الأسود والزاكي
الثلاثاء 04 أبريل 2017 - 17:15< أكيد أن وديتي المغرب أمام كل من بوركينافاصو وتونس لم تكونا بدرجة التساهل أو احتضان نوعية من المباريات السهلة التي يفوز فيها المغرب عادة بالحصص المثيرة ، ولكن قياس معايير بوركينافاصو ثالث إفريقيا في النهائيات وكمنتخب مولود بالشراسة والإبداع والبحث عن افضل النتائج مع مدربه باولو دوارتي، ومع منتخب تونس الذي شكل منذ 16 سنة عقدة للمغرب وبالحظ أيضا، يعتبر اختيارا جديرا بالإهتمام والترحيب لمراعاة الحضور المغرب بوصفة أخرى تنضاف لمسلسل الكونغو الديمقراطية والطوغو والكوت ديفوار ثم مصر في الكان الأخير، ولذلك جاء هذا الإختيار ليعبر ذات المسافة التلقائية مع منتخبين آخرين من العيارات الكبيرة في إفريقيا لمراعاة العمل الذي يقدمه رونار لتكوين فريق وطني شرس في التعامل مع الخصوم ومع النتائج، وظاهريا يمكن أن نشيد من جديد على نوعية وإيجابية موقف الأسود في التحكم الخاص بالوديتين الجديرتين بربح المكاسب البشرية والنضج الذي ساد فكر كل المكونات من جعل المباريات تسير على النمط الجماعي والإرادة الخاصة نحو تحقيق الفوز سواء كان ذلك وديا أو رسميا، ولعل رونار قد نجح في ترسيم هذه الصورة التي لم يكن الفريق الوطني سابقا يجسدها على أرض الواقع إلا بصعوبة تحقيق الفوز، وندرك جميعا أن مقاصد هاته الوديتين كرست نفس النموذج الذهني لدى اللاعبين القدامى منهم أو الجدد من المحترفين في قالبهم الأوروبي أو من منتوج البطولة الذي زكى بالفعل نجاحا في المهمة الأولى وهي ربح معادلة مدافع الرجاء البيضاوي محمد اليميق وعلى الأقل منها تزكية جديدة للبطولة دون إبعاد الناهيري من شرعية الحصانة التي قدمها وفي انتظار مزيد من الفرص لدى أزارو والحافظي، فيما ربحنا أيضا وجها من البطولة الهولندية يعتبر خليفة الأحمدي وكاستعداد مستقبلي لحركة الوسط المقاتل، وعندما يؤكد رونار على أن الأفضل هو من يأتي إلى المنتخب فلا يعني أن اللاعب العادي هو الأرضية الثانية التي تاتي بعد الأول، ولذلك من يعتبر نفسه قد نجح في ترسيم الفرحة لدى رونار وأعطى القناعة على انه مؤهل من الان وينام على سرير التواضع أكيد أنه خاطئ، ولذلك لا يمكن اعتبار المنتخب مطية للنجاح المبدئي ما دام العمل الشاق بالنادي هو قمة القبول الإختياري للهيئة التقنية التي تتابع أي لاعب سواء كان ذلك في البطولة أو في أوروبا، وهذا ما يعنيه رونار من أن اللاعب عندما يأتي لعالم الدولية لا يأتي اعتباطيا بل بالفرص والإنقضاض عليها ومن ربح هذا القبول سيدخل التحدي، ومن ربح الفرصة جملة وتفصيلا نام على القميص الدولي المفترض أن يكون فيه اللاعب الدولي على الأقل قد اجتر سنينا من الدولية وقدم حصيلة تقنية هائلة دون أن يلعب لسنة ويغيب نهائيا، ولذلك يمكن القول على أن كلام رونار من أن باب المنتخب مفتوح لكل المجتهدين ، يعني مفتوح للإستمرارية وليس هناك من يتخاذل في حمل القميص وجعله ثوبا دائما حتى من دون عطاء.
أكثر من ذلك يجعل رونار من طبيعة ما قدم من النجاعة الدفاعية وأبلغها تنازلا على المستوى الهجومي في النجاعة الثانية لا بد أن يكون متكاملا في الفريق الذي يفوز دائما، وعندما أكد على هذا المعطى في مباراة بوركينافاسو التي أتت بوعود الأهداف البنائية الرائعة في إشارة إلى مزيد من العمل في ترجمة هذا الواقع ، أتى لقاء تونس بشرارة النجاعة الهجومية التي غلغلت الدفاع التونسي بأمطار الفرص ولكنها لم تلق الرجل الحاسمة، ما يعني أن ما أوصى به الرجل احترم بالفعل ولكنه لم يكن مترجما بالحسم الكلي لجعل الودية تفوق كل التصورات وتضع تونس في مغبة حصة تاريخية حتى ولو كان ذلك في إطار الودي، ما يعني أن النجاعة الهجومية ووقعها الحاسم هو بمثابة نجاح المشروع، ومشروع المنتخب يسير أصلا في هذا الخط لكن بدرجة الشرود والميل نحو التسجيل في العقل وليس في الشباك مع التسرع احيانا . وفي النهاية يمكن أن نسجل خيوط بداية جديدة لمنتخب كبير بدأ يكبر بالشكل والصورة والإنطباع .
<< عندما يبتعد بادو الزاكي عن موطنه صوب الجزائر ويرغم ويلجم الأفواه التي تكرهه بالمغرب من أنه لم يحقق شيئا للكرة المغربية لا مع الوداد أو غيرها أو مع المنتخب المغربي ، عندما كرس المفاجأة العملاقة وحقق الإعجاز في ظروف يكتشفها هناك في ظل أزمات نادي بلوزداد أولا في إنقاد الفريق والصعود به نحو المركز الثامن بعد أن كان قابعا في ذيل الترتيب ويلعب اليوم مكاسب إزعاج المركز الثاني الذي لا يبعده سوى بخمس نقاط مع مجموعة من الأندية القوية في البطولة، وثانيا في رفع قيمة النادي نحو درجة القوياء بعد أن أوصله إلى نصف نهاية كاس الجزائر رفقة أعتد الفرق التي وصلت ايضا بقيمة وفاق سطيف واتحاد بلعباس ومولودية الجزائر، مع أن فريق الزاكي لم يصل إلى نهائي الجزائر منذ موسم 2011ـ2012، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن بلوزداد قدم مشوارا رائعا في البطولة والكأس معا في ظل ظروف مادية خانقة يعيشها أيضا نوادي المغرب، فيما كان الزاكي يلوح دائما بالإستقالة في غياب الدعم المالي والنفسي للفريق، وإلى هنا يكون الزاكي قد أعطى الدرس للمحللين ورواد الكراهية لإبن وطنهم الذي وإن كانت الظروف السياسية بين المغرب والجزائر سوداوية الرؤى، يقدم الدليل على أنه مدرب كبير مثلما ينجح اليوم ونجح سابقا عبد الحق بن شيخة مع عدة أندية وطنية.
برافو الزاكي والبركة في القفزة النوعية والوصول إلى نهائي كأس الجزائر.