فلكلورية أسود الدوحة
الجمعة 16 يونيو 2023 - 23:41ما حدث ويحدث مع المنتخب الوطني عبر كل هذه المسافة الزمنية التي أعقبت مونديال قطر، لا يستقيم والمنطق والحكامة المرفوعة كشعار، وهنا سيكون الساكت المراقب لهذا المشهد في «جبة» الشيطان الأخرس..
توجت الأرجنتين وعاشوا 7 أيام بلياليها الملاح، وانتظروا لغاية 29 مارس، حيث كان مقررا أن يواجه بطل العالم فريقنا الوطني في مباراة ودية، إلا أنهم أصروا وذلك من حقهم على خوضها في بوينس أيرس على ملعبهم الأسطوري «المونيمونتال»، بينما كان إصرار الركراكي والجامعة على الإحتفال هنا بإنجاز الدوحة بين الأنصار وفي الديار، فواجه الألبي سيليستي بناما، وواجه الأسود البرازيل في طنجة.
نحن هنا نناقش منتخبين صنفا ظاهرة مونديال قطر ومقاربة تعاطيهما مع غنيمة العرس القطري، ومعهما فرنسا بطلة العالم سابقا والتي احتفلت ببرودها التقليدي بديكتها يوم عادوا بمركز الوصيف، وانتهت القصة عند ساحة الكونكورد، بينما كرواتيا الثالثة بدورها عاشت صخب الإحتفال برفاق المهندس مودريش وقضي الأمر المفعول بأن طويت «أيام الباكور» في الساحة الرئيسية للعاصمة زغرب وانفض الجمع.
عندنا بدت الأمور مغايرة تماما، فبعد مرور 7 أشهر ونيف، ما يزال عسل وترياق وشهد قطر يقطر.. لم نستطع التحلل ولا التخلص من هذا المسك بعد..
لن نخوض في زيارة المركب السجني، ولا دور الأيتام ولا التواجد في معقل ذوو الهمم الخاصة، لما حملته كافة هذه المبادرات من تجليات طافحة بالأبعاد الإنسانية، ولا برمزيتها التي نفذت لسويداء القلوب وضاعفت من مكانة هؤلاء اللاعبين بين جماهير الفريق الوطني، وإنما ما حدث مؤخرا من ظهور «مول النية» ولاعبيه في معرض الكتاب، ولاحقا يتابعون البتوريدة والفنطازيا بدار السلام وباقي الضيافات الأخرى لوجوه سياسية ظهرت في المشهد والصورة.
قد يقول قائل، هذا المنتخب كان استثناء في تاريخ الكرة المغربية، ولا ضير أن يعرف بنفس الإستثناء بهذه المبادرات، لكن قائل آخر يتحلى بالبراغماتية والموضوعية سيرد بأن «فلكرة هذا المنتخب» من الفولكور، لا تليق بمنطق الإحتراف والسمعة والقيمة التي أصبح عليها زياش وبقية الرفاق.
باعث هذا النقاش، هو الخوف من استحلاء تمديد وقت وهامش الإحتفال بما حدث في قطر، ويتكرر معنا ما حدث مع بلماضي وثعالبه بعد التتويج بالكان، إذ عاش الخضر عاما لاحقا من التكريمات بالداخل والخارج، وبعد أن استفاقوا وجدوا أنفسهم خارج دور المجموعات في نسخة الكامرون بل وخارج كبار إفريقيا في مونديال قطر، ليعترف بلماضي بلسانه أنه أساء تدبير إنجاز التتويج في مصر بالعيش على أطلال ملاعب القاهرة والسلام والنوم في العسل، ليستفيق على قطران «إيكامبي».
نعود للأرجنتين، فقد طوى الطانغو صفحة الدوحة باكتساحهم البوديوم فرديا وجماعيا، نالوا كأس العالم وجوائز أفضل لاعب وحارس ولاعب واعد وأفضل جمهور، لغاية استحواذهم على «البشت» القطري الذي إلتحفه ميسي بالبوديوم، فهل هم لغاية ومنا هذا محتلفون أكيد الجواب: لا؟
هم اليوم يخططون للإحتفاظ بالكوبا في أمريكا، مثلما انفض جمع الفرنسيين ويتهيأون لأمم أوروبا، وبما أننا صرنا من صفوة هؤلاء القوم، وبما أن وليد راغب في التتويج بالكان، ومثلما أنه هدد عرش كبار الكرة عالميا بتكرار ملحمة الدوحة في بلاد العم سام، فإننا نأمل محاكاتهم في احترافيتهم، في براغماتية التعاطي مع الإنجاز دون بهرجة ولا استعرض ولا حتى فولكلور.
بعد المونديال، غادرت فرق بركان والرجاء والجيش المولد الافريقي مبكرا، خسر الوداد العصبة، خسرنا لقب الفتيان، ولأول مرة تعادل وليد مرتين بالأصفار، هذا هو الإنذار في تقديري المتواضع، فلنحافظ إذن على رأس مال وكلمة سر نجاحنا وهي «النية»..