الحرس القديم.. نهاية الخدمة
الإثنين 05 نونبر 2018 - 15:04مبارتان بوقع الصفعة.. ومواجهتان كان رونار بحاجة إليهما لعله يجد من يوقظه من غفلته، كي يستفيق ويتدارك ويعود لسابق العهد.
لسان حال الفريق الوطني حاليا يقول بحتمية التغيير المرحلي والتفكير الجدي في ضخ دماء جديدة في شريان الأسود كي لا تشيخ أكثر وتهرم ومعها تتداعى عليها باقي المنتخبات.
في الملف التالي نتطرق لإشكالية الحرس القديم الذي يقف على حافة الإعتزال ومقاربة تعويضهم ومدى تأثيرها على التوازن، كما نستعرض لائحة الأسماء المرشحة لتحمل المشعل ومواصلة المسير دون أن يختل التوازن وتضيع الرهانات..
المونديال أفضل إنجاز
قطعا لا يمكن بخس هذا الجيل حقه، سيما باستحضار ربطهم الحاضر بالماضي ونجاحهم في التأهل للمونديال بعد عقدين من التواري والغياب ليؤكد البعض أن الحكمة كانت تقتضي ومباشرة بعد هذا المحفل العالمي واستمرار رونار في منصبه، بدء عملية التغيير بعد أن بدا لكثير من المتتبعين أن صلاحية هذه الأسماء شارفت على نهايتها وسيكون من التجني توريطها في نتائج سلبية لا تليق بقيمتها وقد تشكل خاتمة سيئة غير مرغوب فيها.
صحيح أن هذا الجيل لم يفلح في تحقيق ما كان المغاربة يراهنون عليه وهو الظفر باللقب الإفريقي الثاني وعلى امتداد أكثر من عقد من تواجدهم في العرين، إذ اعتبر التأهل للدور الثاني وكسر حاجز دور المجموعات في الكان الأخير بالغابون العنوان الأبرز لمشاركاتهم القارية وهو ما لم يرو عطش فئة واسعة من الجمهور والتي كانت تمني النفس بتحقيق أكثر مما تحقق وبلوغ سقف أعلى من ذلك الذي بلغه رفاق بوصوفة.
ومباشرة بعد مونديال روسيا إرتفعت بعض الأصوات المطالبة بمنح الفرصة لأسماء جديدة تملك من الشغف والحماس ما يمكنه أن يفيد الفريق الوطني، إلا أن رونار اختفى لفترة طويلة وحين عاد أظهر للجميع وفاءه لنفس الوجوه.
عاطفة الثعلب
إعتقد الكثيرون أن تجديد الثقة في رونار وتأكيد الأخير على أن رهانه الكبير هو ضمان التأهل للمرة الثانية تواليا للمونديال، سيفرضان حتمية التغيير وضخ دماء جديدة في شريان الفريق الوطني وبالتدريج، أي منح الفرصة لإسم أو إسمين بالتواجد في المعسكرات التي أعقبت العودة من روسيا وهو ما لم يتم.
ففي أول ظهور له وبعدما ساد الترقب لما سيكون عليه شكل اللائحة التي ستواجه مالي، سنتفاجأ جميعنا أنها ظلت وفية لهذا الحرس القديم ولمن يصفهم رونار بالنواة الصلبة ولمن رافقوه في رحلتهم مع الأسود.
بل سيطالعنا رونار والبعض يحاكمه على اختياراته كونه أحدث معايير سرية لم تصلنا بعد وهي معايير ذات أبعاد عاطفية وإنسانية تحمل من الوفاء والإخلاص لرجاله، ما يفوق المعايير الكلاسيكية المتعارف عليها وفي مقدمتها بطبيعة الحال معياري الجاهزية والتنافسية وجودة الحضور مع الأندية الأوروبية.
وسيشكل استدعاء بوصوفة ودرار اللذان كان في عطالة كبيرة ومزمنة رغم عامل السن وتواجد من بمقدوره أن يعوضهما، إشارة عملاقة وكبيرة على أن عاطفة ورومانسية رونار تتجاوز حدود تصوراتنا بل تتجاوز المنطق.
صورتنا عكسها القمر
لم يتابع الجمهور المغربي منتخبه متلاشيا مهزوزا، وفي حالة من التقاعس والعجز عن الإتيان بالحلول مثلما شاهده وهو يتعذب أمام جزر القمر بل قبلها طرق البعض ممن يقرأون الرسالة من عنوانها وحذروا من التراجع حتى والأسود يفوزون على مالاوي من حلول فردية وأخطاء للمنافس.
جزر القمر المنتخب المغمور والمتواضع، والفريق الذي حسم البعض بانهياره لمجرد ظهور منتخب مونديالي أتعب البرتغال والإسبان في الونديال، سيعكس بخلاف كل التوقعات صورة رديئة للفريق الوطني وسيضع لطاولة النقاش والتداول ضرورة التغيير وفرض وجوه جديدة غير التي استهلكت ولم يعد بمقدورها احتكاما لمرجعية السن والشيخوخة أن تقدم شيئا للفريق الوطني.
غياب زياش وحده أحدث حالة من التصدع داخل الفريق الوطني وقاد المحللين للجزم بحتمية تواجد أكثر من زياش داخل مجموعة حشر فيها رونار أسماء تفتقد للإبداع والقدرة على الإتيان بالحلول لطبيعة تكوينها الدفاعية الخالصة.
بل وقع الإجماع على أن لاعبين مثل نبيل درار ومبارك بصوفة ما عدا لهما اليوم بحكم السن ووضعهما الكروي من مكان، في وقت عاكس رونار القراءات وأصر على ترسيمهما معا.
تأثير حضور نصف التشكيلة بمعدل أعمار يفوق الثلاثين سنة كان له بكل تأكيد انعكاس على الإيقاع الضعيف وافتقاد لاعبينا للقدرة على خنق منافسهم وضياع الرشاقة التي عودونا عليها.
زياش يحمل المشعل
يتقدم لاعب الأجاكس على ما سواه من باقي العناصر الوطنية، ليكون المرشح الأبرز والكبير ليحمل مشعل منتخب المستقبل، أولا لأنه بغيابه اختل التوازن بشكل مطلق وكبير، وثانيا لأن كل المباريات التي شارك فيها اللاعب خاضها الأسود بإيقاع مرتفع وظهر فيها خط الوسط قويا وقادرا على التحكم في ميزان أداء المواجهات، بالفعالية والتمريرة الحاسمة أيضا.
كما أن سن زياش ودخوله الفعلي منذ اللحظة الأولى التي حمل فيها قميص الفريق وباعتباره الهداف الحالي للمنتخب الوطني يمنحه هذه الأفضلية والإمتياز.
ولأنه حين تغيب لاعب من طينة زياش عن مواجهتي جزر القمر، بدا الفريق الوطني في حاجة للاعب يضبط الإيقاع ويتحكم فيه ويوجد الحلول، وهي خصال تقنية لا تتواجد في كثير من لاعبينا المحترفين في الوقت الحالي في أوروبا إلا في فئة قليلة.
وسنأتي في أعقاب هذا الموضوع لنتحدث عن الحاجة للاعب مثل سفيان بوفال مثلا، بما أن أمين حارث تغيب بداعي الإصابة لا غير ومكانه محجوز، كما أن هناك من يرى أن لاعبا من حجم عمر قادوري له مكانه وإقصاؤه بعد "الكان" الذي احتضنه الغابون كان قرارا محجفا.
عناصر من قبيل الأحمدي ونورالدين أمرابط وحتى بلهندة بجانب بوصوفة بطبيعة الحال، يستحيل تصور استمرارها لربح رهان المونديال المقبل، لذلك وجب البحث ومن الآن عن عيارات تتولى نفس الأدوار دون أن تتأثر المنظومة.
بوفال له مكان
بالعودة للعناصر التي أذنب رونار في حقها وتجاهلها مؤخرا دون وجه حق، نجد سفيان بوفال الذي يسرق أسبوعيا الإعجاب في الملاعب الإسبانية ويقود فريقه صيلطافيغو وإن لم يكن للأدوار الأولى، فعلى الأقل بمرواغاته الساحرة وهي خصلة افتقدها الأسود أمام جزر القمر وحتى الأهداف الرائعة.
سن بوفال ومهارة اللاعب وقيمته في البورصة العالمية تلزم الناخب الوطني بتثبيته كي لا نهدر موهبة أخرى كما أسأنا تدبير مهارة وموهبة عادل تاعرابت.
ويرى متتبعون كثر أنه خلافا لما يعتقده البعض كون الدفاع والوسط وحدهما المعنيان بالتغيير، بعدما شاخا نسبيا فإن عناصر متقدمة في السن على مستوى الهجوم مثلا، كحالة اللاعب بوطيب لا تثير الكثير من التفاؤل.
وبدا إصرار رونار غريبا على عدم تمكين وليد أزارو من فرصته بالكامل، كما أنه لا يبدو مقتنعا وبشكل كبير باللاعب أيوب الكعبي وغياب العليوي منذ "الكان" بسبب الإصابة وتأرجح مستوى بنشرقي.
لذلك يبرز إسم اللاعب يوسف النصيري في طليعة الأسماء المراهن عليها في هذه الجبهة، شريطة أن يستقر رونار على توظيفه ليس جناحا مزورا وإنما في دوره الأصلي كرأس حربة صريح.