لا مساومة ولا تراجع
الأربعاء 14 دجنبر 2016 - 16:12 يجب أن نغالط أنفسنا كثيرا، فما ساءت أحوال كرة القدم المغربية، وما تأخرت المنتخبات الوطنية ومعها الأندية في التواجد فعليا في قمة الهرم الكروي الإفريقي للتطابق مع ما بات يفصلنا عن كثير من دول القارة التي تتفوق بنتائجها علينا، من مسافات على مستوى البنيات التحتية الرياضية والإنفاق المالي، إلا لأننا برغم دخولنا الزمن الإحترافي ما زلنا نفتقد لغاية الأسف للنخب المسيرة المؤهلة التأهيل العلمي والرياضي لإدارة كرة القدم من المستوى العالي.
كل ما نرصده في مشهدنا الكروي الحالي من مواجع ومن صدامات ومن مقاومة لكل أشكال التغيير التي بات يفرضها المبنى الإحترافي، يؤكد كم باتت كرة القدم الوطنية، أنديتها على وجه الخصوص، تفتقد للقامات المسيرة المتسلحة بالكفاءة والشغف وبالمعرفة الدقيقة بخبايا كرة القدم الحديثة، لذلك وجب النظر لكل الإجراءات التنظيمية التي تقدم عليها الجامعة تنزيلا لكل ما هو منصوص عليه في النظام الأساسي للجامعة وفي قانون التربية البدنية والرياضة 30-09، على أنها خطوات شجاعة من أجل رسم بروفايل جديد لمن يفترض فيهم تسيير الأندية الوطنية.
إن الإختراق القانوني الذي تقوم به الجامعة اليوم لإعادة الأندية لجادة الصواب، ووضعها في سكة الإحتراف، هو إعلان صريح عن التعريف الذي يجب أن نعطيه لمن يجب أن توكل له مهمة إدارة الأندية، وهو تعريف يتعارض في كل شيء مع التعريف الذي ساد لسنوات وأفرز في نهاية الأمر شريحة ضعيفة من المسيرين لا يتطابقون تماما مع الحاجات الفكرية والإقتصادية والرياضية التي يستلزمها المشروع الإحترافي.
وعندما نقف في مشهدنا الكروي، مجزوعين أمام حالات إفلاس معلن وأمام مديونيات مالية خطيرة وأمام أجواء من الإحتقان في كثير من الأندية التي تتبارى في إطار ما نسميه بالبطولة الإحترافية، عندما نقف على عشرات الإختلالات المالية والتنظيمية وحتى القانونية، ندرك أنه من عاشر المستحيلات أن تنهض كرة القدم الوطنية بالأدوار المناطة بها، وأن تتطابق منتخباتنا وأنديتنا مع ما نتفوق ماديا ولوجيستيكيا به على دول إفريقية كثيرة، ما لم تكن على رأس الأندية التي هي قاعدة الهرم كفاءات تسييرية تحول الأندية إلى مؤسسات رياضية قوية بهياكلها وتنظيماتها ومشاريعها التسويقية المبتكرة التي نحقق التوازنات الإقتصادية المطلوبة ولما لا تكون هادفة للربح بكل تجلياته، وطبعا سيكون الدخول الفعلي في منظومة الشركات الرياضية التي يفرضها المشرع فرض عين في الترسانة القانونية للرياضية الوطنية، والذي أعلنته الجامعة من خلال إصدار النظام النموذجي للشركة الرياضية وللإتفاقيات المبرمة بين الشركة والنادي، سيكون ممهدا لظهور جيل جديد من المسيرين يختلف في التكوين والطبيعة عن الجيل الحالي الذي قد يكون ذهب ضحية تأخرنا في دخول الزمن الإحترافي، وقد يكون أيضا إرثا طبيعيا للمزايدات التي توضع فيها الأندية من قبل السياسيين والمنتفعين.
وبرغم ما يبديه البعض من إعتراض على توقيت هذه الإجراءات التنظيمية بمدلولها الثوري، وهي التي تعاقبت على المشهد الكروي الوطني مع نهاية الثلث الأول من الموسم الكروي، بينما كان الصحيح أن تشرع هذه الأجراءات مع بداية الموسم الكروي، إلا أنه لا بد من القول أن مصلحة كرة القدم الوطنية وحاجتها الماسة إلى إسدال الستار على فصل سخيف ومأساوي لم يورث غير دموع الأسى والندم، تقتضي أن نقف جميعا إلى جانب هذه الإجراءات، وأن تعمل الجامعة بلا هوادة على تسريع وثيرتها من دون النيل من أي منها، فما بات مسموحا لنا أن نستمر في إذلال الأندية وفي قطع شرايينها وفي عرض بعضها بشكل سمج على المزاد في غياب أي رادع أو وازع رياضي وأخلاقي.
إنه عين الإصلاح، فلا مساومة ولا تراجع..