أي حياد تريدون؟
الأربعاء 11 ماي 2016 - 18:50كل الذي قدر عليه بعض منخرطي الرجاء الذين تجاوبوا مع الحاجة للإلتفاف وراء بودريقة في ما يمكن وصفه بالمحنة، واجتمعوا تحت السقيفة الخضراء بإيعاز من الحاجة لإبداء موقف إزاء كل هذا الذي تداعى بعد القنابل العنقودية التي أطلقها بودريقة، هو أن يلوموا الإعلام الوطني اللوم الشديد، على أنه لم يلتزم بالحياد الكامل في التعاطي مع ما بات يعرف بأزمة الرجاء مع الجامعة ومع العصبة الإحترافية.
ويصعب علي شخصيا أن أحدد زاوية لهذا الحياد الذي يريده بعض منخرطي الرجاء وليس كلهم، بالنظر إلى أن الذين عارضوا الخرجة الإعلامية لبودريقة تحفظوا في حضور إجتماع الحماية، فقد كان الإعلام الوطني وحتى العربي أمام قنابل عنقودية أطلقها بودريقة في كل الإتجاهات، منها ما وجه لمؤسسة الجامعة ومنها ما وجه للعصبة الإحترافية التي يصر بودريقة على أنها هيئة شكلية ما زالت تحت الوصاية الكاملة للجامعة، ومنها ما إستقر في صدر رئيس الوداد سعيد الناصري.
أي حياد يفترض أن يتسلح به الإعلام وهو يسير وسط غبار كثيف تطاير لشدة وهول قصف بودريقة، وليس له من شيء يسأله سوى التحري عن الحقيقة المبطنة قبل المعلنة، واستبطان النوايا والوقوف عند التهم الصادمة لمعرفة أين تكون الحقيقة؟
أي حياد يمكن أن نسأله في ما بات يوصف بأنها حالة طوارئ فرضتها تصريحات بودريقة، ومع الحاجة لمعرفة صحة التهم هناك حاجة أكبر، هي صيانة المشروع الكروي وحفظ الصرح من التهاوي؟
شخصيا كنت سأبدي كل الإستعداد للدفاع عن أطروحات بودريقة الواحدة بعد الأخرى لو وجدت لها خيطا ناظما، ولو وجدت لها دافعا كافيا للرمي بها جزافا في هذا التوقيت الحرج ولو علمت مثله أن كرة القدم المغربية قبل الرجاء هي المستهدفة، إلا أنني وكل الزملاء الإعلاميين من الذين جهروا بعدم موافقتهم لهذا الذي قام به بودريقة، لم نستسغ أن لا يكون بودريقة قد أوجد مسافة منطقية بين مسؤوليته كرئيس للرجاء بما يستوجبه ذلك من دفاع مستميت عن مصالحه بالإمتثال لأحكام القانون في التشريع الوطني وفي التشريع الدولي أيضا، وبين مسؤوليته كنائب أول لرئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والتي تفرض فيه الكثير من الرجاحة والحكمة عند تدبير الإختلافات وتعقب الإختلالات، فلو فرضنا أن هناك تجاوزات موجودة بالفعل، فما كان يمنعه بقوة منصبه من أن يدفع إلى فتح تحقيقات بشأنها؟
كيف نعتب على الإعلام الوطني طريقة تعاطيه مع ما إتهم به بودريقة الجامعة والعصبة الإحترافية والتحكيم والغريم الوداد والتي هي اليوم موضوع تحقيقات قضائية، وكل الذي دفعه لذلك بشكل جماعي ومن دون حاجة لاجتماع التوافق هو شعوره أن هناك تعديا صارخا على مؤسسة الجامعة التي يشغل فيها بودريقة منصبا رفيعا، وأن هناك موجة هادرة من التهم التي تحتاج إلى أدلة، وإذا كان بودريقة واثقا من لهجة الخطاب ومن حقيقة التهم فما ورد على لسانه لم يصرح بذلك بشكل مباشر.
وعلى قدر تحفظنا على التهمة الجديدة التي ألصقها برلمان الرجاء بالإعلام الوطني، فإننا نحاول فهم الآليات التي إعتمدتها الجامعة للتصدي لتصريحات بودريقة وللبث في استقالته التي لا رجعة فيها من منصبه كنائب للرئيس، فقد كان الكثيرون يعتقدون أن الأحكام ستنزل سريعة وثقيلة على بودريقة من قبل لجنة الأخلاقيات التابعة للجامعة لخطورة ما قاله، إلا أن القول بوجود تسريبات مصدرها إدارة الجامعة والقول بوجود تلاعبات كان يفرض أولا تحريك آلية القضاء لتحقيق مستقل عن الجامعة وهي التي تعتبر طرفا في المنازعة وبعد صدور نتائج التحقيقات القضائية سيواجه بودريقة بالأمر كله لكي يقدم بشأن كل هذا الذي قاله تبريرات، إن إقتنعت بها لجنة الأخلاقيات أخلت سبيله، وإن لم تقتنع بها عرضته لعقوبات ثقيلة.
عموما أنا أعتبر أن مصداقية الجامعة هي الموجودة اليوم على المحك، فلا خيار لها إلا أن تدافع عن صورتها الجديدة والتي تريد من خلالها أن تعامل الجميع على قدم المساواة من دون مفاضلة، ومن خلال ذلك أن تتوصل إلى فرض ضوابط رياضية وأخلاقية يحظر على أي كان المشي عليها، مع تقديرنا الكبير للرجاء الفريق والمؤسسة والتاريخ الذي لا يستطيع أي كان أن يدنسه أو يبهت عليه.