ADVERTISEMENTS

مغرب العقل والعظمة والقوة

محمد فؤاد الأربعاء 22 مارس 2023 - 11:47
محمد فؤاد - شمس الحقيقة

حتى لا ننسى التاريخ القريب، قبل أربع سنوات، كان جلالة الملك محمد السادس نصره الله قد استقبل رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز باعتبار إسبانيا أول حليف أوروبي وأول شريك تجاري للمملكة، وكان أُثناءها رئيس الحكومة الإسبانية قد أكد على أن الجانبين قررا تنظيم أول منتدى إقتصادي مغربي إسباني، كما اقترح على مسؤولي المملكة إضافة إلى البرتغال التقدم ملف ترشيح مشترك لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030. وهنا بيت القصيد لتراكم الأحداث، حيث بات منطق الأشياء يؤرخ للسياقات التاريخية التي استهل بها التنظيم المشترك وقتها ليتجسد اليوم على أرض الواقع من خلال رسالة جلالة الملك التي وجهها لـ«كاف» بمناسبة تسلم جائزة التميز لسنة 2022 من الإتحاد الإفريقي لكرة القدم، والتي منحت لجلالته بكيغالي عاصمة رواندا قال في فقرتها الأخيرة:   
«من هذا المنطلق، أعلن أمام جمعكم هذا، أن المملكة المغربية قد قررت بمعية إسبانيا والبرتغال، تقديم ترشيح مشترك لتنظيم كأس العالم لسنة 2030، وسيحمل هذا الترشيح، الذي يعد سابقة في تاريخ كرة القدم، عنوان الربط بين إفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الإفريقية والعالم العربي والفضاء الأورو متوسطي. كما سيجسد أسمى معاني الإلتئام حول أفضل ما لدى هذا الجانب أو ذاك، وينتصب شاهدا على تضافر جهود العبقرية والإبداع وتكامل الخبرات والإمكانات.»
وهنا نقرأ التفاصيل المهمة للحدث الكوني على أنه موضوع جذبته الأنظار لسنوات قليلة من الإعلان عنه اليوم بشكل رسمي مع إسبانيا والبرتغال ليكون ملفا قائما بالذات ومبنيا على استراتيجية موحدة بين الأطراف الثلاثة، ولا سيما من إسبانيا التي أصبحت اليوم الحليف الأقوى للمغرب في المنطقة على كل المستويات، ونحن نعرف كل السياقات التي أعادت العلاقة بين المغرب وإسبانيا في ظروفها السياسية المتشنجة سابقا. ما يعني أن طبخة المثلث الأوروبي الافريقي المغربي فرضها واقع القراءة الحصيفة لسياسة الجوار اولا وسياسة التقارب الثقافي والحضاري والاقتصادي والتجاري والسياحوالرياضي ثانيا، وسياسة البعد التنموي بين إسبانيا والمغرب كأقرب منطقة في التعايش والتبادل الأورو متوسطي مثلما هو الربط بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي. وفي ذلك أكبر الرسائل التي ستدفع إسبانيا والبرتغال إلى التمتع بالمصلحة الكبرى للمغرب على أنه دولة قوية لها حلفاء وسمعة عالمية في كل القضايا فضلا عن جاذبية المغرب في جمع الأصوات التي ستدفع بالملف التنظيمي لكأس العالم إلى أقوى الأرقام التي لا ينتظرها الإسبان والبرتغال على حد سواء. 
ولذلك، لن ندخل أبدا في إسقاط ملف أوكرانيا الذي كان طرفا ثالثا في عملية التشارك، لكون سيرورة مسار الحرب المعلنة عليها، تبقى اليوم في الركن المنسي لتنظيم كأس العالم، وهي اليوم مدمرة ومخربة إقتصاديا وبنيويا وحتى إنسانيا. وهنا كان لزاما على إسبانيا التي دعت المغرب في وقت سابق للتنظيم المشترك، أن تنفذ المسطرة إلى واقع، وتتأكد من أن لغة المصالح المشتركة قربا وجوارا وتعايشا وجذبا للأصوات لن يكون إلا على قوة المغرب. وهذا ما حدث بالضبط للوقوف كمنافس على الملف الرباعي لأمريكا اللاتينية البارغواي والأوروغواي والأرجنتين الذي قدم كشعار له هو الذكرى المائوية لتنظيم الأوروغواي أول كأس عالمية عام 1930، ما يعني أن جاذبية هذا الترشيح اللاتيني يبدو هو الأقوى على مستوى جذب الكثير من الأصوات عكس الملف الثنائي بين إسبانيا والبرتغال قبل أن يدخل المغرب حيز تقوية أكتاف إسبانيا والبرتغال بإعلان صاحب الجلالة على الترشيح المشترك مع إسبانيا والبرتغال، وهو ما ترجم على أرض الواقع قبولا وترحابا كبيرا من الدولتين بأسرع جواب عن المثلث القوي لمنافسة ملف أمريكا اللاتينية قراءة وبعدا وأرقاما لكون المغرب، لا يلعب مع الصغار، بل هو دولة عظمى لا تقبل اللعب إلا مع الكبار.     
والظاهر أن الملف اكتمل من جوانب عدة أولها القرب الجغرافي وتقارب الحضارات والثقافات بحكم أن المغرب كان له امتداد بالأندلس، فضلا عن مشروع تقارب جديد للمستقبل القريب ببناء أقوى نفق بحري بين المغرب وإسبانيا، بل وحتى في امتياز ظروف التنقل واستقرار المناخ والأمن الإستراتيجي بين البلدين، كما سيضمن المغرب عشرات الأصوات من إفريقيا (54 بلدا) والأصوات العربية وأمريكا ومن يحيط بها إسوة بالعلاقة الوطيدة التي تجعل “فيفا” في صف المغرب من خلال تنظيمه لمونديال الأندية مترتين فضلا عن بنياته التحتية من المستوى العالي وقيمة المغربية العالمية كمنتخب وصل لأول مرة في تاريخ إفريقيا والعالم إلى نصف النهائي. وهنا ستربح إسبانيا والبرتغال والمغرب كل شيء علائقيا ومصلحيا وتنمويا وأمنيا وسياحيا واستراتيجيا مما سيحدث خلال السنوات السبع المقبلة من تزايد التنمية الشاملة للمغرب بينه وبين أوروبا وليس إسبانيا فحسب، وكذا لجعل القارة الإفريقية  معبرا للتدفق الإقتصادي والتجاري ووو. 

 

تنبيه هام

تؤكد «المنتخب» أنها تمنع منعا باتا استنساخ أو نقل أو نشر مواضيع أو صور منقولة من نسختها الورقية أو من موقعها الإلكتروني سواء بشكل كلي أو جزئي، أو ترجمتها إلى لغات أخرى بهدف نقلها إلى الجمهور عبر أي وسيلة من وسائل النشر الإلكترونية أو الورقية… وكل مخالف لذلك سيعرض نفسه للمتابعة أمام القضاء وفق القوانين الجاري بها العمل.

ADVERTISEMENTS
مواضيع ذات صلة
ADVERTISEMENTS