ADVERTISEMENTS

يعلو ولا يعلى عليه

الجمعة 01 أبريل 2016 - 15:11

أقدر جيدا ما كان عليه السيد فوزي لقجع رئيس الجامعة من انقباض ومن توجس ومن أرق وسهاد حتى أن النوم طار عن جفونه لأيام، والفريق الوطني يقدم على مواجهة القروش الزرقاء للرأس الخضر في مباراتين مفصليتين وحاسمتين، فغير أن لنتائج مباريات الفريق الوطني على محيط إشتغال الجامعة تأثيرا وازنا له أحيانا فعل مدمر جراء المخزون العاطفي الكبير الذي يحجزه المغاربة لفريقهم الوطني، كان هناك قرار قد اتخذ قبل أسابيع بجرأة أقرب منها للمقامرة منها لشيء آخر، وكان فوزي لقجع يحتاج لما ينتصر لعبقرية القرار ولحساسيته أيضا، وما ينتصر لجانب الحذاقة والمهارة في القرار المؤلم والصعب هو كسب النقاط الست كاملة من مباراة الرأس الأخضر الذي صادف لقاؤه بأسودنا أنه صعد لصدارة ترتيب المنتخبات الإفريقية عالميا، ويا للهول.
شخصيا قلت أن الفوز المزدوج لأسودنا على القروش الزرقاء ستكون له حسنات كثيرة ولو أننا خلناه أول الأمر في عداد المستحيلات، فمن كان يستطيع أن يتنبأ بهذا الإنقلاب النوعي الذي سيحصل داخل الفريق الوطني، لقد رأيت في الحصول على النقاط الست أمام الرأس الأخضر ما يؤهلنا لنهائيات الغابون قبل جولتين من نهاية التصفيات، ورأيت في تحقيق الفوز ذهابا وإيابا على منتخب يتقدم علينا بخمسين مركزا في ترتيب الفيفا، ويا للهول أيضا، فرصة للفريق الوطني ليعاود الصعود بشكل صاروخي في تصنيف الفيفا وهو من سيحتاج فعلا لهذا التصنيف يوم تسحب قرعة مجموعات الدور الإقصائي الأخير لكأس العالم 2018، ورأيت أن إسقاط القروش الزرقاء سيحرر عناصرنا الوطنية ويفك عنها قيودا نفسية وتكتيكية لم تكن تسمح لها بالإنطلاق إلى حيث تستحق أن تكون، إلا أن السيد فوزي لقجع وكل من يشكلون معه المكتب المديري للجامعة كانوا يرون في الفوز مرتين على الرأس الاخصر إنتصارا لحدسهم وجرأتهم في تغيير ربان الفريق الوطني، بالإنفصال عن الزاكي والإرتباط بهيرفي رونار، أما غير ذلك فقد تكون رقابهم ثمنا للمخاطرة.
البعض لم يفهم أصل الإختلاف الذي أبديته مع فوزي لقجع وهو يقرر سحب المقود التقني للأسود من يدي الزاكي وتسليمه لرونار، فتمادى هذا البعض في إسقاط كثير من النرجسية والشوفينية على الأمر، معتبرا أنني أستميت دفاعا عن الزاكي، مع أنني لا أقايض أبدا في مصلحة الفريق الوطني، فيوم قلت أن الزاكي هو رجل المرحلة كانت لذلك سياقات وملابسات ورهانات لست بحاجة للتأكيد عليها، ويوم واجهت نفسي قبل الآخرين بأن الفريق الوطني بات يعيش حالة مزمنة من الإحتباس التي تتداخل فيها عوامل كثيرة، نفسية وتكتيكية، لم أكن أخون أمانة الدفاع عن الزاكي التي ما وكلني يوما من أجلها، واليوم وقد كذب رونار ولقجع كل ما تخوفنا منه وحولوا كل الجمار إلى ثمار، أقول للأمانة وللنزاهة الفكرية أن رونار ما كان ليؤهلنا بهذه السرعة للكان لولا أنه وجد في خزينة الفريق الوطني ست نقاط حققها قبله الزاكي بالفوز على ليبيا وساوطومي، وما كان بمقدور رونار أن يضع الفريق الوطني في الحالة المعنوية والتكتيكية التي أهلته للإجهاز على القروش الزرقاء، لولا عناصر كان الزاكي هو من جاء بها للفريق الوطني وأسرد منها على سبيل المثال لا الحصر، منير المحمدي ومروان داكوستا وحكيم زياش.
لذلك عندما نهنئ فوزي لقجع على جرأته وشجاعته كصانع للقرارات القوية كما دل عليها الحدس والوقائع، فإننا نعترف بأننا أبدا لم نبالغ في رسم دوائر القلق عندما أخذنا علما بقرار الإنفصال عن الزاكي، وحيال ذلك لم نشكك في أحقية هيرفي رونار بقيادة الفريق الوطني إحتكاما للشوفينية التي تظهر أحيانا في التعاطي مع العارضة التقنية للفريق الوطني.
يذكر السيد فوزي لقجع جلستين من الجلسات الكثيرة التي جمعتني به، وأستمتع بها لدرجة الشغف التي يوجد عليها الرجل كلما تعلق الأمر بكرة القدم، جلسة أولى كانت بدعوة شخصية منه يوم نال ثقة عائلة كرة القدم الوطنية ليقود الجامعة، وكان الغرض منها وضع معايير لاختيار ربان جديد للفريق الوطني في سياقات زمنية كانت وقتذاك محكومة بوجودنا على بعد أشهر من إستضافتنا لكأس إفريقيا للأمم 2015 والتي طيرتها إيبولا نحو غينيا الإستوائية، وقد كنت وقتذاك ميالا ليكون الربان الجديد عارفا بالكرة الإفريقية وملما بكرة القدم الوطنية ومتعمقا في قراءة عرين أسود الأطلس، وبدا بعد ذلك أن هذه المعايير تتطابق مع شخص الزاكي الذي كان لذات الإعتبارات مطلبا جماهيريا.
أما الجلسة الثانية فكنت أنا من ألح عليها، وأذكر أنها أعقبت من باب الصدفة ليس إلا خسارة الفريق الوطني بباطا أمام غينيا الإستوائية، وأذكر أن السيد فوزي لقجع واجهني يومها بسؤال صريح عن واقع الفريق الوطني بعد السنة ونصف السنة التي قضاها الزاكي ناخبا وطنيا، وكنت دقيقا في تقديم الجواب، فقد قلت أن الزاكي أنجز بسرعات متفاوتة عملية البناء القاعدي بكل مستلزماتها النفسية والتقنية، إلا أن مباراة غينيا وما سبقها من مواجهات يشعر بوجود حالة من الإحتباس التكتيكي الذي يقول بأن عملية التطور إما توقفت تماما أو تعرقلت، وليس بوسع أي كان أن يخلي طرف الزاكي من مسؤولية هذا الإحتباس.
هذا الإحتباس الذي حددت له ملامح وأشكالا هو ما كان محفزا على التغيير، وبزواله تمكن الفريق الوطني من أن يفعل بالرأس الأخضر ما لم يفعله بغينيا الإستوائية حتى لو كانت الخلاصة واحدة وهي تحقيق التأهل.
أما الحقيقة الباقية للأبد هي أن الفريق الوطني يعلو ولا يعلى عليه.

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS