لا شيء نتحسر عليه
الإثنين 30 يناير 2017 - 11:30نتحسر على أن هذا المنتخب الذي اكتسب شخصية ونال هوية وحظي بالثقة والإعجاب في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالغابون لا يذهب إلى أبعد من دور ربع النهاية، قطعا الحسرة موجودة وما يزيدها تغلغلا في الذات كون أن الفريق الوطني المغربي كما كان الحال أمام فهود الكونغو الديمقراطية، فقد خسر الفريق الوطني نزالا كان هو الافضل فيه تكتيكيا بخاصة عندما كان لزاما أن يبرز المخزون البدني لتديبر جولة ثانية صاعقة.
فعل الفريق الوطني كل شيء في هذا الشوط بالذات، تسيد وسط الملعب، أجاد الإختراق من الجهة اليمنى بواسطة الشجاع نبيل درار وخلق الكثير من المثلثات على مستوى وسط الميدان ومرت كرات عرضية كالإعصار علي دفاع مصر الواقف مثل النخل الذي يأبى السقوط أمام الرياح، وبينما كانت الفرص تتوالى والأهداف تنفلت من قبضة اليد كنا نتوجس من لدغة مصرية، وهو ما كان والمباراة تلفظ أنفاسها الاخيرة، إذ سيتمكن الفراعنة من النجاح مرة واحدة في ما أخفقنا فيه نحن لمرات، وتمكنوا من توقيع هدف الفوز والتأهل بحرفنة يحتاج لاعبونا إلى مزيد من النزالات الإفريقية لاكتسابها.
مع الحسرة على أن هذا الفريق الوطني لم يذهب لأبعد مدى في بطولة كان متاحا فيها كتابة ملحمة كروية جديدة، يكون ضروريا بعد التخلص من شحنات الحزن وتيارات هواء الغضب أن نتعامل بموضوعية كاملة مع حصاد الفريق الوطني في مشاركته 16 في نهائيات كأس إفريقيا للأمم.
تقتضي هذه الواقعية أن نقول بأن الفريق الوطني أرسل من سماء الغابون إشارات على ميلاد جديد، على بداية نحت شخصية جديدة تستطيع أن تطابق هذا الفريق مع ملكاته الفردية الرائعة ومع الروح الجماعية التي أبرزها في نزالاته الأربعة والتي نجزم على أنها كانت سببا لنا في سقطات ماضية، وجب إذا أن نكون واقعيين في التعامل مع المحصلات، ولا ننظر إلى النصف الفارغ من الكأس، وأن نذهب رأسا إلى البشارات الجميلة التي لاحت في سماء الغابون، فهذا المنتخب أصبحت له نواة وأصبحت له شخصية وتعلم الشيء الكثير من درسه الإفريقي، لذلك يجب أن نتوجه بعيدا عن كل المزايدات إلى الإستثمار في هذا الذي أنجزه الفريق الوطني ليتمكن من مواصلة العمل من أجل ربح الرهانات القارية القادمة وفي طليعتها طبعا رهان كأس العالم 2018 ورهان كأس افريقيا 2019.
ليس هناك شيء ضاع يمكن أن نبكي عليه، صحيح أننا كنا نتمنى لو سافر أسود الأطلس بعيدا في ذاكرة هذه البطولة، إلا أن المحصلة الرقمية والتقنية والرياضية تؤشر على أننا وضعنا القطار أخيرا فوق السكة الصحيحة، لنواصل الثقة بهذا الفريق الوطني بكل مكوناته، فما زالت هناك أشياء جميلة يمكن أن نعيشها معه في المستقبل.
لا أملك وسط كومات الحزن إلا أن أقبل كل لاعبي الفريق الوطني على بطوليتهم وعلى استماتتهم في الدفاع عن الألوان الوطنية وعلى أنهم أرسلوا أخيرا في سمائنا بارقات أمل وبشارات سعد.