إفريقيا لكم
الأربعاء 01 نونبر 2017 - 11:09حتى ولو قالوا عن الوداد وعن مساره الإفريقي بالمخيف وعبر المعابر التي مر منها بصعوبة التأهل وصولا إلى النهاية الخالصة وبرؤى تحليلية لذهاب موثق بعدول دفاعية مع سرقات موصوفة لمضادات نادرة، فإن الحرب خدعة كما يقال، ولها استراتيجية خاصة بها في الكر والفر، ولو قالوا بأن الوداد كان عاديا في برج العرب كونه لم يفتح اللعب واستشاط غطرسة في كل المناطق التي يرمي بها الأهلي كل كراته الجانبية أو المرورية بالمثلثات والثنائيات، وحنط الأهلي بكل أدواته الهجومية بما فيها وليد أزارو المنفي أصلا في احتفالية مصر، حتى ولو قالوا ما قالوا ، فالوداد أرخت لنفسها خصما ثقيلا وضيفا يمكن أن يكبر في نظر المصريين على النقيض من سداسيتهم الموضوعة في شباك نجم الساحل التونسي، وأبدا لا يمكن أن يفوز الأهلي مرتين بملعبه وأمام خصمين كبيرين من عيار ثقيل، لأن فوزه المقروء على نجم الساحل كتب على السبورة التقنية والفنية عبر الداهية الحسين عموتا وبمباركة الإحتراف الخالص لرجال يعرفون كيف يغيرون الأحداث أسبوعيا حتى ولو كان هذا الرجل قد تلقى السياط من كل جانب ولكنه أبعد كل مشاكل الوداد الجانبية ولعب بما هو متوفر عنده بالخامات التي يملكها في غياب رجال المرمى الراحلين أصلا إلى أندية أجنبية، ومع ذلك عاد لينجح ويفك شفرة سمو الوداد بمعقل أم الدنيا، وما فعله الوداد من تحنيط ممنهج للخط الدفاعي في فترات ستكون بلا شك هي القفزة النوعية في مجال الصد الرهيب خلال الشوط الثاني، ومن سلوك الرد المماثل لهدف ذهبي سيكون له انعكاس كبير في مباراة العودة أمتعني فعلا واحاطني بهالة من الإعجاب القتالي لرجال المعركة، وأخص بالذكر ذاك المقاتل نوصير الذي حيرني أداؤه الخرافي وكأن لنا مولودا دوليا في الظهير الأيمن ظل مغبونا من الدولية مع أنه أصلا دولي ولم يستطع الحفاظ عليها، وحتى واتارا الذي أثيرت حوله القلاقل برغم أنه أخطأ نسبيا وكان أيضا ورقة مكشوفة في هدف الأهلي ولكنه أضاء دوره بنفس الصرامة المفترض أن يكون عليها المحترف الأصلي، وقس عليها حتى خبرة يوسف رابح الذي كان له الفضل في لحمة الصرامة مناصفة مع القيادة الوسطية التي لا تقبل أي نقاش في أدائها رغم بعض الإسقاطات الخاصة في التسرع أثناء التمرير الخاطئ والمراوغات الصعبة أثناء المحاصرة الأهلاوية ولكن درجة الإمتياز كانت مماثلة في طريقة استرجاع الكرات، أما وإن تعلق الأمر ببنشرقي وأوناجم فتلك قصة لن ينساها الأهلاويون لكون هذا الثنائي كان في موعد الرعشة الكبرى وفعلاها بالضبط عبر حوار هدف التعادل دون تزكية الحداد أيضا كورقة خلخلت التوازات الدفاعية الأهلاوية.
ونقاش هذا النهائي الخالص بقراءاته الخاصة تضعنا اليوم نحن المغاربة أمام حدثين تاريخيين لشهر نونبر سنشهد من ورائه إما شهر نهاية العام العسلي بأفراح المغاربة المنتظرة عبر سنين طويلة من مخاض البحث عن الإبتسامة والعالمية، وإما بمواصلة ذات الإنكسار الذي يضعنا دائما في عجلة المحدودية بلا ألقاب ولا عالمية ولا هم يحزنون . وعندما أقول للوداد « إفريقيا لكم « فيعني أن مقاس عالمية إفريقيا مطروحة في 90 دقيقة وبتعادل نظيف بأقل الإمكانيات وفوز كبير يرفعنا جميعا أعلى الدرجات والوصول إلى كأس القارات بالإمارات، وقتها ستكون لنا إفريقيا بالكامل وسنلعب جميعا مع كبار فرق العالم، وستكون الوداد أيضا فريقا عالميا، وهذا هو مقصد كلامي النابع من الإرادة المطلقة لجعل هذا الشموخ الودادي المغربي وليس الكازاوي فحسب سائدا بمركب محمد الخامس كحلقة أخيرة للوصول إلى العالمية.
وبجانب هذه المصادفة الغريبة التي تضع الوداد على بعد نقطة التعادل وأصفار لقاء العودة دون النظر في الفوز كمعادلة قوية يجب أن تكون العلامة البارزة في لقاء العودة، يكون المنتخب الوطني بسائر نجومه قد عاين هذا الحدث التاريخي للوداد إن هو فاز بعصبة أبطال إفريقيا ليكون ذلك علامة مؤسسة لمعنويات الأسود المرتفعة في جهاد أكبر للوصول إلى العالمية الثانية عبر حلقة مباراة العمر بالكوت ديفوار المؤدية طبعا إلى مونديال روسيا، وهذا الحدث الثاني الذي سيأتي أسبوعا على مباراة الواداد الحاسمة يجمعنا نحن المغاربة على خط النضال التعبوي والتضامني لكل الأطراف كون كرة القدم المغربية تدخل نهاية هذا العام منعرجا جديدا في تاريخها الغائب عن الإنجازات الخالدة، وتضعنا جميعا في سكة المساندة المشروطة وضخ روح المبادرة الرجولية للسهم المغربي أيا كان ذلك بمركب محمد الخامس أو ملعب هوفويت بوانيي بالكوت ديفوار سيما وأن الطرف الإيفواري يعيش اليوم معركة نفسية وتعبوية وحربا إعلامية من الجانب الأخر لجعل مباراة الجولة الحاسمة مباراة كن أو لا تكون، وهو نفس المصطلح الذي نرمي إليه جميعا عبر هذا الجيل الذهبي المفروض أن يحقق حلمه العالمي بروسيا، ولذلك أعتبر هذا الشهر ما قبل الأخير من العام الجاري شهر مغرب إفريقيا أولا لأن ملك البلاد كان هو الرهان الأكبر لتغلغل المغرب بإفريقيا في جميع الميادين، وثانيها تلك العاصفة الداعمة من رئيس الكاف للمغرب وعبر الإتفاقيات الرياضية التي أبرمها المغرب مع الكثير من الدول الإفريقية، وأخيرا ما نعيشه اليوم من أحداث عميقة الدلالات بين الوداد والأسود وملف المونديال وملف الشان.