الرجاء واستراتيجية التغيير؟
الإثنين 06 غشت 2018 - 11:50بدد فريق الرجاء البيضاوي كل التخوفات التي كانت مسيطرة على أنصاره و عشاقه، بعد التغييرات الكبيرة التي حدثت مؤخرا على تركيبته البشرية، وعدم دخول الميركاطو الصيفي بتلك القوة المعهودة، حيث فضلت اللجنة المؤقتة بتنسيق مع الإدارة التقنية تفادي الدخول في سباق من أجل انتداب أفضل النجوم بأرقام فلكية، واختارت تبني إستراتيجية مختلفة تماما، ويبدو بأن الفريق الأخضر لم يتأخر كثيرا في جني ثمار هذه السياسة بعد العودة القوية في منافسات كأس الكونفدرالية الإفريقية، حيث انتزع صدارة مجموعته بالرغم من تواجد أندية عريقة إضافة لبدايته المتعثرة.
فهل يمكن إعتبار هذا التحول من بوادر نجاح هذه الإستراتيجية؟
تشريح للوضعية
مباشرة بعد توليهم مقاليد المسؤولية خلفا للرئيس سعيد حسبان قام أعضاء اللجنة المؤقتة بتشريح لوضعية الفريق من جميع النواحي الإدارية، المالية والتقنية، وتمت الإستعانة بمتخصصين في كل مجال، حتى لا يكون هناك تطاول على الإختصاصات، تأكد بما لا يدع مجالا للشك بأن سياسة الإنتدابات التي تم إتباعها في السنوات الأخيرة لا تتطابق مع الواقع الحالي للفريق، ولا يمكنها إلا أن تزيد الأوضاع المالية تعقيدا. كما أن الفريق لم يستفد منها كثيرا كما كان يحدث في السابق، حين كان يسوق منتوجه للخارج ما يساهم في تعزيز ميزانيته من الموارد التي يحققها من بيع بعض نجومه، قبل أن تنقلب الأمور ليتحول الرجاء من مصدر، لمستورد ومن منتج للطاقات والمواهب لمستهلك لها، وهو ما لا ينسجم مع خصوصيات الفريق الأخضر الذي ظل على مدى تاريخه مشتلا للنجوم.
الوقوف في وجه العاصفة
لم تكن المهمة سهلة، حيث كان أعداء النجاح يتربصون باللجنة المؤقتة، ويحاولون تبخيس العمل الذي تقوم به، تعالت الأصوات المنددة في البداية، وارتفعت أعداد المطالبين بالإسراع بالإنتدابات، وضرورة دخول الميركاطو الصيفي بكل قوة، لكن اللجنة المؤقتة بتجربتها فضلت التريث، وعدم التسرع في إتخاذ القرارات كما كان الحال في السابق، كما أنها لم تنساق وراء هذه المطالب الجماهيرية، انطلاقا من قناعاتها الراسخة بجدوى العمل الذي تقوم به، ما جعلها تطبخ قراراتها على نار هادئة، كما تفادت الدخول في منافسة مع باقي الأندية على بعض اللاعبين كما كان يحدث في السابق، ما كان يساهم في إشعال الأثمان، ويثقل كاهل الأندية المستقبلة.
استنساخ لتجارب سابقة
لم يكن إختيار فتحي جمال على رأس اللجنة التقنية وتحميله مسؤولية القيام بالإنتدابات إعتباطيا، بل اختيارا مدروسا وبدقة، بالنظر للتجارب التي راكمها في هذا المجال، وأهم ما يميز الرجل معرفته الدقيقة لواقع الكرة المغربية وخباياها، وأيضا لخصوصيات فريق الرجاء باعتبار السنوات الطويلة التي قضاها مع الفريق سواء كلاعب أو كتقني. وانطلاقا من معرفة أعضاء اللجنة المؤقتة بالدور الكبير الذي قام به فتحي جمال في مراحل سابقة، حيث كان وراء اكتشاف العديد من المواهب الرجاوية التي تألقت فيما بعد مع النسور ومع مختلف المنتخبات الوطنية، فقد تأكد بأنه رجل المرحلة، والشخص الذي ينسجم فكره مع أهداف اللجنة المؤقتة، حيث الرغبة في استنساخ تجارب سابقة ساهمت في تكوين أجيال قادت الفريق الأخضر نحو الألقاب. والرهان هو اكتشاف عناصر مغمورة و تقديمها للجمهور كما حدث مع أبوشراون، العلودي، الرباطي..
العمل الجاد يعيد الخناجر لأغمادها
ويبدو جليا بأن السيد امحمد أوزال كان يعني جيدا ما قاله غداة اختياره من طرف المنخرطين على رأس اللجنة المؤقتة، حين أكد بأن فريق عمله يحتاج للدعم والمساندة من كل مكونات الرجاء، و قال بالحرف «اللي ماغاديش يعاون، يعاون غير بالسكات».
فالرجل كان يعلم جيدا بأن لجنته ستتعرض لكثير من الإنتقادات، والكثيرين لن تعجبهم الطريقة التي سيتم بها تدبير هذه المرحلة.
ومن جديد حاول أعداء النجاح إثارة الفتنة وتحريض الجماهير على التحرك وتنظيم وقفات إحتجاجية للمطالبة بتغيير الأوضاع، لكن اللجنة صمدت في وجه هذه الإنتقادات والإحتجاجات، التي خفتت مع مرور الأيام، بل إن الكثير من المنتقدين تيقنوا حاليا من تسرعهم في قراراتهم السابقة، وعبروا عن ارتياحهم للعمل الذي تم إنجازه في هذا الظرف القياسي.
ثورة في التركيبة البشرية
من جانبه عبر المدرب كارلوس غاريدو عن ارتياحه للتركيبة البشرية الحالية، ويظهر جليا بأن هناك تنسيق تام بين اللجنة المؤقتة، واللجنة التقنية، وكذا الطاقم التقني المشرف على الفريق الأول، بل يمكن القول بأن هناك اتفاق حول هذه الإستراتيجية وهذه السياسة الجديدة، حيث تنقل فتحي جمال للديار الإسبانية قبل بداية الموسم، وعقد اجتماع مع كارلوس غاريدو تم من خلاله وضع الخطوط العريضة لخطة العمل، كما تم تحديد لائحة المغادرين، وكذا مراكز الخصاص، وتكلفت اللجنة التقنية بالبحث والتنقيب عن العناصر الجديدة التي ستعزز الصفوف. وبدوره عمل الإطار الإسباني على إحداث ثورة في تشكيلة الفريق بمنح الفرصة لمجموعة من الوافدين الجدد، ولعناصر شابة بات يراهن عليها لتحمل المشعل وتقود الفريق الأحمر للمنافسة على الألقاب.
الفوز على الأسيك يعيد الثقة للأنصار
النتائج التي يتم تحقيقها في المباريات الرسمية هي التي تحكم على مدى نجاعة الإنتدابات، وكذا العمل الذي تم القيام به في المرحلة الإعدادية، والملاحظ أن اللجنة المؤقتة قامت بانتدابات بأقل تكلفة ممكنة، كما برمجت معسكرا إعداديا مغلقا وخططت للمرحلة الإعدادية التي تسبق الموسم بنفس الطريقة، وكانت هناك تخوفات من عدم جدوى هذه السياسة، لكن الفوز على فريق من حجم أسيك ميموزا ذهابا وإيابا، وحضور الأداء الهجومي القوي في مباراة الإياب، ثم الإنفراد بصدارة المجموعة بثماني نقط، كلها أشياء أعادت الإطمئنان والإرتياح لقلوب الأنصار والعشاق، وذلك في انتظار تزكية هذه النتائج في باقي الإستحقاقات القادمة.
إنتدابات مدروسة، وغير مكلفة
باستثناء أنس جبرون الذي تم إنتدابه بعد مفاوضات مع فريقه المغرب التطواني، فإن باقي الإنتدابات لم تكن مكلفة لخزينة الفريق، باعتبار أن باقي الوافدين على القلعة الخضراء لم يكونوا مرتبطين بأي فريق حيث انتهت عقودهم مع أنديتهم السابقة، ونتحدث هنا عن الأسماء التالية:صلاح باهي من شباب بن كرير، أمين الروتبي من سويسرا، سفيان رحيمي من نجم الشباب، سيف الدين العلمي من الدوري الفرنسي، إلياس حداد من الجيش الملكي، السينغالي إبراهيما نياسي ثم الليبي سند الورفلي.