفى أحيانا وراء الإنتصارات التي تحققت للفريق بفعل الحضور القوي لمهاجميه.
والذي يشاهد الرجاء اليوم يشعر بأن هناك عيوبا كثيرة في المؤدى التقني العام بفعل الإصرار على تركيبة دفاعية بعينها وبفعل الفشل الكبير الذي صاحب تعويض لاعبين مهاريين ونافذين رحلوا عن الفريق وأقواهم عصام الراقي ومحسن متولي، وبفعل هذه الضبابية التي تلازم أسلوب اللعب من فرط التغييرات الإعتباطية على مستوى العارضة الفنية وعلى مستوى الهيكل البشري.
بالطبع يحتاج جوزي روماو إذا ما كانت هناك ثقة كاملة في قدرته على عبور صحراء الشك، إلى كثير من الوقت وبخاصة إلى نوع من السلم الرياضي ليعيد ترتيب الأمور بدءا من المنظومة الدفاعية المختلة، وليقدر على ضبط نواحي الخصاص ونحن نقترب من الميركاتو الشتوي، فالمليار الذي أنفقته إدارة الرجاء لجلب لاعبين غير متطابقين ولا مؤهلين بالكامل للدخول في المنظومة الرجاوية، لن ينفع اليوم في شيء للتغطية على أوجه القصور، فسد الثغرات وإعلان ثورة فعلية بإقصاء كل العناصر التي تشبعت وضعف لديها الحافز النفسي يحتاج إلى مقاربة تشاركية محورها الأساسي هو المدرب روماو.
يحتاج الرجاء لأن يكون متماسكا في هذا الوقت بالذات هو من سيكون حاملا لأمانة تمثيل كرة القدم الوطنية في عصبة ألأبطال الإفريقية التي خرج هذا العام من أدوارها الأولى وهو من يفترض أن يواصل منافسته على لقب البطولة الإحترافية، والتماسك هو التوقف عن تصدير الأزمة بشكل بديئ إلى الجماهير عن طريق إقالات وإقصاءات والتضحية بالقرابين.