خلف التتويج هناك دروس
الثلاثاء 11 يوليوز 2023 - 14:28في أي شيء يسائلنا الإنجاز المزدوج الذي حققه المنتخب المغربي لأقل من 23 سنة وهو يقتطع تأشيرة العبور لدورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، ويتمكن من الفوز بأول لقب إفريقي لهذه الفئة العمرية؟
في الهيئة التي جاء بها هذا الإنجاز؟ لا أظن أن هناك من يشكك في استحقاقنا اللقب، وفي كون منتخبنا الوطني تمثل كل صور البطولية.
هل في حقيقة الرهانات والتطلعات من مشاركتنا القادمة في الألعاب الأولمبية بباريس؟ لن نختلف على أن عملا مضنيا ينتظر الطاقم التقني الوطني لتحضير هذا الجيل ليكون علامة مميزة في الأولمبياد القادم، وما نعرفه، أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تمتع كل منتخب وطني يقبل على رهان دولي أو قاري بكل الإمكانات اللوجيستيةلوضعه في أفضل صورة تحضير ممكنة.
عن حقيقة منظومة التكوين ببلادنا؟ هو هذا الذي يستنفرناجميعا، لنواجه أنفسنا بالحقائق، وأم هذه الحقائق أن هذا المنتخب الوطني المتوج بطلا لإفريقيا قليل من لاعبيه تكونوا بأكاديمية محمد السادس، وكثير من لاعبيه هم منتج خالص لسياسات تكوينية لأندية أوروبية، تبتعد عن أنديتنا كثيرا في مفهوم التكوين وقواعده والسبل المثلى لتنزيله.
وتدلنا المباراة النهائية التي وضعت في المواجهة المنتخبين المغربي والمصري، على وجهين مختلفين في صناعة الأمل والمستقبل، فالمنتخب المصري مشكل في عمومه من لاعبين تلقوا تكوينهم بأندية مصرية، وقد أبانوا خلال هذه المنافسة عن خامات تقنية محترمة، وخصوصا على فطنة وذكاء كبيرين في تنزيل الفكر التكتيكي لمدربهم، فيما تشكل المنتخب المغربي في غالبيته العظمى من لاعبين منحدرين أصلا من نواد أوروبية، وهذا يجبرنا على طرح سؤال التكوين بقوة على مشهدنا الكروي الوطني، بل إنه يفضح مجددا هشاشة منظومات وسياسات التكوين لدى أغلب الأندية الوطنية، إلا ما نذر.
نوهنا لشرطية مناسبات تتويج مختلف منتخباتنا الوطنية، بالعمل الكبير الذي تقوم به أكاديمية محمد السادس لكرة القدم في مقام أول، والأكاديميات الجهوية للجامعة في مقام ثان وهي حديثة العهد، ومراكز تكوين أندية قليلة جدا، منها الفتح الرياضي والجيش الملكي، لكن هل كل هذا يجيز لنا أن نغض الطرف عن أندية تستهين بالتكوين ولا تجعل منه ورشا أساسيا ولا تبدي في ذلك أي امتثال لأوامر الجامعة التي لطالما حشت دفاتر التحملات بضوابط صارمة لمشاتل التكوين؟
صحيح أن منتخباتنا الوطنية بلا استثناء، ستظل أبوابها مشرعة في وجوه مغاربة العالم، من لاعبين ولدوا ونشأوا وتكونوا في المهجر، فذاك حقهم الذي لا يحق لأحد أن يسلبه منهم، لكن هل تكفينا هذه الوفرة التي نحصل عليها من لاعبي المهجر، لكي نعامل أزمة التكوين ببلادنا وداخل أنديتنا باللامبالاة، ونحن أعلم الناس، بأن ذلك يمثل جناية في حق شباب هذا البلد وهدرا للطاقات ومصادرة للأحلام الكبيرة.
أتصور أن الدينامية التي تعرفها كرة القدم، والصحوة الملفتة التي تعيشها منتخباتنا السنية، تستوجب من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عبر إدارتها التقنية الوطنية، أن تغير اللهجة والمعاملة بل ومقاربة التكوين القاعدي بالمغرب، هناك حاجة لإعمال الصرامة في تنزيل القرارات والضوابط، فلا يعقل أن تنوب الجامعة عن الأندية في إيجاد الموارد وفي تكوين اللاعبين وفي صناعة المستقبل، وتتحول هي إلى مجرد مستهلك، يأخذ ولا يعطي.
لم تكن بي حاجة، لأن أفسد عليكم بهجة الإحتفال باللقب الإفريقي الذي عزز رصيد كرة القدم المغربية، لكن وراء كل بطولة هناك درس منه يجب أن نتعلم، ووراء كل تتويج إشارات لابد وأن نحسن التقاطها، وما علمتنا إياه بكأس إفريقيا لأقل من 23 سنة، أن التكوين عند أنديتنا، من دون حاجة لذكر الإستثناءات يوجد عند نقطة الصفر، ولو جازت المقارنة، لقلنا أننا فزنا على مصر وتوجنا بلقب الأمل، ولكن مصر تفوقت علينا في صناعة المستقبل.