كيف سيكون المصير؟

تلاحقنا منذ أن قدم المغرب عبر وزيره في الشباب والرياضة طلبا لتأجيل النسخة الثلاثين لكأس إفريقيا للأمم بسبب الإستشراء الخطير لوباء إيبولا، كثير من أسئلة الخوف والتوجس واللوم، بخاصة وأن الإتحاد الإفريقي لكرة القدم إكتفى تحت صدمة المفاجأة بإصدار بلاغ فولكلوري يتحفظ فيه على طلب التأجيل، لا يرفضه قطعيا ولكن لا يقبل به جازما، لاعتبار وحيد هو أن المونديال الإفريقي لم يحدث مرة أن تأجل عن موعده، وللإتحاد الإفريقي لكرة القدم المؤسسة الراعية لكأس إفريقيا كل الحق في أن يظهر تفاجؤه من هذا الذي استجد على مستوى الكان قبل ثلاثة أشهر من رفع الستارة عليه، فهناك مصالح ومكتسبات وعقود رعاية لا يبطل مفعولها هكذا بجرة قلم.
وإذا ما إنطلقنا من أن المغرب يستمد مرجعية الطلب الذي تقدم به للكاف من القيم الإنسانية والمجتمعية التي يقوم عليها تدبيره للمعيش الوطني ولكل ما له علاقة بالمحيط الخارجي، فسلمنا بوجاهة الدواعي على الرغم من إختلافنا في توقيت وصيغة الطلب، كان لزاما أن نعيد مرات ومرات طرح السؤال:
ماذا سيكون موقف الإتحاد الإفريقي لكرة القدم من طلب التأجيل؟
هل يصادق عليه أم يرفضه؟
إن صادق عليه ما هي البدائل المطروحة؟ وإن لم يصادق عليه كيف سيكون وضع المغرب أو بالأحرى، كيف سيعامل فريقنا الوطني من قبل جهاز الكاف؟ 
لا أحد على الإطلاق يمكن أن يدعي أنه يملك الجواب القطعي، فهناك بالتأكيد تيارات وموجات وتربيطات، بعضها يتحرك بخبث في الجحور المظلمة من قبل من بقلوبهم مرض ومن يعميهم الحسد، وبعضها الآخر يتحرك في العلن بدرجات متفاوتة من الإستخفاء وحتى الإستقواء، لذلك يكون لزاما قبل أن ندخل في حساب الأوجاع وحدس ما يمكن أن تأتي به الكاف من ردات الفعل، أن نرفع الحيطة إلى أعلى مستوياتها، فالمغرب الذي صاغ فلسفة مبتكرة حازت الإعجاب ليجدد إنفتاحه العاقل الذي لا مزايدة فيه على قارته الإفريقية، لا يمكنه أن يسمح لمن تعودوا الإصطياد في المياه العكرة بالركوب على طلب التأجيل الذي يتأسس على قيم إنسانية وقومية والإدعاء بأنه نوع من أنواع نكث العهد وإدراة الظهر لإفريقيا والنيل من كرامتها، لذلك نحتاج إلى مقاربة نوعية في التحرك داخل الكواليس لصد كل غارة محتملة ومتوقعة هاجسها الأوحد هو ضرب هذا الإلتحام الذي أبدعه صاحب الجلالة الملك محمد السادس مع القارة السمراء.
وإذا كان السيد فوزي لقجع قد قال في معرض التعليق على طلب التأجيل، أن الجامعة ظلت على تشاور مستمر مع الإتحاد الإفريقي لكرة القدم في ما يرتبط بكل حيثيات تنظيم الكان بالمغرب مطلع العام القادم وأن صياغة الطلب لا يمكن أن تكون عنصر مفاجأة لأصحاب القرار داخل الكاف، فإن المتوقع أن يعامل الكاف طلب التأجيل بما يلزم من إحترام تفرضه أشياء كثيرة، أولها أن المغرب ما فكر يوما في التملص من تعهداته وواجباته، هو من كان متحمسا لتنظيم المونديال الإفريقي ويشهد على ذلك ما بذله من مجهود ليتطابق بشكل غير مسبوق مع دفتر التحملات، وثانيها أن المغرب ينطلق في تقديم الطلب من وجود حالة قاهرة تثبتها المعطيات التي تجمعت للجنة علمية رفيعة القدر والمستوى وثالثها أن كأس إفريقيا للأمم إن كانت ستنجح فإنها ستنجح أكثر بالتوافد القياسي للجماهير على مبارياتها، وأبدا لا يمكن المجازفة بأرواح المغاربة والأفارقة على حد سواء في وجود خطر يتهدد صحة وأمن وسلامة الأفراد حتى لو كانت نسبة هذا الخطر قليلة.
من حيث الشكل يبدو طلب المغرب بالتأجيل منطقيا وموضوعيا ومتمتعا بالسيادة الكاملة، أما من حيث المضمون فإن الإتحاد الإفريقي لكرة القدم يوم يجتمع في الثاني من نونبر بالجزائر للرد رسميا على الطلب، فإنه سيكون حتميا قد أحاط بالدواعي التي أوردها المغرب سببا للتأجيل، إن أيقن من صحتها بالتشاور مع منظمة الصحة العالمية قبل بالتأجيل ووضع وقتها السيناريو الأمثل لمعالجة آفة التأجيل محتفظا للمغرب بحقه كاملا في تنظيم النسخة الثلاثين، وإن توصل علميا إلى أن الخطر الذي كان دافعا لطلب التأجيل قد زال بالكامل أبقى على الكان في موعده ومكانه، أما إن لم يأخذ بالأسباب التي إنبنى عليها قرار المغرب بالتأجيل فإنه سيقرر للنسخة الثلاثين مكانا آخر قد يكون جنوب إفريقيا لبنياتها التحتية الرياضية الرائعة ولقدرتها على ضبط كل الوافدين عليها، وعندها قد لا يسمح لأسود الأطلس بالتواجد مع المنتخبات المتأهلة للنهائيات بسبب أنه لم يشارك في التصفيات.