الإعلام الرياضي واستحقاقات 2030

 ليس هناك توقيت لإطلاق أول منتدى وطني للإعلام الرياضي، أفضل من السياقات الحالية المحمولة على كثير من التحديات التي يقبل عليها إعلامنا الرياضي، تحديات ذات طبيعة هيكلية، وأخرى ذات طبيعة تشاركية، وثالث هذه الطبائع إستدامة الإرث الذي من المفترض أن يتركه في مشهدنا الإعلامي الرياضي، تنظيم بلادنا للتظاهرات الرياضية الكبرى، وعلى رأسها تنظيمنا لكأس العالم 2030 بمعية الجارتين الإيبيريتين، إسبانيا والبرتغال.

للإعلام الرياضي الوطني مسؤولية يجب أن ينهض بها، مواكبة للطفرات النوعية التي تشهدها الرياضة الوطنية، ومساهمة في بناء الصرح الجديد ورافعة للنجاحات التي يجب أن تحققها بلادنا وهي تستضيف الأحداث الرياضية الكبرى، وأول شروط هذه المسؤولية، أن نطرح على أنفسنا سؤالا حول أهلية الإعلام الرياضي الوطني، بتركيبته الحالية، وبمقوماته البشرية والمهنية، لتحمل كل هذه الأعباء الثقيلة.

وعند الإجابة التي تفرض كثيرا من الموضوعية، بل ودرجة متقدمة في الجدية، سنكون في واقع الأمر أمام لحظة مفصلية للإعتراف بما يطبع مشهدنا الإعلامي من أعطاب ونقائص واختلالات، وبالحاجة الفعلية إلى وقفة نقدية، لمعالجة الإختلالات وتدارك النقائص والتخلص من الأعطاب، حتى نستشرف لهذا الإعلام الرياضي مستقبلا مختلفا، يكون معها قادرا، بشريا ولوجيستيا ومهنيا على تحمل كل الأعباء والمسؤوليات التي سردتها آنفا.

ومن مفاصل هذا الطرح الموضوعي للسؤال، الذي ينم عن انشغال حقيقي بالحاضر المتوجع لإعلامنا الرياضي، وحاجته لفضاء جديد، طلع مشروع إطلاق المنتدى الوطني الأول للإعلام الرياضي، من رحم استقراء تشاركي للوضع المتأزم، وإلتزام بين عديد الشركاء لإطلاق منصة تساهم في تحديد مقاربات علمية وأكاديمية لمنظومة الإعلام الرياضي، تتوحد فيها الأضلاع والأهداف مهما اختلفت الأجناس.

ولابد هنا من الإشادة بالزميل الأستاد عبد اللطيف بنصفية مدير المعهد العالي للإعلام والإتصال، الذي تفاعل بشكل رائع مع غايتنا جميعا لتغيير واقع الإعلام الرياضي، وتأهيله للمهام الثقيلة التي يلقيها على عاتقه تنظيم بلادنا للأحداث الرياضية الكبرى، وعلى الخصوص استدامة النجاحات التي تحققها الرياضية الوطنية في السنوات الأخيرة، فبعقل وفكر الأكاديمي وضع الأستاذ بنصفية إشكالية الإعلام الرياضي في إطارها العلمي، وفي إطلاق هذا المنتدى الذي يشهد نسخته الأولى المعهد العالي والإتصال بالرباط، قاعدة أولى صلبة لتطارح الإشكالات الكبرى وتشريح واقع الإعلام الرياضي الحالي والترافع بشكل علمي على خصوصياته المغربية التي أنتجها جيل الرواد، لطالما أن الهدف هو تحديث هذا الإعلام الرياضي الوطني، بشكل يرشحه للعب كل أدواره بمهنية عالية، والحفاظ على هويته.

إن غايات هذا المنتدى، هو أن يكون فضاء للمصارحة والمكاشفة أولا، وفرصة للتعاطي ثانيا بشكل علمي وعملي مع حقائق هذا الإعلام حتى لو كانت مؤلمة، وقد غدا للأسف مشرعا أمام كل من هب ودب، باسم حرية التعبير المكفولة دستوريا لكل المغاربة، وأرضية لإرساء دعائم هذا التحديث ثالثا، وفي كل ذلك نحتاج كما قلت دائما إلى الإرادة المعبر عنها اليوم من قبل وزارة الإتصال، والمجلس الوطني للصحافة والمعهد المتخصص في تكوين الإعلاميين، لكي نطرد كل ما علق بهذا الإعلام الرياضي من ممارسات مشينة واختراقات بشعة، ونجعله محصنا ضد كل الإختراقات والتسللات.

وسبيل الإعلام الرياضي إلى هذا الوضع المثالي الذي تفرضه تحديات واستحقاقات المغرب الكبيرة والإستراتيجية، هو تكاتف كل الشركاء والفاعلين والمتدخلين من أجل الإصطفاف وراء جبهة تعمل على علمنة وعقلنة ومهنية هذا الإعلام، ولن نجد أفضل من منتدانا هذا لنحقق ما بدا لبعضنا أو حتى جلنا مستحيلا، من فرط كثافة الأدخنة التي سادت الفضاء وعتمت الرؤية.