الملف الساخن: ميركاطو الأسود بكثير من الفقاعات وبقليل من الإختيارات
الخميس 14 يوليوز 2016 - 10:44بطولات الخليج تهدد أسودا بالخروج من العرين
كعادة كل ميركاطو لا حديث في الأوساط الكروية غير كواليس الإنتقالات وعن صفقات هنا وهناك، وبين قلة الحقيقة وندرة الشائعات يسبح اللاعبون ومفكراتهم كل يوم لتجول وتصول البقاع الأوروبية والعالمية، دون أن تلامس أرضية الواقع أو تنتهي عند سدرة التوقيع.
الفقاعات منتشرة والإختيارات معدودة ومحصورة، وكوطة الأسود في تراقص ومد وجزر في سوق الإنتقالات، حيث المضاربات والمرواغات والحسابات والمصالح المتبادلة.
قيمة الأسود في السوق
رغم أن اللاعبين المغاربة يحظون بسمعة حسنة في أوروبا ويُشهد لهم بالكفاءة، إلا أنه عند ساعة الحسم يتراجعون للوراء وينسحبون من السباق لفائدة نظراهم من أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، حيث الموهبة لا تقل شأنا لكنها تقل ثمنا.
كوطة الأسود في سوق الإنتقالات مرتفعة بالمقارنة مع لاعبين مغاربيين وآخرين أفارقة جنوب الصحراء، وهو ما يجعل الطلب عليهم غير كثير، إذ تنهج غالبية الأندية سياسية الإقتصاد وتتقدم في جل الأحيان بطلبات إستعارة إن كان المبلغ المحدد للاعب يتجاوز 10 ملايين أورو.
فبإستثناء بعض ركائز الفريق الوطني ونذكر خاصة بنعطية وبوصوفة والعرابي وأمرابط والذين إنتقلوا خلال السنوات الأخيرة بمبالغ محترمة قاربت ما يُصرف على جلب صفقات عالمية، فإن البقية ظل يذهب من هنا إلى هناك في إعارات متجددة أو بقيمة مالية تتراوح ما بين بضع مئات آلاف من الأورو و3 ملايين.
نجوم تحت وقع الصدمة
بات عرين الأسود في الآونة الأخيرة يعج بالأسماء الرنانة والتي لها قيمتها ووزنها في الساحة الأوروبية، بل ومن هذه الأسماء من يحلق في العلياء ويتبوأ الصدارة في البطولات التي يمارس فيها.
ويأتي سفيان بوفال أفضل لاعب إفريقي وأحد جواهر الليغ1 إضافة إلى حكيم زياش أحسن لاعب في الإيرديفيزي في مقدمة نجوم الفريق الوطني، حيث يُنظر إليهما كدجاجتين تبيضان ذهبا واستثمارين عظيمين للمستقبل.
فبينما توقع اللاعبان ومعهما الجميع إنتقالا سريعا وقياسيا خلال الأيام الأولى للميركاتو الصيفي، فإذا بناديهما تفينتي وليل يعلنان أنهما لم يتوصلا بأي عرض رسمي، وأن ما يُكتب مجرد شائعات ولا أحد تقدم للمفاوضات، لتكون الصدمة الكبرى والمفاجأة المدوية كيف لأفضل لاعبين في فرنسا وهولندا لم يجذبا لحد الساعة العيون الجادة، وبقيا في حالتي جمود ويأس وانتظار عرض يأتي أو قد لا يأتي.
مفاوضات معقدة ومتقطعة
تسلك الصفقات عادة مسلكا طبيعيا ينطلق بالإهتمامات المبكرة ثم المراقبة والمواكبة التي قد تستمر لشهور، فبدء الإتصالات بالأندية ووكلاء الأعمال ومكاتب الإستشارات، ثم التقدم بعرض أول فثانٍ ثم ثالث، خاصة إذا دخلت أطراف أخرى على الخط وتحول المفاوضات إلى مزاد ومضاربات.
هذه الأخيرة تؤثر كثيرا على سير الحوار وتكبح جماح الأندية المهتمة جديا باللاعب بعدما تكون قد راقبته وخططت لإنتذابه قبل أن تمتد إليه أيادي الآخرين، لكن وفور إختراق فرق ووكلاء آخرين لساحة التفاوض تحدث الزوبعة والفوضى، وتؤثر على هدوء النقاش لتنتهي بخروج أطراف من السباق وطلب أطراف أخرى لمهلة للتفكير، فيفر الجميع في الأخير ويكون اللاعب الخاسر الأكبر.
فعالم الميركاطو عجيب وغريب وتتحكم فيه العديد من المعطيات والمصالح والسوق السوداء، والتعقيد عنوان ملفات كان يُعتقد أنها سهلة ولن تأخذ وقتا للحسم، لكنها إنتهت بإحباط وصراع وإنتقالات إلى وجهات غير تلك التي تم التفاوض بشأنها.
إكتظاظ في قاعة الإنتظار
نظرا لأن الميركاتو الصيفي أطول بكثير من الشتوي فإن الصفقات لا تتم بسرعة ويبقى اللاعب والنادي في قاعة الإنتظار لزمن طويل، الشيء الذي يؤكد فراغ الحركية والنشاط في شهر يونيو وتحركها الكبير والتدريجي بدءا من منتصف يوليوز.
الميركاطو الحالي يشبه سابقين ولا إختلاف بين هذه السنة وسابقتها غير إختلاف الأسماء، فالمحترفون المغاربة من اللاعبين الذين يأخذون وقتا كبيرا لدراسة المستقبل وعدم إستعجال القرار، منهم من يبقى ينتظر لأسابيع لعل أحد العروض المغرية تظهر فجأة في آخر أمتار السباق، ومنهم من يُجبر على الجلوس في قاعة الإنتظار حتى يمل ويضطر لأنه متطلب ماديا أو متعنت فكريا أو محدود كرويا، أو لأن ناديه عنيد أو وكيل أعماله كسول وفاقد للحيلة والمكر وتوابل التفاوض.
كثرة هم الأسود الذين يتواجدون حاليا في قاعة الإنتظار وتمخض القرار وينتظرون الخلاص بفارغ الصبر، والمثير للدهشة أن الأسماء المعنية تشكل أعمدة الفريق الوطني، وهنا الحديث عن بنعطية، زياش، بوفال، لزعر، المحمدي، بونو، الكوثري، فضال، سايس، شباك، بوصوفة، كارسيلا، القادوري، فجر وبوطيب...
بين حب المال والمشروع الكروي
يعيب البعض على اللاعبين المغاربة والأفارقة عموما غياب الثقافة الكروية وهشاشة الشخصية والركض وراء المصالح الذاتية والشخصية، وإغفال أساس اللعبة وعمادها وهو التباري والمتعة والسعي نحو الفوز بالألقاب وحصد المجد والبصم على مسيرة إحترافية مثلى تدخل التاريخ وتبقى عالقة بالذاكرة إلى الأبد.
غياب التوجيه وضعف المناعة والتهور من الأسباب التي أقبرت العديد من المواهب المغربية في السنوات الأخيرة، ودفعتها لوضع الرأس فوق مقصلة المشنقة الكروية بمغادرة أوروبا في عمر الزهور نحو الخليج أو أندية روسية وأخرى ثرية لا تملك وزنا ولا تعطي شهرة، لكنها تؤمن المستقبل وتمنح الراحة والنعيم بعيدا
عن ضغوطات الجحيم.
هنا من يملك قناعات ومبادئ بالإستمرار في أوروبا وفق مشاريع كروية على المقاس ولو بالقليل وهناك من يعاكسه في الأمر ولا يكثرت لشيء إسمه الدولية أو المسيرة الإحترافية، وبين حب المال وحب المجد تيار يجذب البعض نحو الأعلى ويغرق الآخر في الأسفل.
الخليج وتركيا منفذا الإغاثة
غزا الخليج في السنوات الأخيرة الأسود حيث توافدوا بقوة على البطولتين الإماراتية والقطرية، حيث الإغراءات المالية الخرافية، وقطعوا السير في نصف الطريق وقبل بلوغ الثلاثين ليحزموا الحقائب ويقلعوا صوب الدوحة ودبي لتأمين المستقبل المبكر بعد الفشل أو الإشباع المبكر من ملاعب القارة العجوز.
قبل أيام رحل أسامة السعيدي وعادل هرماش، عبد الرزاق حمد الله، منير الحمداوي، عصام العدوة، عبد العزيز برادة، كريم الأحمدي، الحسين خرجة، كمال شافني، يوسف حجي وإدريس فتوحي ؤلى الخليج العربي الذي أصبح منَافسا بقوة في السنتين الأخيرتين من البطولة التركية التي أفلحت أنديتها بسيولتها المادية الكبيرة في إقناع العديد من المحترفين ومعهم نجوم عالميون بدخول قلعة بلاد الأناضول، وقد عاينا كيف إستنجد شحشوح وأمرابط والكبير وداكوسطا وتيغادويني وبصير بالمصباح التركي المنير، وفي الطريق أسماء تسير، قد يقودها زياش وبلهندة وتاعرابت بدءا من الموسم المقبل.