ADVERTISEMENTS

مذكرات من قلب المونديال: هي "بزْنس"

مبعوث المنتخب إلى روسيا المهدي الحداد الإثنين 02 يوليوز 2018 - 16:37

من الأمور السلبية والأشياء المقرفة التي وقفت عندها من قلب تغطيتي للحدث المونديالي وقبله مؤتمر الفيفا، أن كرة القدم النظيفة والتي تنبني على القيم وتحرص على المبادئ الرياضية شُيعت في جنازة روسية باردة، ولم يعد لها أثر في المنظومة الكروية الحالية، ولن تكون لها بصمات في المستقبل.
كرة القدم أفيون الشعوب وما تنشره من رسائل وقيم ومتعة ومنافسة شريفة صار وهم من الماضي، والحاضر يقول أنها "بزْنس" لا غير، ميدان إقتصادي للربح فقط، بعيدا عن المبادئ التي خُلقت من أجلها.
الفيفا تخدم أجندتها ومصالحها وأهداف مستشهريها، تبحث عن المال وتعزيز الإيرادات، ولا تكثرت للتظلمات والحسابات، تساند الكبار وتقزم الصغار، وتخاف من الدول العظمى وتخشى كساد سوقها الذي لُطخ بالفساد والرشاوى، وزاغ عن سكة الصواب ليخلط الأوراق ويزعزع ميزان العدل، ويعطي لهذا حقوق ذاك، ويظلم الآخر عن سبق الإصرار والترصد، لأنه لا يعطي للفيفا شيئا ولا يمثل لها سوى عضو وممثل لا دور ولا قيمة له.
حدث ما حدث قبل وأثناء كونغرس الفيفا الذي صفع مجددا المغرب وحرمه من تنظيم مونديال 2026، وطار الرئيس إينفانتينو فرحا بالنتائج الذي كان يعلمها مسبقا، وأجاد تمثيل دور المسؤول النزيه والبريء الذي إحتكم لصناديق الإقتراع، ليخرج في النهاية ويقول أن الديمقراطية إنتصرت، على من تضحك يا رئيس.
الفيفا تريد المال بأي وجه كان، والكلام الفارغ حول تنمية الشعوب وتطوير اللعبة ونشر القيم ومساعدة الدول النامية والقارات الفقيرة خطاب إعلامي للإستهلاك فقط، أما الكواليس فتُطبخ بها القرارات المغايرة بتوابل الشر والمصالح والصفقات.
ماذا سيستفيد الإتحاد الدولي إن أعطى المغرب شرف تنظيم كأس العالم؟ لا شيء غير مساعدة البلد على التنمية ومكافأته على إصراره القوي ونفسه الطويل، بينما هو سيخسر ماليا الملايير وسيغامر في قمار بلا ضمانات ولا أرقام رسمية مؤكدة.
ماذا ستربح الفيفا إن تأهل أسود الأطلس إلى الدور الثاني بالمونديال الروسي؟ لا شيء غير الشعور بالضيق والقلق لأن قزم مشاغب تحدى الكبار وأربك كل المخططات، وقام بهدم الحفلة التي سُطر برنامجها بعناية ودقة وإهتمام خاص وأولي بالمنتخبات العملاقة.
نحتج على التحكيم ونطالب برفع الظلم والحيف ونقول للعالم أننا لا نستحق الإقصاء المبكر وأن "الفيديو" والحكام وقفوا ضدنا، لكن ماذا سنستفيد؟ ماذا سنجني وراء كل هذا غير الحسرة والسخط والحقد، فهل سنشكو الفيفا للفيفا.
خسرنا رهان تنظيم مونديال 2026 وإنهزمنا في سباق كأس العالم 2018 لنحتل المرتبة الأخيرة في مجموعتنا، لم نربح شيئا غير التعاطف الإنساني والجماهيري، وسجلات التاريخ لن تتذكر لنا غير الأرقام والفشل، وفي أحسن الأحوال الإشارة إلى المردود والمحاولة، أما كلمة إقصاء مشرف فهي لا توجد سوى في قاموس العرب والأفارقة.
لا تنتظروا رجاء هدايا من الفيفا وتتوقفوا على الأحلام لأن الإنكسار والأمر الواقع يكون مؤلما جدا، الفيفا لا عاطفة لها وترى المغرب كطفل مشاغب وعاق يجب ردعه وتقليم أظافره مبكرا، تساير شغبه حينما تكون بمزاج جيد وتنهال عليه بالضرب لحظات الغضب، وحينما يطلب منها شيئا بإلحاح تجيبه بعنف: "أخرس وإنصرِف."
كرة القدم "بزنس" والمونديال "بزنس" والفيفا شركة وليست مؤسسة رياضية تخدم الصالح العام والقطاعات الإجتماعية، والإحتجاج عليها إهدار للوقت فقط، غادر بلاتير بفساده وجاء إينفانتينو بمكره وأجندته، وفريق عمله يخدم أهداف الدول العظمى والإتحادات المؤثرة، أما حكاية الروح الرياضية والمبادئ والأهداف التنموية فهي فقاعة مسلية، أما الشعوب المسكينة وعشاق الفرجة والمنافسة الشريفة فدهستهم عجلات المجموعات الإقتصادية العالمية، فكرة القدم يا سادة لم تعد لعبة ورياضة، وإنما حلبة للجشع والطمع ومن يدفع أكثر.. 

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS