أليس فيكم رجل حكيم؟
الجمعة 14 يوليوز 2017 - 16:03لو أنني أحجمت عن الحديث عن مواجع الرجاء وقد أخذت منا كصحفيين الوقت والجهد وكثيرا من كميات الصبر المختزنة في الصدور والتي بها يتم تصريف البلاء، لوصفت من البعض بخيانة الأمانة التي تقتضي أن نسيل ما شاء الله من مداد لكي نتغلب على كل نائبات الزمن التي تصيب الرجاء منذ قرابة السنة، لما إنفضح أمر الأزمة المادية والمديونية الثقيلة التي أنطقت من بهم صمم.
تخندق المنخرطون في جهة ما، تقسمهم حتمية بقاء أو رحيل سعيد حسبان، ويبدو أن المطلب الذي قالوا أنه مذيل بتوقيعات ما لا يقل عن ثلثيهم والداعي إلى عقد جمع عام إستثنائي لسحب البساط قانونيا من تحت رجلي حسبان، لم يعد حاملا للمشروعية في ظل ما تعرفه الصفوف من انقسامات.
والسواد الأعظم من جماهير الرجاء ما بين الحزينين حزنا عميقا على المآل الكارثي للرجاء، وما بين الموالين لأجندات تشتغل في الظلام تريد الإنتصار لذواتها المريضة، يقرون بضرورة أن يرحل حسبان لأنه أس ومصدر الأزمات.
والحكماء لا يصدرون فتوى الحب والإنتماء بما هو مقدر عندهم من حكمة وتبصر، فما نسمعه هو أضغاث قرارات تصدر مرتعشة، بينما هذا الذي يكابده الرجاء وما عاد يليق به كفريق مرجعي وعالمي، كان يفرض أن يجتمع هؤلاء الحكماء المعينون من قبل سلطة التاريخ للترافع بشأن كبرياء وكرامة الرجاء، ليتداولوا اليوم قبل الغد في هذا الذي يجري بداخل بيت الرجاء ويقرروا بشأنه ما يمكن أن يشكل صيغة أولى للقرار الذي يمكن أن تتوافق عليه العائلة الرجاوية وبه يغلق نهائيا كتاب الوجع.
وفي ركن قصي يجلس سعيد حسبان ملتاعا، متحيرا وملتهبا كعود الثقاب، يحاول قدر الإمكان أن يصارع طواحين الهواء، فبعد أن سكت دهرا بسبب ما قال أنها حكمة إقتضتها مصلحة الرجاء في وقت الذروة والفريق يصارع من اجل لقب البطولة الذي ذهب عنوة للغريم، خرج مهرولا في كل الإتجاهات يصد ما قال أنها غارات، لا تستهدف الرجاء ولكنها تستهدفه شخصيا لأنه نجح في إسقاط الأقنعة عن رموز الأزمة والضالعين في جريمة المساس بسمعة الرجاء، ولأنه نجح وبتفوق في اختراق الكثير من ثغور الفساد، مؤكدا أن الأزمة الخانقة هي من فعل من سبقه لإدارة الفريق الأخضر، والمعني هنا بكل تأكيد هو محمد بودريقة.
ولا بد من الجزم بشيء لا يمكن قطعا أن نختلف عليه، هو أن الوضعية الحالية للرجاء بصرف النظر عمن يكون الجاني أو المجني عليه، لا يمكن أن تزداد تفاقما أو أن تأخذ بعدا كارثيا أكثر من الذي تتخذه اليوم، بخاصة لما يصبح اللاعبون حلقة قوية من حلقات الأزمة ويبدأ التحضير للموسم القادم بإضرابات تزلزل المشاعر وتخدش الكبرياء ويزداد معها الرأي العام الرجاوي توجسا وخوفا مما قد تؤول إليه الأمور.
ولأنني أرى أن هذا البلد ما حماه على مر الدهور إلا تشبته بالقانون المتوافق عليه كدستور جماعي، فإن أزمة الرجاء لا بد وأن تحل بالصيغ القانونية المتاحة، فإن كان المنخرطون قد لوحوا بالدعوة بجمع عام إستثنائي يعقدونه قبل 31 يوليوز، فإن في تركيبة الملتمس ما لم يكن متوافقا مع جوهر القانون، لذلك يبدو أن 31 يوليوز الذي قدمه المكتب المسير للرجاء تاريخا لعقد الجمع العام لا بد وأن يكون فاصلا بين زمنين، زمن السيبة والتآمر وخيانة الرجاء من دون حاجة للدخول في متاهة تسمية المتأمرين، وزمن عودة الصفاء وسيطرة الحكمة، لكي لا يكون الفريق الأخضر أول من سيتدخل القانون ليقول فيه كلمته في حال ما إذا غاب التوافق وبقيت دار الرجاء على حالها، بين مصاب بالسعار وبين فاقد لعقله.
إن الحياد الإيجابي الذي إلتزمته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصبة الوطنية لكرة القدم الإحترافية، بإيعاز من مرجعية الرجاء وتاريخها العريق، سيصبح في حال ما إذا تواصل الصدع والخلاف الذي يخرب البيت الأخضر، حيادا مدمرا تساءل عليه الجامعة.
إن كل المساعي التي بذلتها الجامعة مشكورة لتأخذ بيد الرجاء وتمنع عنها الإفلاس الذي كان وما يزال يحذق بها، لن تصبح ذات جدوى اليوم إن تواصل الإحتقان والضرب من تحت الحزام بما لا يطيقه القانون وبما لا يتوافق مع الجهود المبذولة على أكثر من صعيد لإغاثة كرة القدم الوطنية ومساعدة الأندية على الإمتثال لأوامر ونواهي الإحتراف، ومن أكبر ما ينهى عنه الإحتراف هو هذا السوء الذي يصيب به ناس الرجاء فريقهم، فهل ينتهوا؟
أرجو أن يرتفع ولو لمرة صوت الحكمة ليصرف عن الرجاء كل هذه الويلات التي تضربها وليعيد الهدوء للبيت الأخضر ويعفيني من الإستمرار في العزف على نايات الأزمة.