محنة «العائلة» منحة
الثلاثاء 26 دجنبر 2023 - 14:31ليس هناك بيننا من لا يرثي لحال الوداد الرياضي، الذي لم يكفه أن تبخرت خلال هذا العام الذي نحن بصدد توديعه، أحلام كثيرة والألقاب تنسحب من بين يديه، من لقب عصبة الأبطال إلى لقب الدوري الإفريقي، مرورا بلقب البطولة الإحترافية ولقب كأس العرش، فلقب الملك سلمان للأندية العربية الأبطال، لتنزل على رأسه صاعقة القبض على رئيسه سعيد الناصري، وإيداعه السجن بخمس تهم، الواحدة منها أكبر من الثانية.
الرثاء هو لهول هذا الذي يحدث، فمن هو متابع قضائيا الرجل القوي داخل إدارة الوداد الرياضي، الذي كان يقف كالجبل إزاء المديونية الثقيلة التي لا يسلم منها أي فرق من فرق البطولة الإحترافية، وليس لكم الشماتة التي تداعت للأسف على منصات ومواقع التواصل الإجتماعي، وبعضها يستهدف الوداد عائلة ومؤسسة وتاريخا ومرجعية.
ما كان يجب أن نقوله عن سعيد الناصري بمعزل عما هو الآن ملك للقضاء يتابع فيه من يتابع، قلناه وشددنا فيه لهجة الدعاء إلى تغيير نمط الإشتغال وشكل التدبير لتحقيق الحد الأدنى من الحكامة في تسيير فريق يعتبر بحجة الأرقام التي لا تكذب، هو أكثر فريقا حصولا على الألقاب في العقد الأخير.
والحقيقة أنني صدمت في زمن المشي على الجثث والتنكيل بمن هم في عجز عن الدفاع على أنفسهم وغلغلة السكين في لحم المجروحين، أن الوداد الرياضي العائلة، الوداد الرياضي الرمز، الوداد الرياضي الوجه المضيء لكرة القدم المغربية يشهر به بشكل لا يليق بتربيتنا ولا بموروثنا ولا بقيمنا، فليس نحن من يأكل لحم إخوانهم وليس نحن من يحفر القبر لتدس فيها جثث الأحباء، لذلك أدعو إلى بعض من الوطنية في معاملة الوداد في محنته، وبعض من اليقظة في معاملة عضو فاعل داخل عائلة كرة القدم الوطنية، وأثني ثناء خاصا على الفصائل المناصرة للوداد التي لم تغرس رؤوسها في الرمال لحين مرور العاصفة، بل إنها أطلقت الصوت منددة بكل من يريد النيل من تاريخ وسمعة الوداد، وحركت كل القوى من أجل الوقوف في وجه العاصفة حماية للعائلة وصونا للمكاسب ودفاعا عن الهوية والتاريخ.
أبدا لم تكن الوداد هي سعيد الناصري، ولا كانت هي المرحوم بنجلون ولا المرحوم عبد الرزاق مكوار، فهؤلاء وغيرهم عبروا في أزمنة عابرة، كل منهم ترك بصمته وصنع زمنه ثم رحل، وما ظل خالدا هو إسم الوداد الذي لا حق لأحد أن يبخسه أو أن يدنسه بالتوصيفات القدحية، لذلك وجب بوازع وطني الوقوف إلى جانب الوداد، لا التكالب والتجرؤ عليها.
ولعل هذه المحنة هي أكبر اختبار لعائلة الوداد الرياضي وعائلة كرة القدم الوطنية، فإن كان الرجل القوي داخل القلعة الحمراء منذ قرابة عشر سنوات، متابعا في قضايا يختص بها القضاء، قد أحيل على السجن، فإن هناك حاجة إلى أن تتكاثف «العائلة» لكي تتصدى للأعاصير ولغدر الزمان ولسلاطة الألسنة، وتحول المحنة إلى منحة، فيكون هذا الذي حدث سقطة بها يتقوى الوداد ويبدأ بسواعد أبنائه في بناء عهد جديد.