خيط أبيض لخلاف أخضر
الجمعة 03 مارس 2017 - 15:42كيف نضع نقطة الخاتمة لمأساة الرجاء البيضاوي؟ ومتى نسدل الستارة على ملهاة مضحكة ومبكية في نفس الآن؟
وكيف نقطع دابر كل الذين ما أتوا للبيت الأخضر وما دخلوه إلا ليزيدوا ناره إشتعالا؟
بالقطع لسنا من الذين يتاجرون في دموع الناس وفي أزمات الأندية، وأبدا لم نكن برغم ما نصر عليه من حياد إيجابي سلبيين في التعاطي مع أزمات كرة القدم الوطنية، لذلك سعت «المنتخب» وسط كومات التهم ولهب التراشق بالفضائح والرقص على جثت أصحابها وهم للأسف أحياء يرزقون والنسف البديء لكثير من القيم الفاضلة، إلى أن تبحث عن الذي يصالح الرجاء مع مرجعيتها التاريخية وعن الذي يرفع عنها الضيم ويبدد غيوم الخلاف التي أمطرت وابلا من الشك والخوف، واهتدت «المنتخب» إلى ما تكشف عنه في هذه الصفحة بالذات، عندما عقدت لقاء بين الجينرال امحمد فاخر المدرب الحالي للخضر والإطار الرائع جمال فتحي الذي أسندت له قبل أسابيع رئاسة جمعية قدماء الرجاء وقطع عهدا على نفسه بأن تكون لأساطير الرجاء كلمة تفصل بين الغث والسمين وتحول دون أن يتحول الرجاء إلى مستنقع يصطاد فيه الشامتون.
قد يكون خيطا أبيض وقد تكون معاهدة صلح ولو أنه لا توجد ذرة خلاف واحدة بين فاخر وجمال، إلا أن الحقيقة هي أن ذاك اللقاء كان صحوة ضمير وانتفاضة قيم وصرخة خضراء، تنطلق من أضلع من يسكنهم حب الرجاء، لا حاجة للمزايدة أو تلميع الصورة.
بنهاية اللقاء أخذ فتحي جمال على نفسه عهدا بأن ينظف الفضاء الأخضر مما علق به من عناكب، وأن يلتحم جميع الرجاويين خلف نسورهم للتحليق إلى حدائق اللقب وليس لخرائب الأزمات، وإلتزم الجينرال بأن يحجم عن الكلام ويكبت كل المشاعر مهما كانت مؤلمة ويركز على رحلة الحلم والأمل، فقد قال أن برنامج «لماتش» على قناة «ميدي1 تي في» وحواره الحصري مع «المنتخب» كانا آخر الكلام فيما يختص بأزمة الرجاء، بالطبع فهو لا يفعل ذلك تنازلا عن حق أدبي في الدفاع عن النفس وتبرئة ساحته مما غزاها من تهم، ولكنه يقرض الرجاء قرضا معنويا من أجل أن تعبر فضاء الأزمة لتحلق إلى ما هو مقيض لها بحسب ما تحققه حاليا من نتائج، وأظن أن هذه ما كانت إلا مساهمة بسيطة من مؤسسة «المنتخب» التي إن تعاطت مع أزمات الأندية وكرة القدم الوطنية بشكل عام، فإنها تحاول أن تكون طرفا في صناعة الحلول والبدائل، إحتراما لمرجعيتها وتراكماتها وخطها التحريري.
ومن دون شك فإن سعيد حسبان بعد الذي سمعه من فاخر وما قرأه متداعيا على لسانه، لن يلازم طويلا جحره، بل إنه سيخرج بهدف تصحيح الصورة، وهنا أتمنى عليه لو يستحضر مصلحة الرجاء التي تسمو فوق كل المصالح الذاتية، ليكون إيجابيا وحكيما في الرد، الحكمة التي يفترض أن تتوفر لرجل يقود الرجاء العالمي والحكمة التي يجب أن تغلب على التنطع وعلى أي محاولة لتلميع الصورة.
من حق سعيد حسبان أن يخرج للإعلام، لا ليبرئ الساحة ولا ليصب النار على الزيت، ولكن ليسدل بنفسه الستارة على أزمة أفتعلت وتاجر البعض فيها بشكل بديء، إن الظرفية الحالية تحتاج من حسبان حتى لو قرر ترك الرجاء بعد يوم واحد وليس بعد ثلاثة أشهر، إلى إظهار قيمة الإنتماء لفريق الرجاء بتاريخه ورجالاته، ولا قيمة ترجى من هذا الإنتماء إذا لم يكن فاصلا بين تبرئة النفس وبين مراعاة مصلحة الرجاء.
....................................................
من حق شباب قصبة تادلة أن تقيل مدربها هشام الإدريسي من طرف واحد، ما دام أن هناك عقدا يحفظ له حق الإنفصال عن مدربه ويعطي للمدرب المقال ما هو حق بقوة القانون، وما دام أن سلطة النتائج لا تتنازعها أي سلطة أخرى في بناء العلاقة الرياضية والقانونية، إلا أنني حزين ومحبط للصيغة التي إرتضاها رئيس شباب قصبة تادلة للتبليغ عن هذا الإنفصال، وأتساءل إن كانت هناك بالفعل مواثيق أخلاقية يجب التقيد بها عند تدبير أي إنفصال بين النوادي ومدربيها.
هشام الإدريسي بلغ بصك الإقالة بمحضر حمله إليه عون قضائي، ولست أدري ما الجدوى القانونية من تبليغ المعني بالأمر بالإنفصال عنه عن طريق عون قضائي، مع أن العرف هو أن ينتدب الرئيس أحدا من أعضاء المكتب المسير ليبلغ المدرب بقرار الإقالة الذي هو قرار سيادي بطبيعة الحال.
والمؤكد أن المكتب المسير لشباب قصبة تادلة إختار هذا المسلك لخطورة ما حمله قرار الإقالة في ثناياه، فهشام الإدريسي ليس متهما بإغراق شباب قصبة تادلة في الهزائم، ولكنه متهم بالإساءة للفريق ولمدينة تادلة ومتهم بتحريض اللاعبين على حمل شارات الإحتجاج، ومتهم ثالثا بإطلاق تصريحات غير مسؤولة في تناقض صارخ بحسب القرار المصاغ من قبل المكتب المسير مع مواد القانون الداخلي.
كل هذه التهم، المدرب هشام الإدريسي كفيل بالرد عليها دفاعا عن رصيده الرياضي وعن صفة المؤطر التي يحملها، إلا أن ما يجب أن يستنفر لجنة القيم داخل الجامعة وحتى العصبة الإحترافية هو هذه البدع التي أصبحت الأندية والفاعلون الرياضيون يلجأون إليها لتبرير موقف وحالات ضدا عن الأخلاقيات، وكأننا أمام مشهد تتطاحن فيه الوحوش وليس فضاء رياضيا تتبارى فيه القيم ويتنافس فيه المبدعون.