إسماعيل بنلمعلم: سفينتنا لم تغرق وسنتجاوز هذه المرحلة الحرجة
الإثنين 13 مارس 2017 - 19:03هو الجلاد و«فكاك لوحايل»، واللاعب الذي أعطى الإضافة الكبيرة لإتحاد طنجة هذا الموسم دفاعيا وهجوميا، كيف لا وهو الذي إستبسل في حائط الصد وباغث في خط الرد، ليخلص الأنصار من عذاب الإنتظار بلمسات وأهداف حاسمة.
بنلمعلم في سن النضج تغير كثيرا عن بنلمعلم الذي كان يحرث الملاعب المغربية قبل سنوات مع الرجاء، فالأفكار والتجارب رتبها جيدا الرجل في عقله وحقيبته، ليصبح هادئا وناضجا بخطوات محسوبة، ورهانات مدروسة تميز بين الواجبات والحقوق في كنف الإحتراف قولا وفعلا.
- المنتخب: إتحاد طنجة تاه الطريق وزاغ عن سكة الإنتصارات في الدورات الأخيرة، ما هي الأسباب؟
بنلمعلم: لا توجد أسباب لهذا الإستعصاء الذي يرافقنا منذ دورات، فالمباريات الثلاث الأخيرة كنا فيها مندفعين هجوميا ولعبنا بطريقة موفقة وما نقصنا هو الحظ، فعلنا كل شيء إلا التسجيل والظفر بالنقاط الثلاث، فأمام الرجاء البيضاوي قدمنا شوطا أول ممتازا لكننا خسرنا النزال في الجولة الثانية، وضد شباب قصبة تادلة كررنا نفس السيناريو وفي النهاية حصدنا نقطة واحدة، وفي المباراة الأخيرة ضد شباب أطلس خنيفرة ظهرنا بوجه طيب وخلقنا عدة فرص وهددنا مرمى الخصم الذي كان يدافع ب 5 مدافعين، إلا أن الحظ غاب والكرة لم تبتسم لنا وهذه هي الكرة يمكن أن تكون جيدا وتخسر ويمكن أن تكون سيئا وتفوز.
- المنتخب: هل هي مرحلة فراغ يمر منها الفريق؟
بنلمعلم: أعتقد ذلك، فكل الأندية العالمية تجتاز في الموسم مطبات وتمر بمراحل صعبة، ذهاب موسمنا كان ناجحا ومتميزا والآن نعيش بعض الصعوبات التي تتمثل في غياب الإنتصارات والنتائج الإيجابية، أحيانا لا نتحكم في هذه الأمور فالطرق والأساليب التي ننهجها تبقى هي ونفس المجموعة تلعب بذات الروح، بيد أن الإستمرارية تغيب وتتقطع، أتمنى أن تكون مرحلة الفراغ قد مرت سريعا وإنقضت بصافرة نهاية مباراة شباب أطلس خنيفرة.
- المنتخب: كيف السبيل لإستعادة المقود والعودة للسير في الطريق الصحيح؟
بنلمعلم: نحن في الطريق الصحيح منذ بداية الموسم، ولا زلنا نتموقع في أعلى سبورة الترتيب ومخطئ من باع جلدنا، اللقب لم يُحسم بعد وكوكبة المطاردة مجتمعة رغم فارق النقاط غير الشاسع، نحتاج فقط لإنتصار واحد وستعود الأمور إلى مجراه، لأن سفينة الإتحاد لم تغرق وإنما تمر بمرحلة صعبة من الإبحار ستتجاوزها في أقرب وقت.
- المنتخب: تراجعكم وإنزلاقكم إلى المرتبة الخامسة قد يكون نابعا من ضغط المباريات خصوصا مع صحوة بعض الأندية وإلتزامكم بالمنافسات الإفريقية.
بنلمعلم: لا أريد أن أبحث عن أسباب ومبررات لهذا التراجع أو مرحلة الفراغ لكن شيء واحد نعاني منه ولا يمكن إنكاره، هو كثرة السفريات والتنقلات خصوصا داخل أرض الوطن، فأحيانا نقطع مسافات طويلة في ظرف وجيز، إذ نتنقل وسط ثم نهاية الأسبوع وهذا راجع إلى بعد مدينة طنجة عن باقي المدن المغربية خصوصا الجنوبية، نتحول من فندق إلى فندق ولا نأخذ القدر الكافي من الراحة ولا نسترجع لياقتنا البدنية بشكل كامل، إلى جانب الأكل الذي لا يكون دائما ملائما ومساعدا على إسترجاع الطراوة والتحضير الجيد، هذه الأشياء نعاني منها لكن لا أقول بأنها سبب تراجع نتائج الفريق، نحن محترفون ولا نركز على أي شيء غير التداريب والمباريات، ومن واجبنا التأقلم مع جميع الظروف والصمود في وجه العراقيل وتحمل الضغوطات.
- المنتخب: الثلث الأخير من البطولة الإحترافية سينطلق والإتحاد سيصطدم بخصوم ينافسونه مباشرة، إلى جانب أندية أسفل الترتيب التي تصارع لتفادي الهبوط، كيف تتوقع الدورات العشر الأخيرة؟
بنلمعلم: نحن في أتم الجاهزية لخوض هذا الثلث المتبقي بروح قتالية وسيناريو يعيد إلينا ما بدأنا به الموسم، سنبحث عن الفوز في أقرب وقت لنستعيد الثقة ونعود للواجهة، وأهم شيء أن نواصل دور المطاردة والتربص بالاندية التي تتفوق علينا بالنقاط، تنتظرنا مباريات حارقة وصعبة مع خصوم برهانات متباينة، وأعتقد أنه إن حالفنا الحظ وإسترجعنا لاعبينا المصابين والموقوفين سنكون في الموعد وسنتشبت بآمالنا للمنافسة على اللقب، فنحن عازمون على عدم الإستسلام حتى الرمق الأخير من البطولة.
- المنتخب: كيف هي الأجواء الداخلية داخل الفريق في ظل التوثرات التي تم تسجيلها في الآونة الأخيرة؟
بنلمعلم: جيدة ونحن عائلة واحدة ولا توجد مشاكل، نتوفر على قائد رائع هو المدرب عبد الحق بن شيخة الذي يعتبر أب الجميع، يتدخل في جميع شؤوننا الكروية والشخصية ولا يحب أن يرى أحد منا مهموما أو لديه مشاكل، يعشق التواصل بشكل جنوني ولا توقفه عراقيل، والأكثر من ذلك أنه يعرف كل صغيرة وكبيرة عنا في بيوتنا وحياتنا العائلية ويساعدنا لنكون في كامل راحتنا وقوتنا الذهنية قبل القدوم إلى التداريب، صراحة أحببت جدا الأجواء هنا بطنجة وداخل الإتحاد وأحببت أكثر طريقة تواصل بنشيخة وعلاقته مع اللاعبين.
- المنتخب: لكن المدرب عاقب بعض اللاعبين المهمين بالفريق كمعاوي والملحاوي وأيت لمعلم وألحقهم بالرديف إلى نهاية الموسم..
بنلمعلم: لا يمكنني أن أجيبك على هذا السؤال لأنني لاعب مثلهم وتلقيت الخبر كباقي اللاعبين، هي مسائل إدارية تخص المدرب واللجنة التأديبية، لكن بحكم علاقتنا القوية بهؤلاء اللاعبين الذين يشكلون الثوابت الأساسية ولهم تأثير داخل المجموعة فقد تدخلنا وطلبنا من المدرب أن يصفح عنهم، وننتظر أن يلتحقوا بنا لحاجة المجموعة لهم خصوصا وأن لديهم التجربة واللمسة ليساعدوا الفريق فيما تبقى من الموسم.»
- المنتخب: سمعنا أيضا عن سوء الإنضباط وبعض الإنزلاقات، هل هي بداية شد وجذب بين بعض اللاعبين والمدرب؟
بنلمعلم: المدرب بن شيخة مدرب محترف ورجل إنساني آخر همه أن يكون في صراعات ومشاكل مع اللاعبين، هو يعتبرنا كأبنائه ولا يمكن أبدا للأب أن يتصارع مع أولاده، كل ما في الأمر أنه يطلب منا عدم التهاون فوق أرضية الملعب وأن لا نتكاسل، يحب أن نعطي كل ما لدينا وأن نلتزم وننضبط مع ما يقول، وحينما نخرج عن هذه الضوابط الرياضية طبعا يغضب ويصرخ وينفعل، وهذا من شيم المدربين الكبار الذين يحبون الخير للاعبين والفريق، أنا متأسف لما حدث لبعض زملائي الذين عوقبوا وتم إستبعادهم في هذه الظرفية الحساسة من الموسم، ويبقى المدرب صاحب الصلاحيات الواسعة في الإعتماد أو عقاب من يراه أهلا لذلك، إضافة إلى ذلك فالمجموعة تتكون من 33 لاعبا ولهم جميعا الحظوظ المتساوية والمؤهلات لحمل قميص الفريق الأول والمنافسة على الرسمية.»
- المنتخب: بالحديث عن الإنضباط والنضج رأينا هذا الموسم بنلمعلم آخر بعيدا عن ذلك الشاب المثير للجدل حينما كان لاعبا مع الرجاء البيضاوي قبل سنوات قليلة..
بنلمعلم: الرحيل عن الرجاء أفادني كثيرا، لقد كان درسا في الحياة قبل أن يكون في كرة القدم، تعلمت أشياء عدة أثناء وبعد مغادرتي للنسور، تعرفت على أناسا كثر ومدربين بثقافات أخرى وصرت أكثر نضجا ومسؤولية، شخصيتي تغيرت وبدأت أحسب خطواتي جيدا، الفضل فيما بلغته اليوم من هدوء وحكمة وقوة يعود إلى أحداث ومواقف ورجال مثل المدرب بنشيخة الذي أتعلم منه يوميا وأستمتع بالعمل تحت إشرافه.»
- المنتخب: قربنا أكثر عن قصة هذا الهروب من الدار البيضاء الذي خدمك كرويا وشخصيا؟
بنلمعلم: مع الرجاء عشت الحلو والمر وداخل هذا النادي العظيم زرعت بذور مسيرتي الإحترافية وصنعت إسمي وعرفني الجمهور، مع الرجاء لعب أكبر البطولات القارية والعالمية ووصلت نهائي كأس العالم للأندية وعانقت المجد والشهرة التي لم أكن أتوقعها يوما، في الرجاء تعلمت من لاعبين كبار كالنجاري ومسلوب وناطر وجريندو وعبد الواحد وآخرين من أجيال الفريق الذهبية، في البيت الأخضر تربيت على يد مربين رائعين ومدربين عمالقة من طينة فاخر وأوسكار وهنري ميشيل والبنزرتي والصديقي، لكن في الرجاء أيضا تألمت وبكيت وعانيت وكدت أن أنتهي لولا الصبر وقوة شخصيتي.
- المنتخب: ماذا تقصد؟
بنلمعلم: أنا إبن الرجاء البيضاوي وفيه ترعرعت في جميع الفئات حتى بلوغي الفريق الأول، وهذا لم يكن سهلا لأنني واجهت عدة متاعب وعراقيل والطريق لم يكن مفروشا بالورود، من أجل الرجاء رفضت سلسلة من الإعارات وقبلت بالجلوس كإحتياطي لأربع سنوات لأرد الجميل ولو قليلا لهذا النادي الذي صنعني، أردت أن أبرز وأكتب إسمي بالأخضر وليس بلون آخر، إلا أن الأمور لا تسير دائما كما نخطط ونريد، وفي الرجاء فهمت معنى أن الكرة غدارة وإن كنتَ اليوم محبوبا غدا قد تصبح منبوذا وينفر منك الجميع ويطالبونك بحزم حقائبك والرحيل، لم أهرب منه طوعا وإنما غادرت بيتي حزينا ومطأطأ الرأس بعدما أحسست بالألم الشديد، وإخترت الذهاب إلى الخليج لنسيان الآلام وبداية صفحة جديدة بعدما قاومت وكدت أن أنتهي وتضيع مسيرتي.
- المنتخب: هل يمكن أن نراك لاعبا بالرجاء مرة أخرى؟
بنلمعلم: لا نعلم ما يخفيه القدر وكرة القدم لا تؤمن بالمخططات والإحتمالات، كل شيء وارد ولا يمكنني أبدا أن أتنكر للرجاء أو أغلق باب القلعة الخضراء، قد أعود يوما ويشرفني ذلك وقد لا أعود، المهم أن الرجاء هو صاحب الفضل فيما وصلت له لأنني كما قلت كان درسا في الحياة وفي كرة القدم.
- المنتخب: كيف كانت تجربتك الإحترافية ولماذا إخترت العودة إلى المغرب من بوابة إتحاد طنجة؟
بنلمعلم: لعبت 6 أشهر جيدة مع الوكرة ومثلها رفقة قطر وتركت صدى إيجابيا بعدما قدمت مردودا ناجحا بشهادة الكل في الدوحة، لكن بعد إتصال مسؤولي إتحاد طنجة بي تحمست لفكرة الرجوع إلى البطولة الإحترافية من بوابة فارس البوغاز، أولا لإعجابي الكبير بمشروع الفريق وثانيا لأنني كنت أحترم وأتشوق للعمل مع المدرب بن شيخة الذي أعتبره من أجود المدربين وأكثرهم إحترافية وثقافة، ولإيماني أنني معه سأتعلم أشياء جديدة وسأتطور ولن أرجع للوراء، لم أتردد ووقعت عقدا من موسمين مع الإتحاد لأقدم له الإضافة وأخدمه بكل تفان وروح وقتالية.
- المنتخب: ألا توجد أسباب أخرى حفزتك للعودة للعب في الوطن؟
بنلمعلم: طنجة مدينة كبرى وبها جمهور عريض مجنون بحب الكرة، من لا يريد أن يلعب في ملعب رائع وأمام أنصار كُثر يتنقلون في كل مدينة وحتى خارج أرض الوطن، هذه التحفيزات دفعتني لقبول العرض والإلتحاق بالفريق، إلى جانب رغبتي في التقرب من أنظار الجمهور المغربي وعرين الأسود الذي أطمح للرجوع إليه.
- المنتخب: هل تؤمن بقدرتك على الرجوع إلى الفريق الوطني الذي أصبح بعيد المنال عن اللاعبين المحليين؟
بنلمعلم: أنا من نوعية اللاعبين الذين لا يستسلمون ولا يرفعون الراية البيضاء بسهولة، والحديث عن صعوبة رؤية لاعبي محليين بالفريق الوطني الأول أريد رفقة لاعبين آخرين أن نكذبه، صحيح عرين الأسود صار يضم المحترفين بنسبة مائوية لكن نحن من يجب أن نفرض أنفسنا على الناخب الوطني ليقوم باستدعائنا، يكفي أن يكون لدينا حلم وهدف وأن نعمل من أجل بلوغه والأكيد أن بالتوفيق والصبر والإجتهاد لا شيء بعيد المنال، شخصيا أتدرب صباح مساء وأحاول تقديم كل ما لدي لأنال المكافأة الكبرى وهي حمل قميص الأسود الذين يوجدون على السكة الصحيحة، بعدما أنهوا عقدة سنوات وتصالحوا مع الواجهة القارية في كأس أمم إفريقيا الأخيرة بالغابون.»
- المنتخب: في سن 29 ترى نفسك أسدا ولو في كرسي الإحتياط؟
بنلمعلم: المتتبع للشأن الكروي الوطني ومن يشرفون على المنتخبات الوطنية هم من يملكون الصلاحية للتقييم والإجابة، سأكون كاذبا إن قلت لك أنني لا أستحق التواجد مع الأسود ولو في كرسي الإحتياط كما قلت، لكن سأصبر وأسواصل الإشتغال والعمل وتقديم البرهان لأصل إلى الهدف المنشود إن شاء الله.
- المنتخب: إلى جانب دورك الدفاعي شاهدناك هذا الموسم في ثوب الهداف في عدة مباريات، خصوصا حينما تنوب عن الجميع وتنقذ الفريق بأهدافك الحاسمة في الأوقات القاتلة على طريقة سيرجيو راموس مع ريال مدريد..
بنلمعلم: أهدافي الحاسمة وأغلبها المسجل في الدقائق الأخيرة ثمرة مجهود جماعي، حينما أجد الفرص أصعد لمساندة الهجوم وأناور لهز الشباك، الحمد لله توفقت عدة مرات في أكثر من مباراة وهذا توفيق من عند الله عز وجل، وأتمنى أن أواصل مساندة فريقي سواء بثوب المدافع أو الهداف.
- المنتخب: ما هي طموحاتكم في أول مشاركة خارجية لإتحاد طنجة؟
بنلمعلم: من حسن حظ الفريق أن عدة لاعبين لهم مناعة إفريقية كون العديد منهم سبق وأن لعب في إفريقيا الكثير من المباريات مع مختلف الأندية والمنتخبات الوطنية، وبالتالي نعرف الصعوبات والعراقيل ولا نشتكي ولا نأبه سواء التنقل أو السكن أو الملعب...بإفريقيا المباريات تُربح ولا تُلعب والظروف والأجواء يجب التأقلم معها بسرعة، عندما بدأنا المشوار الإفريقي توقعنا كل شيء وخططنا لتجاوز الادوار الأولى بالإعتماد على تجاربنا وخبرة المدرب، والتركيز والإنضباط خصوصا في ميدان الخصم، سنلعب ضد كالوم الغيني بكل ثقة وحزم وجدية، لأننا نسعى لتخطي هذا الدور والتأهل لدور المجموعات، فالجماهير وإدارة الفريق تنتظر هذا الإنجاز الذي سيكون حلوا وفريدا وتاريخيا في أول مشاركة خارجية لإتحاد طنجة.