هل الرجاء في القلب؟
الخميس 30 يونيو 2016 - 14:32هل كان هناك بالفعل ما يبيح للرجاء أن تغادر مباراتها أمام الدفاع الجديدي قبل إنتهاء وقتها الأصلي بالذرائع التي نعرف والحجج المردود على كثير منها؟
وهل كان من حق الرجاء العالمي والمرجعي بكل تاريخه وموروثه أن يصمم جمعا بتلك الصورة المبتذلة التي خرج بها الجمع الإستثنائي بعجزه المالي الذي (يحش الركابي) ويصيب بالذهول والصدمة؟
وهل كان الرجاء يستحق كل تلك السيناريوهات الركيكية التي تم بها إخراج الفصل الأخير من ولاية بودريقة؟
وكأني بالرجاء أرادت أن تعكر علينا صفو وبهاء وروحانية هذا الشهر الفضيل، بما قذفت به المشهد الكروي الوطني من أزمات تجعلني أستفسر عن المعطيات المالية والمحاسباتية التي عليها إستندت لجان التقويم والإفتحاص داخل الجامعة لتقول لنا أن الرجاء أكبر ناد مؤهل مع الفتح لدخول عهد الشركات الرياضية التي يلزم بها قانون التربية والبدنية 30-09 الأندية الرياضية التي تتحقق فيها شروط المرور للهيئة الإحترافية.
لم أجد ما يبرر فعلة الرجاء بالإنسحاب من مباراة الدفاع الجديدي دقائق قبل إنقضائها، مهما كانت فداحة الخطأ المرتكب من قبل الحكم تقنيا كان أم تقديريا هذا الخطأ، سوى أن الحالة الإنفعالية التي أفقدت السيطرة على الشعور بظلم وقع، هي من تداعيات الإحتقان الذي عاشته كل مكونات الرجاء في الأيام الأخيرة من ولاية بودريقة، منذ أن ركب رأسه فوقف على ناصية الإعلام متهما ومشككا ليضع نفسه في قفص المساءلة، ومنذ أن حكم التطاحن بين الفصائل الرجاوية بأن يصدر قرار الويكلو وما جره من تبعات رياضية ومالية.
لم يكن ليمر يوم على لاعبي ومؤطري الرجاء في الشهرين الأخيرين برغم ما حققه الفريق من عودة رائعة في سباق البطولة، من دون أن يرتفع صوت الإحتجاج والشكوى ومن دون أن تشتعل النار في البيت الأخضر، فيهب بودريقة لإخمادها تارة بالوعيد وأخرى بتقديم تطمينات كثير منها لم يؤخذ بها.
على المحك الرياضي والقانوني هناك سمعة فريق كان إلى وقت قريب قدوة في الإلتزام والتقيد باللوائح ومنهجا في تكريس البعد الوطني والعمق التاريخي، وإذا كان القانون جافا وبلا قلب في مساءلة كل خروج عنه، فإنني أتصور أن تكون اللجنة التأديبية صارمة في إعمال ما ينص عليه الميثاق الأخلاقي للجامعة عند الإخلال بنظام المسابقات، صرامة يستوجبها حجم الرجاء وتمثيليته داخل الأسلاك الجامعية.
وكأن الرجاء لم يكفه ذاك الأحد، أن يعيش هذا الوضع الشاذ الضار بالسمعة والمناقض للطبع وهو يقرر بتوجيه من رئيسه أو من ينوب عنه في قوة القرار، الإنسحاب من الملعب كصيغة للإحتجاج المرفوض والمردود عليه، فأتحفنا بجمع عام سيظل بحقائقه الموجعة وبسيناريوهاته المستبلدة للجماهير الرجاوية نقطة سوداء في تاريخ الرجاء ولحظة لا يمكن أن تغيب أبدا عن الأذهان.
كشف بودريقة في يوم تفعيل الإستقالة، عن تقرير مالي هو وصمة عار في جبين كرة القدم الوطنية وهو أيضا حالة خاصة جدا يجب أن تكون منطلقا لتغيير المنظور وإحكام الرقابة لتنزيل ما بات يعرف باللعب المالي النظيف.
لو كنا نتحدث عن شركة رياضية بلغت هذا المستوى من العجز المالي، لكنا إختصرنا الأمر على أنها حالة إفلاس معلن، ولكن ونحن نتحدث عن جمعية رياضية محصنة بنظم واضحة ومعروفة للجميع، فإن الحديث عن ديون عينية تصل إلى 3 مليارات من السنتيمات وإلى إلتزامات موثقة بعقود تصل إلى 6 مليارات، فنحن نتحدث عن تعد صريح لما يبيحه المشرع للجمعيات الرياضية.
وفوق أن هناك تشكيكا من طرف فئة من المنخرطين داخل الرجاء لا تجيز حصول بودريقة على إبراء الذمة بالطريقة الفولكلورية التي تم بها، ما يقود رأسا إلى طلب الإفتحاص، فإن ما يخيف في الأمر هو الأرقام التي جرى تقديمها على أنها أرقام عجز عيني ومنظور، كيف يمكن محاصرة هذا العجز؟ وكيف يمكن إطلاق اليد المالية المغلولة والمقيدة للرجاء؟ وماذا سيكون موقف الجامعة الحريصة على تهذيب ماليات الأندية، حتى لا تفتك فيها المصاريف بالعائدات؟
كنت كثيرا ما أسمع من بودريقة يوم كان يسمع بإشاعة الهروب المضمر، ما معناه: «لست من أولئك الذين يقفزون من مركب يتهدده الغرق»، ليست لي قدرة على تسمية هذا الذي فعله بودريقة اليوم، فأن يقرر بودريقة أخذ وقت للراحة بعد أربع سنوات مضغوطة عاشها على أعصابه، مبديا الولاء الكامل لطريقته في التدبير وفي معاملة الناس، فلا اعتراض على ذلك، ولكن أن يترك الرجاء بدين رهيب وبعجز مرعب من دون أن يدل من سيأتي بعده عن مشروع رؤية أو إستراتيجية لمواجهة هذا التصدع المالي المدمر للقدرات، فهو ما لم أقبله إطلاقا.
رجاء كفوا عن ترديد أن الرجاء مكانها في القلب، فليس هناك قلب يسمح بمثل هذه الأشياء.