تعالوا نحلم بأولمبياد في المغرب
الإثنين 21 مارس 2016 - 11:12جاء حضور السيد طوماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية إلى المغرب في ختام زيارات قادته للدول المغاربية الثلاث، محملا بكثير من الدلالات والإشارات التي يجب التقاطها والتعاطي معها بكثير من النزاهة الفكرية والكثير من نكران الذات، ليس القصد أن نقول بأن ما رآه وسمعه الألماني الذي يعد أول متوج بميدالية ذهبية يصعد لمنصب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، في اليومين اللذين عدد فيهما من اللقاءات المباشرة مع فاعلين حكوميين وقيمين على الشأن الرياضي وأبطال أولمبيين أو مشاريع أبطال أولمبيين، ومن المعاينات على الطبيعة للمكنات المغرب البنيوية، أسس لديه القناعة الكاملة بأن المغرب متقدم بمسافة مقدرة في مجال البنيات التحتية الرياضية، وليس القصد أن نركن إلى خطاب المجاملة ولو أنني موقن أن الألمان مصابون بعدوى الصراحة مهما كانت صادمة، ولكن القصد هو أن أقف معكم عند كثير مما قاله رئيس اللجنة الأولمبية الدولية بمنتهى الصدقية في الندوة الصحفية التي اختتمت زيارة العمل والمودة للمغرب.
فتح طوماس باخ بكثير من الجرأة قوسا ليقول أن من حق إفريقيا ومن حق المغرب تحديدا أن يسعى إلى تنظيم الألعاب الأولمبية الصيفية ذات يوم، متى أمكنه الإستجابة لما ينص عليه دفتر تحملات الحدث الرياضي الأكثر كونية في العالم، وبطريقة ذكية مرر رسالة إلى الأفارقة تقول بأن حلم القارة لا يجب أن يقتصر على المنافسة على الميداليات والصعود للبوديوم الأولمبي، ولكن يجب أن يتعداه إلى حلم تنظيم الألعاب الأولمبية ذات يوم، لما يرمز له ذلك من دلالات ولما يمثله تنظيم حدث بهذه الكونية من خيارات كثيرة لتطوير الدولة المنظمة وكل ما يحيط بها جغرافيا.
وعلى غرار ما طلع به من تصريحات صحفية في أعقاب فضائح الفساد التي ضربت أول الأمر اللجنة الأولمبية الدولية فحكمت عليها بمراجعة نظم الحكامة، ثم هزت صرح الفيفا فقطفت الرؤوس الكبيرة ما أحالها إلى صرح متهاو، فإن طوماس باخ عاد للتأكيد على أن اللجنة الأولمبية الدولية بمساعدة الإتحادات القارية واللجان الوطنية الأولمبية، ما عادت تملك من خيار سوى العمل على تثبيت الشفافية من أجل رياضة نظيفة خالية من كافة المعطلات، التي منها التعاطي للمنشطات وإدمان الفساد الإداري والغش في المسابقات الرياضية.
وقد أخذ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية وعدا من اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية ومن كافة رؤساء الجامعات الرياضية الذين إجتمع معهم، بتفعيل مساطر المراقبة والتفتيش والجزر من أجل التصدى بقوة لخطر التعاطي للمنشطات الذي يذكر جميعنا أنه حرم المغاربة من العديد من كبار العدائين والأبطال الرياضيين.
وعندما يبرز المغرب على غرار كل الدول المحترمة لالتزامها بالمواثيق الأولمبية، إرادته من أجل التصدي الحازم لخطر التعاطي للمنشطات، فإن ذلك يفرض إحداث مقاربة شمولية تشترك فيها اللجنة الوطنية الأولمبية مع الحكومة ومع قطاع الرياضة ومع كافة الجامعات، مقاربة لا تكتفي باستصدار قانون يجرم الفعل، ولكن يتعداه إلى خلق آليات للمراقبة وإلى إبداع أنماط لمحاربة كل أشكال التنشيط غير القانوني للرياضيين والغش في المسابقات الرياضية، وفوق هذا وذاك فإن هناك حاجة ماسة لخلق مختبر طبي مغربي من أجل عرض الرياضيين بكل تخصصاتهم على مراقبات فجائية، فلا خير في رياضة تعيش في وكر المنشطات والفساد.
.....................................................
قضت الظروف التي لا أدري لماذا نتركها تتحكم فينا أكثر مما نتحكم فيها نحن، أن يكون السيد طوماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية في ختام زيارته للمغرب موعودا مع زيارة للمعهد الملكي لتكوين الأطر ومع ندوة صحفية تلخص أبعاد ومضامين وإنتظارات هذه الزيارة، في نفس يوم وساعة إعلان الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن إبرام إتفاقية شراكة مع الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بحضور ضيف المغرب الكبير اللواء جبريل الرجوب رئيس الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم ورئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم السيد فوزي لقجع.
حدث له بدوره دلالات وأبعاد، فهو مختلف في الجوهر وفي الطبيعة وفي المبنى الإنساني قبل الرياضي، عن كل أحداث الشراكة التي أسست لها جامعة كرة القدم في الآونة الأخيرة مع جامعات وإتحادات إفريقية وعربية صديقة.
شخصيا لا أستطيع تسميتها باتفاقية الشراكة، لأن المغرب كان ولا يزال وسيظل ملتزما بكل التعهدات التاريخية والسياسية التي قطعها على نفسه منذ عقود، بأن يظل شريكا للأشقاء الفلسطينيين في كفاحهم المقدس من أجل التحلل بالكامل من نير الإحتلال وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، ولربما كان من الضروري أن ننتبه إلى مرفق لم يجر فيه تفعيل اليد الممدودة التي حملها المغرب شعارا لعلاقته الراسخة مع فلسطين، فكرة القدم الفلسطينية التي أبدعت بفضل عبقرية اللواء جبريل الرجوب من اليوم الذي أصبح فيه رئيسا لاتحادها صورا متفردة لكسر غطرسة الإحتلال الإسرائيلي وبفضلها ربحت فلسطين نقاطا مهمة في صراعها مع إسرائيل، كانت تستحق أن تكون مجالا يقدم فيه المغرب بممكناته وبإمكاناته وبمؤطريه ونجومه كل الدعم الفني واللوجيستيكي للكرة الفلسطينية لتواصل التطور من أجل أن تنجح دورها في معركة تقرير المصير.
هي شراكة نريد أن تكون الكرة الفلسطينية الرابح الأكبر فيها، فما بذله المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك المغفور له الحسن الثاني، وما يبذله إلى اليوم تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من مجهودات لا يكل منها ولا يتعب، من أجل نصرة القضية الفلسطينية في صراعها المرير من أجل كسر الطوق، يجب أن تتبلور رياضيا وتحديدا على مستوى كرة القدم بتمكين أطرها ومنتخباتها وأنديتها من كافة المساعدات التقنية واللوجيستيكية الكفيلة بجعلها أداة تعبر عن إبداعات الشعب المكلوم والموجوع وسلاحا يرفع في وجه غطرسة الإحتلال.